هيئة الانتخابات في العراق تجاري الحشد الشعبي وتعيد العد يدويا مرة أخرى

تحالف الفتح يعد نفسه بتغير فارق في نتائج الانتخابات.
الثلاثاء 2021/11/23
أوهام تسكن هادي العامري بتغيير الواقع الانتخابي

قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات العراقية بإعادة العد والفرز اليدوي لا يعدو كونه محاولة لمجاراة القوى الخاسرة التي صعدت من ضغوطها في الفترة الأخيرة على المفوضية على أمل تذليل الفارق مع القوى المتصدرة لنتائج الاستحقاق.

بغداد - أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في العراق أنها ستبدأ بعملية جديدة لإعادة العد والفرز اليدوي، في ما بدا مجاراة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران، دون توقعات كبيرة بإمكانية حدوث تغييرات جوهرية على مستوى النتائج.

وتمارس القوى الخاسرة في الانتخابات ولاسيما الميليشيات الموالية لإيران ضغوطا كبيرة على المفوضية العليا على أمل تذليل الفارق مع القوى المتصدرة، وبالتالي تحسين موقعها التفاوضي عند البدء الجدي في بحث تشكيل حكومة جديدة.

واستعرض مجلس المفوضين في المفوضية الاثنين آخر مستجدات العملية الانتخابية، بعد أن تم النظر في كافة الطعون المرسلة إلى الهيئة القضائية للانتخابات البالغ عددها 1436 طعنا.

وأوضح المجلس في بيان “لقد وردت في آخر القرارات الصادرة عن الهيئة، والتي تضمنت 1415 قرارا برد طعون المرشحين، ونقض 21 قرارا لمجلس المفوضين، و15 قرارا كان لأسباب إجرائية ترتب على إثرها إلزام المفوضية بإعادة العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها، والبقية وعددها ستة قرارات كان قبول الطعن فيها لأسباب قانونية وفنية ترتب على إثرها إلغاء نتائج بعض مراكز الاقتراع”.

وكانت النتائج الأولية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي ولاقت إشادات دولية بنزاهتها، قد أفرزت تغيرا في موازين القوى لاسيما داخل المكون الشيعي.

وتصدرت الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر النتائج بأكثر من 70 مقعدا، فيما تكبدت القوى الشيعية المنافسة وفي مقدمتها تحالف الفتح خسارة ثقيلة، حيث لم يحصل سوى على 16 مقعدا من إجمالي 329 مقعدا بالبرلمان، في حين كان تحصل في الانتخابات الماضية على 48 مقعدا.

مقتدى الصدر: ضغوط سياسية وأمنية تتعرض لها هيئة الانتخابات

ولم تقبل الفصائل الممثلة للحشد الشعبي والقريبة منه النتائج واتهمت المفوضية العليا والحكومة وممثلة الأمم المتحدة جنين بلاسخارت بممارسة عمليات تزوير واسعة، وسعت تلك الفصائل للضغط من خلال حشد أنصارها، والتلويح بخطوات تصعيدية أخرى في حال لم يتم إعادة النظر في كافة الدوائر الانتخابية.

وذهبت بعض هذه الفصائل حد محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عبر طائرة مسيرة استهدفت مقر إقامته في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد.

ويرى مراقبون أن قرار المفوضية العليا بإعادة الفرز اليدوي مجددا تندرج في سياق محاولة امتصاص ردود فعل الميليشيات، مستبعدين أن تحدث هذه العملية تغيرا كبيرا في الموازين على خلاف ما تأمل تلك الميليشيات.

ويشير المراقبون إلى أن محاولة الدفع نحو إعادة الانتخابات أو فرض إعادة الفرز في جميع الدوائر هي بيد المحكمة الاتحادية التي سبق وأن أكدت أنها لم ترصد أي أدلة ثابتة عن عمليات تزوير حصلت.

وتوقع تحالف الفتح الاثنين “تغيرا فارقا” في نتائج الانتخابات مع إلغاء نتائج 18 في المئة من مراكز الاقتراع. وقال رئيس التحالف هادي العامري خلال لقائه مع رئيس الجبهة التركمانية حسن تورهان في بغداد إن “قرارات الهيئة القضائية ببطلان بعض المحطات الانتخابية التي لم تغلق في التوقيت المحدد (الساعة 15:00 ت.غ) سيؤدي إلى بطلان أكثر من 6 آلاف محطة اقتراع”.

وأضاف “كما ألغيت ما يقارب 4 آلاف محطة بسبب وجود بصمات متكررة، ما يعني أن 10 آلاف محطة سيتم إلغاء نتائجها، وهو ما يشكل 18 في المئة من مجموع المحطات بالعراق التي يبلغ عددها 55 ألف محطة”. وأوضح “هذه الأرقام مؤثرة ومن شأنها أن تحدث تغيرا فارقا وجذريا في نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة”.

وكانت الهيئة القضائية للمفوضية أعلنت الخميس فوز ثمانية مرشحين من الإطار التنسيقي، وسط توقعات بأن تنضاف إليه مقاعد جديدة لكن دون أن يعني ذلك تغييرا كبيرا في النتائج.

وحذر زعيم التيار الصدري في وقت سابق من محاولات تغيير نتائج الانتخابات، وقال مقتدى الصدر إن مفوضية الانتخابات تتعرض لـ”ضغوط سياسية وأمنية”.

وأكد في بيان نشره في حسابه عبر تويتر على “نزاهة عمل المفوضية المستقلة للانتخابات ودقة مهنيتها في كل تفاصيل عملها”. وأعرب عن رفضه للتدخل في عمل هذه المفوضية، مؤكدا ضرورة الحفاظ على سلامة أفرادها والمنتمين إليها.

وأضاف “ندين ونشجب كل الضغوطات السياسية والأمنية التي تتعرض لها المفوضية من أول يوم من عملها وإلى يومنا هذا”، متهما أطرافا لم يسمها بمحاولة تغيير نتائج الانتخابات حتى تتمكن من “مجاراة الكتلة الأكبر لتتمكن من تعطيل حكومة الأغلبية التي استاءت من بوادر إشراقتها”.

وتشكل الانتخابات الأخيرة فرصة كبيرة للتيار الصدري للتفرد بقيادة دفة العملية السياسية في العراق، وتعكس إطلالات الصدر المتكررة في الفترة الأخيرة تمسكه بعدم تفويت هذه الفرصة، ولكن لا يمكن التكهن بمدى قدرته على الصمود في ظل الإكراهات الحالية المتمثلة أساسا في استعداد القوى المقابلة لتجاوز جميع الخطوط الحمراء من أجل ضمان بقائها في المشهد.

3