"غياب" أعمال تشكيلية تبحث في ما وراء الصورة الآنية لمجتمعاتنا

المعرض يضم أعمالا متنوعة ويؤكد عبره الفنان على الوحدة العضوية بين أعماله في الغرافيك والنحت والتصوير.
الثلاثاء 2021/10/05
الرسم بروح طفل هاو

القاهرة – يفتتح الفنان التشكيلي المصري طه عشماوي معرضا جديدا بعنوان “غياب”، وذلك مساء الأربعاء بقاعة نهضة مصر بمركز محمود مختار الثقافي بالجزيرة.

يقول الفنان عشماوي مقدما معرضه الجديد “نعيش وسط كم هائل من الصور في الواقع تقع عليها أبصارنا كل لحظة. وتبقى في الوجدان صورة جامعة تجسد كل هذه الصور نتيجة معايشتنا لواقعنا الاجتماعي واتصالنا بتاريخنا الضارب بجذوره في عمق الزمن وهويتنا وما تتعرض له من تهديد خارجي والتي تستدعي تجمعنا وتقبلنا لبعضنا البعض، هذا العمل يبحث في ما وراء الصورة الآنية لمجتمعنا في ظل خطر دائم”.

ويحتوي المعرض على مجموعة أعمال غرافيك ذات تقنية خاصة يعمل عليها الفنان منذ عام 1988، عدد ليس بالقليل من الاسكتشات تمت خلال فترة الحظر الممتد منذ بداية الجائحة مع جروب “أبيض، أسود” الذي أسسته الفنانة هيلدا حياري، ومجموعة من أعمال التصوير لإلقاء الضوء على سنوات الغياب في حضن وكالة الغوري، علاوة على نماذج من أعمال النحت للفنان لتأكيد الوحدة العضوية بين أعماله في الغرافيك والنحت والتصوير.

وفي بعض أعمال الفنان من الاسكتشات بالأبيض والأسود رسم عشماوي ملامح المكان في جو من الوحدة والعزلة والخوف لا يغيب عنها الترقب والتأمل، كأنه في انتظار لزمن جديد وفي حنين لزمن قديم، زحام وجري لشخوص بلا ملامح وجوه عابرة وجوه مفجوعة وأخرى بلا ملامح، في عتمة الحبر الأسود وتتبع كل هذه الأشياء خربشات سريعة حادة تتخللها إضاءات منهمرة من عدة زوايا، تظهر ثم تختفي في مناطق من هذه الأعمال بفعل فراغات متروكة للون القماش الأبيض أو لون أبيض متناثر بشكل عشوائي يخفف من السواد في عالم لوحات الفنانة.

الرسم عند عشماوي بمثابة الخروج من الصمت إلى الكلام فالأسود في زوايا اللوحة صامت لا حياة فيه بفعل كثافته وما إن تحرك ناظريك إلى مركز اللوحة حتى يبدأ التخفيف من وَطْأة السواد وتتكشف الأشياء المرسومة وكأنها أصوات تتعالى رويدا رويدا لتبلغك عن أماكن وجودها وما يعتمل في دواخلها.

Thumbnail

ولا يختلف عشماوي عن الفنانين العرب الآخرين الذين راحوا يبحثون عن أفكار وتصورات تكرّس مفهوم الهوية في العمل الفني، والاهتمام بنظام تشكيلي أكثر أصالة في محاولة التخلي عن التقليد الغربي، والبحث عن أشكال واتجاهات فنية مغايرة، إذ يحاول الفنان أن يبتكر له في كل مرة روحا جديدة يستقيها من محيطه وعالمه ويصبغها بألوانه الخاصة، إذ لا يسير في اتجاه واحد، بل يستلهم من الحياة بكل تقلباتها وتغيرها.

ويذكر أن طه عشماوي من مواليد 1965، تخرج من كلية الفنون الجميلة قسم غرافيك 1990، أقام وشارك في العديد من المعارض الخاصة والجماعية داخل مصر وخارجها، وقد ساهمت تنقلاته في الإقامة في إثراء تجربته الفنية بشكل لافت حيث تنقل بين القاهرة والغردقة والسعودية، ولم يتوقف يوما عن شغفه بالفن.

ولطالما ردد الفنان “اللوحة هي معشوقتي”، إذ يهوى الرسم منذ طفولته ولم يتخل عن هوايته الوحيدة في الحياة، التي كان يمارسها أثناء دراسته حتى أنه كان يتولى مسؤولية لوحات النشاط، يكتبها ويرسمها بنفسه ليزين بها جدران فصله.

وسار نحو حلمه ودعم هوايته بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة التي تخرج منها عام 1989، لم يترك فنا إلا ومارسه، سواء كان رسما أو نحتا أو غرافيك، فدون مبالغة يعتبر عشماوي فنانا شاملا، وعلاوة على تغيير إقامته فقد سافر إلى عدد من الدول العربية والأوروبية والآسيوية، لإثراء تجربته الفنية وتحريك الذهن والوجدان، إذ يضرب عشماوي مثالا في الصمود وتحقيق الذات وإتقان العمل، ليترك خلفه إرثا كبيرا من الفن “والاسكتشات” التي تعد بدايات لمشروعات فنية جديدة.

يمارس عشماوي الفن بروح الهاوي ولا يخضع لنظرية السوق، هكذا يقول معتبرا ذلك مبدأ ينتهجه في رحلته الفنية التي تخطت حوالي ربع قرن من الزمان.

ومن المعارض الخاصة للفنان نذكر معرضا بقاعة كلية الفنون الجميلة القاهرة 1990، معرضا خاصا في جدة بالسعودية (وكالة التراث) 1997، معرضا بقاعة راتب صديق بأتيليه القاهرة مارس 2008، معرض “شجون” في قاعة “العروض المتغيرة” بمتحف عفت ناجي وسعد الخادم يناير 2019، وغيرها. كما قدم العديد من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها.

Thumbnail
15