"وثيقة شرف" عشارية سورية عن الصداقة وخيباتها

العمل تدور أحداثه حول أربعة أصدقاء تعاهدوا على الإخلاص فيما بينهم، لكنهم دخلوا في صراع دامٍ سببه المال والمرأة.
الجمعة 2021/10/29
مهيار خضور يخون العهد وكلمة الشرف

دمشق – قبل أكثر من عام خصص عثمان جحا وقتا لكتابة مسلسل يحمل عنوان “وثيقة شرف”، يومها -وبسبب انتشار فايروس كورونا- وضع السيناريست السوري عمله على المحك دون أن يكشف عن الجهة الإنتاجية التي ستتصدّى للمسلسل أو المخرج الذي سيتولى إخراجه. وبقي المشروع الدرامي طيّ الكتمان قبل أن يتمّ تحريكه أخيرا، حيث تأكّد تعاون عثمان جحا مع الكاتب مؤيّد النابلسي في كتابة ثنائية تجمعهما للمرة الأولى، فيما تولى باسم السلكا دفة الإخراج، وتصدت شركة “أفاميا للإنتاج الفني” لإنتاجه.

وعن المسلسل يقول الكاتب مؤيد النابلسي “وثيقة شرف هو عبارة عن جزأين، أي عشاريتين، يتمّ حاليا تنفيذ الجزء الأول منه. وتدور أحداث العمل حول حكاية أربعة أصدقاء ينتمون إلى بيئات مختلفة، إلاّ أنهم اجتمعوا في الحي العشوائي، ووقعوا وثيقة شرف متعاهدين على الإخلاص والتفاني فيما بينهم، لنجد ذلك العهد يذهب أدراج الرياح عند أول اختبار حقيقي لهم، وتتحوّل الصداقة بينهم إلى صراع دام سببه المال والمرأة”.

وكشف النابلسي أنه عمل مع الكاتب عثمان جحا على نص “وثيقة شرف” منذ أربع سنوات، إلاّ أنه انشغل بعمل “بان أراب” حمل عنوان “سر” وبعض الأعمال المتفرّقة الأخرى، ومن ثم عادا مجدّدا لتنشيط المشروع وتم الاتفاق مع المخرج باسم السلكا لتنفيذه، وانضم إلى بطولته -إلى حد الآن- الفنانان مهيار خضور ومديحة كنيفاتي.

عثمان جحا: المسلسل يؤكّد أن متغيرات الحياة تُخضع الإنسان إلى قانونها
عثمان جحا: المسلسل يؤكّد أن متغيرات الحياة تُخضع الإنسان إلى قانونها

وحول خصوصية العمل القصير يلفت النابلسي إلى أن كتابة نص من عشر حلقات يختلف بشكل تام عن الأعمال الطويلة، فالعمل القصير المجهّز للعرض على المنصات يتم بناء حكايته بتقنية أقرب إلى السينما منها إلى التلفزيون.

ومع تزامن تصوير عملين اجتمع في كتابتهما مع جحا -وهما “وثيقة شرف” و”ولاد البلد”- وما إذا كان هناك مشروع لورشة كتابة بينهما، يؤكّد النابلسي أن جحا قامة فكرية وموسوعة أدبية لا يستهان بها، إلاّ أن هذه الشراكة المتتالية ليست مشروع ورشة دائمة، بل هو محض صدفة أن يجتمعا بعملين يصوّران في آن واحد.

وإن كان “وثيقة شرف” دراما اجتماعية معاصرة فإن “ولاد البلد” -الذي جمع الكاتبين في ثاني تعاون بينهما- يدور في فلك دراما البيئة الشامية، وهو مكوّن من ثلاثين حلقة من إخراج أحمد إبراهيم أحمد، ويعود العمل إلى زمن الاحتلال العثماني لبلاد الشام، تحديدا في نهاية الدولة العثمانية، معالجا صراع الأغوات في تلك المرحلة.

ويجمع المسلسل المزمع عرضه خارج السباق الرمضاني المقبل كل من سلوم حداد وباسم ياخور وفادي صبيح ونظلي الرواس ونضال نجم وغيرهم من الممثلين السوريين.

وبدوره قال الكاتب عثمان جحا -الذي عرف عنه عدم استعجاله كتابة مشاريعه الدرامية، حيث استغل فترة الحجر الصحي بسبب انتشار فايروس كورونا للتحضير لنصه الجديد- “يروي المسلسل حكاية أصدقاء طفولة وشباب تعاهدوا على أن يكونوا معا، فكتبوا وثيقة شرف. لكن مسالك الحياة تخضعهم إلى قانونها، حيث تفرّقهم ليلتقوا بعد عشرين سنة، ليجدوا أنفسهم في مواجهة بعضهم البعض، وأمام المصالح الشخصية تموت وثيقة الشرف التي خطّت في الماضي وتصبح المصلحة أهم من كلمة الشرف”.

وكان مسلسل “دارين” الذي عرض على قناة “بيين” المشفّرة آخر عمل درامي عرض لجحا عثمان، وهو من إخراج علي علي وبطولة عباس النوري وورد الخال وهبة نور، ويدور حول طبيب يتبرّع بقلب ابنته المتوفاة وكليتيها لإنقاذ حياة فتاة أخرى، ما يمهّد لمفاجأة كبيرة حول علاقة هذه الفتاة بعائلته.

وتعدّ عشارية “وثيقة شرف” الأولى التي ينتظر عرضها خلال الموسم الشتوي القادم، بعد تعوّد سوريا على إنتاج هذه النوعية من الدراما التي حقّقت العديد من النجاحات خاصة على المنصات الإلكترونية الجاذبة لجمهور الشباب بما تحمله من تكثيف بعيد عن مطّ الأحداث.

وشهد العام 2021 ظهور عدد كبير من المسلسلات السورية القصيرة، كان آخرها عشارية “عش الغراب” للمخرج وليد درويش وتأليف سامر عادلة، وهي دراما بوليسية  تجمع بين التشويق والأكشن، وتتنوّع محاورها بين طموح الشباب وواقعهم من ناحية وماضي كبار السن وتاريخهم من ناحية أخرى، بحيث تتأرجح الشخصيات بين الماضي والحاضر وتتقاذفها رغباتها الجامحة.

وتجري أحداث المسلسل في غابة تشهد العديد من الملاحقات والمطاردات والأحداث الشيقة والمفاجآت التي تحبس الأنفاس، إضافة إلى الأطماع التي تؤدي بأصحابها إلى ارتكاب جرائم قتل والغدر بين الأصدقاء.

ويشارك في هذه العشارية كل من حسام تحسين بيك ووضاح حلوم وجمال العلي وأمية ملص وعلا باشا وربا المأمون ومحمد خاوندي وعامر علي ووسيم الرحبي ومؤيد الخراط ورشا إبراهيم ومجد مشرف وطارق نخلة ووسام أبوصعب ورهام عزيز ولبابة صقر وآية سليمان ونور شاهين.

ومؤخرا انتهى مدير الإضاءة والتصوير عباس شرف من تصوير أولى تجاربه الإخراجية في عالم الدراما السورية عبر عشارية “روز” من تأليف الفنان طلال مارديني وبطولته، إلى جانب كل من باسم ياخور ومريم علي ونادين تحسين بيك ويارا قاسم وعبدالرحمن قويدر وأمير برازي وآخرين. وهو عمل بوليسي يطرح تنوّعا صريحا بين الخيانة والحب والعطاء والتضحية والكثير من التناقضات الإنسانية المتشعّبة.

وخلال الموسم الرمضاني الماضي عرضت سلسلة “بصمة حدا” في أكثر من فضائية عربية، وهي سلسلة تضمّنت ثلاثية روائية هي “طبق الأصل” و”انتقام بارد” و”البرزخ”، وتغوص في الدراما النفسية التي تكشف عورات المجتمعات العربية عموما والمجتمع السوري خاصة، الذي أنهكته الحرب ممّا انعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.

وبعيدا عن الدراما النفسية قدّمت الدراما السورية خلال العام الجاري سلسلة “أسرار” التي نفّذ منها حتى اللحظة مسلسل “صدفة” الذي جاء في ثماني حلقات عن نص لفايزة علي وأخرجه سامي جنادي، وشارك في بطولته كل من أيمن زيدان وصفاء سلطان وحسام تحسين بك وشكران مرتجى وحازم زيدان وجمال العلي وآمال سعدالدين.

كذلك عرض مسلسل حمل عنوان “الروليت” من تأليف معن سقباني وإخراج سعيد رمضان، وهو من عشر حلقات، شارك في بطولته كل من جرجس جبارة ويحيى بيازي ورشا بلال وكرم الشعراني ولمى بدور وطلال مارديني. والعمل بوليسي تشويقي يعتمد على كشف ملابسات جريمة تقع أثناء جلسة جمعت عددا من الشبان والشابات في لعبة الروليت الروسية، وتداعيات ذلك على حياتهم.

ومع هذه الأعمال عرض أيضا مسلسل “ضد مجهول”، وهو عبارة عن سلسلة من ثماني حلقات كتبها كل من لواء اليازجي ومحمد أبواللبن وأخرجها السدير مسعود، وهي من بطولة كل من عبدالمنعم عمايري وباسل الخياط وهيا مرعشلي ونظلي الرواس وإيهاب شعبان. ويرصد العمل قصص بعض المهمشين وما يمكن أن تتركه فيهم الحياة من ندب نفسية عميقة تكبّل حيواتهم وتجعلها أكثر تعقيدا.

والمسلسلات السورية القصيرة لم تكن وليدة السنوات الأخيرة، فغالبية المسلسلات السورية التي أنتجت في فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت تقتصر على خمس عشرة حلقة تلفزيونية كحد أقصى، ولكن مع دخول الإنتاج السوري فورة المنافسة العربية وارتباط عرض المسلسلات بشهر رمضان بات لزاما على شركات الإنتاج تقديم مسلسلات من ثلاثين حلقة كاملة، وهو ما تسبّب لاحقا في ضعف كبير على صعيد الحبكة والإنتاج، الأمر الذي نفّر المُشاهد العربي من هذه الدراما التي تقول في ثلاثين حلقة ما يمكن اختصاره إلى النصف أو الثلث أحيانا.

14