المركزي الليبي يستعين بالتجربة الفرنسية لتحسين خدماته المالية

القطاع المصرفي في ليبيا يعاني من الترهل والانقسام حيث لم يكن متطورا بما فيه الكفاية نتيجة لامبالاة السلطات النقدية قبل الحرب وبعدها.
الجمعة 2021/10/29
اللجوء إلى تجارب عالمية بات ضروري

طرابلس - فرضت التحديات التي تعترض مصرف ليبيا المركزي على مجلس إدارة البنك الاستعانة بخبرات فرنسية لكسب تحدي الشمول المالي لتطوير الخدمات المالية بعد أن عانى هذا الكيان من انعكاسات الحرب التي شهدتها البلاد.

وذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أن محافظ المركزي في طرابلس الصديق الكبير اجتمع مع أعضاء من مؤسسة خبراء فرنسا يتقدمهم الرئيس التنفيذي جيرمي بولي وفريق الدعم الفني المرافق له، بحضور خوسيه أليغري نائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا.

ووفق منشور على صفحة المركزي على فيسبوك قال الكبير أثناء الاجتماع إنه “من الضروري ضبط آليات عمل التكنولوجيا المالية، وتطوير عمل مركز المعلومات الائتمانية ومشروعات التمويلات متناهية الصغر”.

ويعتقد خبراء أن السلطات النقدية الليبية عليها الاعتماد ليس على التجربة الفرنسية فقط، بل يجب اللجوء إلى تجارب عالمية أخرى والاستعانة أيضا بمشورات فنية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حتى تنجح في مساعيها.

ويعاني القطاع المصرفي في ليبيا من الترهل والانقسام حيث لم يكن متطورا بما فيه الكفاية نتيجة لامبالاة السلطات النقدية قبل الحرب وبعدها بسبب إدمان البلد على ريع النفط.

وعرى تفجر الأزمة السياسية واندلاع الحرب عقب الإطاحة بمعمر القذافي قمة جبل مشكلاته المزمنة وأظهرت ضعف دوره وتجلت بوضوح مع انقسام المركزي.

وفي دليل على ذلك، تجد الشركات والأفراد حتى الآن صعوبات في إجراء المعاملات المالية الأساسية، وهو ما يسلط الأضواء على استمرار الخلل ويكشف أن وقف الخلافات على مصادر القوة الاقتصادية بين الأطراف المتنافسة يبدو أمرا صعبا.

وكان اجتماع مجلس إدارة المركزي، بشقيه الأول في طرابلس والثاني مواز بمدينة البيضاء شرق البلاد الذي يرأسه علي الحبري، بكامل هيئته في ديسمبر الماضي لأول مرة منذ 6 سنوات لتوحيد سعر صرف الدينار الذي فقد قرابة 70 في المئة من قيمته منذ اندلاع الأزمة علامة على أن ثمة ما يدعو إلى التفاؤل بأن توحيد المركزي بات مسألة وقت.

وفي أواخر العام الماضي وبمساعدة من الأمم المتحدة تم وضع اللمسات الأخيرة على عقد مع شركة ديلويت للمحاسبة الدولية لإجراء المراجعة المالية للمؤسسات التي انقسمت في أعقاب انقسام ليبيا منذ 2014.

وفي يوليو الماضي تسلم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة نسخة من تقرير المراجعة من مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا يان كوبيش. وقال في ذلك الوقت إن “توحيد المركزي هدف لا بد من تحقيقه، وبأسرع وقت ممكن”.

الصديق الكبير: نحتاج إلى ضبط آليات عمل التكنولوجيا المالية وتطوير الائتمان
الصديق الكبير: نحتاج إلى ضبط آليات عمل التكنولوجيا المالية وتطوير الائتمان

ومع ذلك، تؤكد المؤشرات أن مسار توحيد الاقتصاد الليبي لا يزال يواجه العراقيل بسبب عدم الاتفاق بشكل واضح على إنهاء انقسام المؤسسات السيادية على الرغم من المبادرات المطروحة، وفي مقدمتها المركزي الذي من المفترض أن يكون أحد أركان بناء اقتصاد البلد النفطي ومن أهم المحركات الأساسية للتنمية.

وقبل الاتفاق على إنهاء الحرب عانى الليبيون وأصحاب الأعمال من مشكلة الحصول على السيولة من البنوك التي لا تزال تتخبط تحت وطأة الانقسام، مما يبقي الاقتصاد المعتمد على الريع النفطي في دائرة الخطر جراء الشلل التام الذي يضرب كافة القطاعات.

وتشير بيانات اتحاد المصارف العربية المنشورة على منصته الإلكترونية إلى أن النظام المصرفي الليبي يضم 38 مؤسسة مالية أكثر من نصفها أجنبية.

وتتوزع المؤسسات المصرفية بين 16 بنكا محليا منها المصرف الليبي الخارجي ومصرف الوحدة، و14 بنكا عربيا منها المؤسسة العربية المصرفية البحرينية ومصرف بيرايوس المصري، إلى جانب 8 مصارف أجنبية أبرزها أتش.أس.بي.سي البريطاني.

ونتيجة لحالة التخبط القائمة فإن الخبراء يجمعون على أنه من الصعب تحديد حجم المعاملات السنوية لتلك المصارف، كما أنه لا توجد بيانات دورية رسمية تشير إلى كيفية تحرك أموالها أو الأرباح التي تجنيها إن وجدت.

ووفق تقرير أصدره البنك الدولي نهاية 2020 لا يزال المركزي على الرغم ممّا مر به من صعوبات على المستويين الإداري والمالي المساهم الأكبر في البنوك المملوكة للدولة، والتي تستحوذ على 90 في المئة من الودائع والقروض.

كما أنه الجهة المختصة بالرقابة على القطاع المصرفي. مما يجعل من أهمية توجيه الأنظار إليه لإحيائه من جديد أمرا حتميا.

ويقول محللون إن هذه الحالة من عملية سيطرة البنوك الحكومية على أموال الليبيين من بوابة الودائع والإقراض تنطوي على أوجه لتضارب المصالح منها التساهل المحتمل لصالح البنوك الحكومية.

وأشاروا أيضا إلى مسألة منح الائتمان للمستفيدين ذوي العلاقات مع المتنفذين في السلطة. وأكدوا أن هذا في حد ذاته يجعل النظام المالي برمته محل شك كونه سيضعف قدرته على تقديم ما هو مطلوب منه.

10