المطاعم التقليدية تقاوم التوسع المتسارع لتطبيقات توصيل الوجبات

أصحاب المطاعم يمتعضون من منصات توصيل الوجبات التي ساهمت في طرد شبح الإفلاس عنهم في زمن كورونا.
الثلاثاء 2021/10/12
خدمة غير مكلفة

رجح المختصون أن تشهد المنافسة بين المطاعم التقليدية وتطبيقات توصيل الوجبات منعطفا أكثر حدة خلال الفترة المقبلة في ظل الضغوط المسلطة على أصحاب المطاعم من أجل إنقاذ أعمالهم ومقاومة التوسع السريع للمنصات الرقمية.

نيويورك (الولايات المتحدة) - يبدي أصحاب المطاعم وعدد من السياسيين في الولايات المتحدة امتعاضا متزايدا من منصات توصيل الوجبات التي كانت ضرورية خلال تفشي الجائحة، ويتهمونها بالتطفل على القطاع ولذلك سعوا لتنظيم عملها أو حتى الاستغناء عنها.

وساهمت هذه المنصات في طرد شبح الإفلاس عن المطاعم في زمن كورونا بسبب الحجر الصحي، لكنها باتت اليوم تشكل عبئا ثقيلا بسبب العمولة التي تحصل عليها.

وبلغ عدد الطلبات التي سجلتها منصة “دورداش” خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2021 أكثر من مليار، ومعظمها في الولايات المتحدة حيث تحتل هذه الشركة صدارة السوق، فمنظومة قطاع المطاعم دخلت منذ عامين حقبة جديدة.

لكن مؤسس سلسلة مطاعم بيتزا موتورينو التي نشأت في نيويورك ماثيو بالومبينو رأى أن “ثمة وهما كبيرا” وراء هذه الطفرة. وقال “عندما نتلقى ثلاثين أو أربعين طلبا في اليوم نشعر بالسعادة، لكن المشكلة هي أن ذلك لا يترجم إلى أرباح”.

ويعود ذلك إلى العمولات التي تتقاضاها شركات التوصيل من المطاعم، وقد تصل نسبتها إلى 30 في المئة.

منصات التوصيل باتت تشكل عبئا ثقيلا بسبب العمولة التي تحصل عليها وتصل نسبتها إلى 30 في المئة

وشدد عضو المجلس البلدي لنيويورك فرانسيسكو مويا في يوليو الماضي على ضرورة عدم “دفع المؤسسات الصغيرة إلى قبول هذه الرسوم لكي تحافظ على استمراريتها وقدرتها التنافسية”.

وحدد نص القانون الذي أعدّه وأقرّ نهائياً نسبة العمولة بنحو 15 في المئة في نيويورك والمنطقة المحيطة بها.

ولجأت الشركات العملاقة في قطاع التوصيل إلى القضاء في سبتمبر الفائت لإلغاء هذا التدبير، في نيويورك كما في سان فرانسيسكو التي اتخذت هذا القرار في يونيو الماضي.

واعتبر محللو بنك أوف أميركا في منتصف سبتمبر المنقضي أن دورداش تستند إلى “حجج قانونية قوية”.

ومن أبرز ما تركّز عليه كل من دورداش وغرابهاب” وأوبر ايتس في هذا الإطار هو أن السقف المحدد غير دستوري إذ ينسف اتفاقات مع المطاعم جرى التفاوض عليها بحرية.

ولاحظ بالومبينو أن “المشكلة تتمثل في أن حضور هذه المنصات أصبح راسخا إلى درجة أن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة”. وأضاف “إذا لم تكن تستخدم منصة سيملس-أحد أكثر المواقع استخداماً في مدينة نيويورك- فأنت لم تعد موجوداً”.

هل يحافظ الزبائن على عادات تعلموها في زمن كورونا
هل يحافظ الزبائن على عادات تعلموها في زمن كورونا

وتُسلّط المنصات الضوء على استثماراتها التكنولوجية التي مكّنت الملايين من الزبائن الذين لم يسبق لهم إطلاقا أن طلبوا وجبات عبر الإنترنت من أن يفعلوا ذلك خلال مرحلة جائحة كورونا.

وأكدت دورداش من جهة أخرى أنها توفّر أصلا صيغة عمولة بنسبة 15 في المئة. لكن المطعم الذي يقوم بعمل جيد لا يمكن أن يأمل سوى في هامش يتراوح بين 15 و20 في المئة، بحسب بالومبينو الذي رأى أن شركات التوصيل صارت “تستحوذ على كل الأرباح في نهاية المطاف”.

وتشير تقديرات دورداش أن المطاعم التي استخدمت منصتها خلال الجائحة بلغ معدّل استمراريتها ثمانية أضعاف معدّل القطاع عموماً.

وتم التنبيه على المنصات أمام القضاء إلى أن خفض سقف العمولة سيدفعها إلى فرض المزيد من الرسوم على المستهلكين الذين لا يدفعون في الوقت الراهن سوى رسوم متواضعة على كل عملية تسليم.

أما المدير العام لشركة التسويق زيرو ستور فرونت، موسؤول الابتكار السابق في غرابهاب كولين والاس، فلاحظ “أن الجهة “التي تقدّم التنازلات” بشأن توزيع التكاليف في المنظومة الحالية لعمل المطاعم هي تلك التي “تتمتع بأقل قدر من السلطة، أي من دون شك المطاعم”.

وتحاول بعض المطاعم ببساطة الالتفاف على تطبيقات التوصيل القوية من خلال إنشاء تطبيقات خاصة بها. واقترحت شركة تشاوناو الناشئة على المطاعم فكرة إطلاق تطبيقها الخاص لتلقي الطلبات، والتي ستغنيها كلياً عن دفع عمولات.

خدمات سريعة تستخدم التكنولوجيا
خدمات سريعة تستخدم التكنولوجيا

واعتبر والاس أن “الوسيلة الوحيدة للخروج من هذا الوضع هي التكنولوجيا، أي استخدام الهندسة نفسها والابتكار نفسه” الذي مكّن المنصات الكبرى من ترسيخ حضورها.

وذهب جون سيويل من إيوا إلى أبعد من ذلك، إذ أنشأ بواسطة شركته “لوكو” منصات تعاونية تجمع العشرات من تكتلات المطاعم ويديرها أصحاب المطاعم أنفسهم.

وأشار إلى أن المطاعم تتولى بنفسها تحديد المبلغ المالي للعمولة التي تمثّل غالبا تكاليف تشغيل المنصة، وتبلغ نحو نصف ما تفرضه شركات التوصيل العملاقة.

ويتيح ذلك للمطاعم أن تحتفظ أيضا ببياناتها، في حين أن المنصات الكبرى تستفيد منها ماليا دون أن تتقاسم مع المطاعم الأرباح التي تحققها. ولقائمة الزبائن قيمة، شأنها في ذلك شأن قائمة الأطعمة المفضلة لديهم.

ويعترف سيويل بأن هذا الحل -الذي اعتمد حتى الآن في ريتشموند بفرجينيا ولاس فيغاس وأوماها- صعب التنفيذ؛ ذلك أنه “من الصعب جعل الناس يعملون بشكل جماعي”. وأضاف “لكن في رأيي هذا هو الحل الوحيد”.

وساهمت الجائحة  في ظهور مطاعم الشبح أو (دارك كيتشن) في الولايات المتحدة، وهي مطاعم غير موجودة في الواقع، إذ لا تقوم سوى بتحضير أطباق توصلها إلى الزبائن.

ويتساءل العاملون في قطاع المطاعم عما إذا كان الزبائن سيعودون للجلوس إلى طاولات مطاعمهم أم أنهم سيستمرّون في طلب الوجبات وهم قابعون في المنازل.

وإزاء هذه الوضعية حذرت جمعية ريستورانت أوبورتونيتيز سنتر يونايتد، التي توفّر الدعم للعاملين في المطاعم، من تدهور ظروف العمل بسبب ازدهار المطابخ الخفيّة الأكثر مرونة من المطاعم التقليدية.

10