المهاجرون على حدود بولندا وبيلاروس كرة يتقاذفها الجانبان

مينسك ترفض السماح للمهاجرين بالعودة إلى أراضيها والسفر جوا إلى ديارهم، فيما ترفض وارسو السماح لهم بالعبور وتقديم طلبات لجوء ويبعدونهم إلى بيلاروس.
الجمعة 2021/10/29
منظمات ونشطاء يجدون طرقا للمساعدة

ميخالوفو (بولندا) - تشهد الحدود بين بولندا وبيلاروس وضعا صعبا ينذر بكارثة إنسانية، بوجود الآلاف من المهاجرين العالقين في البرد والغابات المبللة بالمطر، ورغم أن عمال منظمات غير حكومية وأطباء وسياسيين ومواطنين عاديين يجدون طرقا لمساعدتهم، إلا أن زيادة الأعداد تجعل المهمة صعبة.

ويبتسم طفل سوري ملتحّفا بكيس النوم مفترشا الأرض بغابة في بولندا، عندما تقترب منه ناشطة بولندية حاملة معها دمية محشوة تضعها على صدره، قبل أن تلتفت إلى الوالدة وتمسك بيدها وتسألها “هل كل شيء على ما يرام؟”.

والعائلة مكوّنة من أربعة أفراد أمضوا أسبوعا في البرد والغابات المبللة بالمطر بين بيلاروس وبولندا، وهم من الآلاف من المهاجرين الذين حاولوا دخول الاتحاد الأوروبي منذ الصيف.

وبعد أن انطلقت العائلة في رحلة طلبا لعلاج ابنها المصاب بشلل دماغي، تقول الوالدة آلاء المسيني إنهم وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف عالقين بين بيلاروس وبولندا.

وتوضح الأم البالغة 25 عاما أن الجنود البيلاروسيين “أبلغونا بأنه علينا الاختيار بين الموت أو بولندا”. وكانت تتحدث تحت أشجار الصنوبر على مقربة من بلدة كليشتيله البولندية.

وتضيف “توجهنا إلى الحدود البولندية طلبا لمساعدة الجيش، وطلبنا العبور لأن الأطفال كانوا يشعرون بالجوع والمرض والبرد، لكنهم قالوا لنا عودوا إلى سوريا”.

ماريسيا زلونكيفيتش: من المهم جدا أن نظهر للمهاجرين على الحدود التضامن والدفء البشري، وبأنهم ليسوا وحيدين

وأمام خيارين كلاهما صعب، اتصلت العائلة بنشطاء بولنديين من “غروبا غرانيتسا” (مجموعة الحدود) التي يتداول المهاجرون أرقام التواصل معها.

ووصل المتطوعون حاملين معهم ملابس جافة وطعاما، وقدموا المساعدة القانونية وأصغوا عندما وصل الحراس.

وقالت ماريسيا زلونكيفيتش، إحدى ناشطات غروبا غرانيتسا “من المهم جدا أن نظهر لهم التضامن والدفء البشري، وبأنهم ليسوا وحيدين”.

وأوضحت بأن “العديد من الناس يتصلون. كثيرون يريدون المجيء إلى هنا والمساعدة في البحث في الغابات عن أشخاص بحاجة إلى دعمنا، إن كان وجبة ساخنة أو ماء أو ملابس دافئة”.

وتقدر مجموعة النشطاء أن هناك المئات من المهاجرين على الجانب البولندي والآلاف على الحدود البيلاروسية، غالبيتهم يتم تقاذفهم “مثل كرة”، وفق زلوكيفيتش.

وكانت وارسو قد أعلنت حالة الطوارئ على حدودها الشرقية في أغسطس الماضي، حيث بدأت أعداد كبيرة من المهاجرين في دخول البلاد من حدود بيلاروسيا. حينها اعتبرت بروكسل، أن مينسك تحاول استخدام المهاجرين للضغط على الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات.

يقول مهاجرون إن الجانب البيلاروسي يرفض السماح لهم بالعودة إلى مينسك والسفر جوا إلى ديارهم، فيما يرفض البولنديون السماح لهم بالعبور وتقديم طلبات لجوء ويبعدونهم إلى بيلاروس.

واتبعت الحكومة البولندية تدابير صارمة مثل إبعاد المهاجرين وفرض تدابير طوارئ تحظر على الصحافيين وعمال الإغاثة التوجه إلى المنطقة الحدودية المباشرة. وتعتزم أيضا إقامة جدار حدودي.

ولقي العديد من المهاجرين حتفهم خلال محاولة العبور، فيما أفاد حرس الحدود عن قيام مهاجرين بإلقاء حجارة وقضبان باتجاه قوات الأمن.

وصفت مجموعة “أطباء على الحدود” الوضع بأنه “دراماتيكي”. وقال منسق المجموعة ياكوب شيتشكو إن النشطاء وجدوا مهاجرين يعانون من “التعرض لعوامل الطبيعة والجفاف وسوء التغذية”.

وأضاف “في العديد من الحالات كانت حياة الناس معرضة لخطر مباشر”.

وتابع “مع الأسف فإن الحظر المفروض على المنطقة يعني أن ليس بإمكاننا الدخول رغم أن المنطقة تواجه كارثة إنسانية”.

وتواجه مجموعة “السامري الصالح” غرامات واعتقالات بسبب المغامرة في التوجه إلى المنطقة الحدودية. وعدد قليل من المواطنين المقيمين في المنطقة المحظورة، والذين وقع استثناؤهم من قرار الحظر، انضموا إلى تلك الجهود. وأفاد أحد المواطنين بأن الوضع أشبه “قليلا بحرب”.

وأضاف “في بعض الأماكن هناك مواقع عسكرية عند كل مئة متر. وهي مواقع للتخييم مع خيم ونار”.

وقالت حارسة قرب كليشتيله إنها شاهدت مع زميلة لها “مأساة” المهاجرين وحاولت مساعدتهم. وأكدت فيما بدت عليها علامات التأثر “لا يمكننا أن نؤذي أحدا”.

واحتلت بلدة ميخالوفو عناوين الإعلام عندما أعاد حراس حدود مجموعة من الأطفال والنساء المهاجرين إلى الغابات رغم مناشدات لمنحهم اللجوء.

5