توسع دائرة المعارك ينذر بأتون حرب أهلية في إثيوبيا

نيروبي - يثير توسع دائرة المعارك بين القوات الإثيوبية ومتمردي تيغراي مع إصرار رئيس الوزراء آبي أحمد على الحلول العسكرية والتعبئة ضد المتمردين، المخاوف من تدحرج البلاد نحو حرب أهلية.
وأفاد سكّان في كومبولشا في شمال إثيوبيا عن احتدام المعارك في محيط المدينة الاستراتيجية بين القوات الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي التي أعلنت الأحد السيطرة عليها غداة إعلانها انتزاع ديسي.
وتُعدّ هاتان المدينتان المجاورتان لأمهرة جنوب تيغراي استراتيجيتين وتقعان على بعد نحو 400 كيلومتر شمال العاصمة الإثيوبية أديس أبابا و300 كيلومتر غرب جيبوتي.
وإذا تأكدت السيطرة عليهما، فسيكون ذلك بمثابة مرحلة رئيسية جديدة في الصراع الذي استمر عاما.
وذكر سكّان في كومبولشا في اتصال مع وكالة فرانس برس سماعهم طلقات نارية متواصلة حتى ساعات الصباح الأولى، فيما أكّد آخرون أنهم سمعوا صوت غارة جوية.
وقال محمّد الذي فضّل عدم ذكر كنيته، مثل سكان آخرين لأسباب أمنية، “شهدنا الليلة على إطلاق نار كثيف”، مضيفا أنه سمع “غارة جوية بعد منتصف الليل خارج حدود كومبولشا”.
وأفاد التاجر حمديو أيضا عن سماعه ما يشبه غارة جوية في منتصف الليل، بالإضافة إلى “إطلاق نار كثيف حتّى صباح اليوم”.
وأثارت التطورات العسكرية قلقا دوليا، أمام مخاوف من عودة البلاد إلى مربع العنف.
وغرّد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الاثنين “إن الولايات المتحدة قلقة من التقارير التي تتحدث عن سيطرة جبهة تحرير شعب تيغراي”، داعيا “كل الأطراف إلى وقف العمليات العسكرية وبدء مفاوضات وقف إطلاق النار دون شروط مسبقة”.
وعادت منذ يونيو الماضي الشرارة إلى النزاع في تيغراي الذي بدأ في نوفمبر 2020 حين أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش إلى الإقليم للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي الحاكمة محليا، مبررا العملية بأنّها ردّ على استهداف قوات الجبهة معسكرات للجيش الفدرالي.
لكنّ المتمردين استعادوا السيطرة على معظم المنطقة في يونيو وأجبروا القوات الإثيوبية على الانسحاب إلى حد كبير. وواصلوا هجومهم في مناطق أمهرة وعفر المجاورة.
وأثارت عمليات القصف انتقادات دولية وعرقلت وصول منظمات الأمم المتحدة إلى المنطقة حيث يواجه نحو 400 ألف شخص ظروفا أشبه بالمجاعة في ظل حصار مفروض بحكم الأمر الواقع.
وأدى انتشار القتال في عفر وأمهرة إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، ما زاد من المحنة الإنسانية. وقدرت سلطات أمهرة أن ما لا يقل عن 233 ألف مدني فروا من تقدم المتمردين في سبتمبر ووجدوا ملجأ في ديسي وكومبولشا.
ورغم تداعيات النزاع الأمنية والإنسانية، إلا أن آبي أحمد حث الإثيوبيين في رسالة نشرها على فيسبوك على استخدام “أي سلاح ممكن لصدّ جبهة تحرير شعب تيغراي وإسقاطها ودفنها”، في خطوة تهدد بتفاقم الصراع يمكن أن يمزق دولة كانت تعتبر في وقت من الأوقات حليفا للغرب ينعم بالاستقرار في منطقة مضطربة.
وشدّد على أن “الموت من أجل إثيوبيا هو واجب علينا جميعا”، مرددا الدعوة التي أطلقتها حكومة أمهرة المحلية لتعبئة السكان من أجل الدفاع عن أراضيهم.
ويجدد آبي أحمد مرارا منذ بداية الأزمة دعوته إلى التعبئة العامة في أقاليم الأمهرة والأمم والقوميات والشعوب الجنوبية وإقليم سيداما والعفر وأورومو.
ويستنتج متابعون أن نجاح المتمردين في تيغراي في عقد تحالفات عسكرية مع أقاليم أخرى زاد من تعقيد مهمة رئيس الوزراء الإثيوبي في محاربته للتمرّد منذ بداية حملته في نوفمبر من العام الماضي.
ولا تعد جبهة تحرير تيغراي الوحيدة التي تخوض تمردا ضد حكومة آبي أحمد، بل هناك حركات مسلحة تنتمي إلى عرقيات مختلفة تسعى للانفصال عن العاصمة أديس أبابا.