أبعد من السماح بالكحول: نيوم تخلق بيئة جاذبة لاستقطاب الكفاءات

الرياض – ينظر السعوديون إلى السماح بتناول المشروبات الكحولية في مدينة نيوم على أنه ضرورة لتسهيل استقطاب العمالة فائقة المهارة في المدينة العملاقة التي تخطط المملكة لأن تجعلها قبلة لشركات التكنولوجيا ومقصدا ترفيهيا إقليميا ودوليا.
وتعد نيوم التي يجري بناؤها على ساحل البحر الأحمر في غرب المملكة جزءا من خطة “رؤية 2030” لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وستعمل بموجب قانون تأسيسي خاص بها لا يزال قيد الصياغة.
ويقول متابعون للشأن السعودي إن مدينة نيوم ستكون مفتوحة للأجانب على نطاق واسع، ما يجعل السلطات تسمح بالمزيد من الانفتاح فيها دون أن يمس ذلك من تقاليد المملكة، مشيرين إلى أن المشاريع الاقتصادية والسياحية العملاقة تحتاج إلى مناخ إيجابي لاستقطاب المستثمرين والشركات الكبرى.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة نيوم القابضة للعلوم التقنية والرقمية جوزيف برادلي إنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كان القانون سيسمح بتناول المشروبات الكحولية، لكنّ “الجميع يتفهّمون” -وفق رأيه- أن المدينة تسعى لجذب السياح والمواهب الأجنبية المختلفة.
وذكر برادلي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية على هامش مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض “نُسأل كثيرا عما إذا كان الكحول سيصبح مسموحا به هناك؟”، مضيفا “لكي نكون واضحين من المفترض أن تكون نيوم قادرة على المنافسة. نريد أن يأتي الأفضل والأكثر ذكاءً في العالم إلى نيوم. ومن أجل القيام بذلك عليك أن تكون الأفضل”. وأضاف “نعتزم جذب أكثر القوى العاملة تنوعًا وأكثرها موهبة، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لجذب تلك القوى”.
ويعتقد المتابعون أن مدينة نيوم ستكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرة السعودية على بناء انفتاح متعدد الأوجه يمكّنها من أن تصبح قبلة للمستثمرين والسياح، كما ستمثل اختبارا لقدرة مسار الإصلاح في المملكة على أن يكون شاملا، وأن يتخلص من تأثير القوى المتشددة التي أساءت إلى صورة السعودية، لافتين إلى أن الشباب في السعودية أظهروا استعدادا للانفتاح، وهذا تأكيد على أن المجتمع السعودي جاهز لدخول المرحلة الجديدة.
ومنذ أن تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة الثرية إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية، فقد سمح للنساء بقيادة السيارة وبتنظيم الحفلات الغنائية، ووضع حدّا لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء.
كما تم التراجع عن أحكام قضائية تلاقي ردود فعل سلبية في الغرب مثل إعدام القصر الذي تم التراجع عنه لإظهار أن هناك تقدما مهما في إصلاح النظام القانوني وفي تعزيز حقوق الإنسان في المملكة، كما جاء في تصريحات سابقة لعواد العواد رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية.
وترافقت هذه الإصلاحات الاجتماعية مع تحوّل اقتصادي بهدف تنويع موارد الاقتصاد السعودي المرتهن للنفط.
وشرعت السعودية في إصدار تأشيرات سياحية واستضافت فعاليّات رياضية وترفيهية، كما تروّج للرياض كمركز أعمال رئيسي في الخليج، ما فتح باب المنافسة مع جيرانها وخصوصا دبي.
ومطلع الشهر الجاري ذكر مسؤول سعودي أنّ السماح بتناول الكحول بشكل محدود في مناطق محددة أو للأجانب فقط كان محل نقاش لفترة طويلة على أعلى مستوى، معتبرا أن الموضوع “حسّاس”، وأشار إلى أنّ السلطات تخشى “ردة فعل اجتماعية”.
وقال برادلي إن نيوم التي ستضم روبوتات وستجري تجارب على سيارات أجرة محمولة جوّا، تسعى للترحيب بأول أعمالها والمقيمين بحلول عام 2025.
وأوضح أن مجلس إدارة نيوم يفترض أن يوافق على القانون التأسيسي الذي وضعه محامون دوليون و”خبراء من جميع أنحاء العالم” خلال عام إلى عامين.
ويرأس الأمير محمد بن سلمان هذا المشروع الواعد الذي يسعى لجذب استثمارات تقدّر بـ500 مليار دولار. وقال برادلي “يمكنني أن أخبرك بوضوح تامّ أن الجميع يتفهم أننا سنضع قانونًا تأسيسيّا يجذب سوق السياحة، ويجذب سوق التكنولوجيا، ويجذب سوق التصنيع”.