محاربة الأخبار الكاذبة بتدريب الطلاب على التفكير النقدي في الأردن

خبراء في الإعلام يؤكدون أن الإشاعات والأخبار الملفقة هي الوقود الذي يغذي به أصحاب الأجندات مُتابعيهم لاستقطاب الرأي العام.
الثلاثاء 2021/09/28
اكساب التلاميذ فكرا ناقدا لمحاربة الأخبار الكاذبة

عمان – استقطب برنامج “أنديّة الإعلام” في الأردن المئات من الطلاب لفهم الحقائق والتفكير الناقد ومحاربة الأخبار الخاطئة والمضللة التي تزداد انتشارا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق واتساب في البلاد.

ويهدف البرنامج الذي تنفذه منظمة “IREX” بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والسفارة الأميركية في عمان ومبادرة “مدرستي”، إلى نشر الثقافة الإعلامية ودعم الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالتثقيف الإعلامي والمعلوماتي، من خلال منهجيّة “تعلّم أن تميز” التي تساعد الطلبة على استهلاك المعلومات ومعالجتها بشكل ناقد، والتعامل معها بالمزيد من المسؤولية، والمساهمة في وقف انتشار خطاب الكراهية والقصص المؤذية والعديد من أنواع المعلومات المضللة.

وقالت مسؤولة التواصل المجتمعي في السفارة الأميركيّة سوزان سمانيا إن “المجتمعات حول العالم شهدت ارتفاعا مقلقا في المعلومات المضللة عبر الإنترنت”، وأشارت إلى أن “البرنامح يوضح أن اليافعين عنصر حيوي لمواجهة هذه التحديات وتطوير حلول مبتكرة.. نحن ممتنون للمعلمات والمعملين الذين انتسبوا لهذا البرنامج وشجعوا طلبتهم ليكونوا فاعلين في تحسين مجتمعاتهم”.

ويؤكد خبراء إعلام أن الإشاعات والأخبار الملفقة هي الوقود الذي يغذي به أصحاب الأجندات مُتابعيهم لاستقطاب الرأي العام.

برنامج "أنديّة الإعلام" يساعد الطلبة على استهلاك المعلومات ومعالجتها بشكل ناقد، والتعامل معها بمسؤولية

وينشغل الإعلام الرسمي بالترويج للسلطة وإنجازات الحكومة متجاهلا المعلومة التي يبحث عنها الشارع الأردني، الأمر الذي ساهم في انتشار الأخبار الكاذبة وغير الدقيقة، حتى باتت ظاهرة تؤرق الحكومة وتبحث عن حلول لمعالجتها.

وجاء البرنامج بمبادرة إيجابية لتعليم الجيل الجديد أصول التفكير النقدي والبحث عن المعلومة ذات المصداقية وعدم الانسياق وراء الإشاعات والأخبار الكاذبة.

ووصفت المديرة التنفيذية لمبادرة مدرستي تالا صويص البرنامج بقولها “هناك لجان تحكيم من خبراء الإعلام والتعليم لاختيار أفضل المشاريع التي نفّذها الطلبة وركزت على بناء الوعي بمخاطر السلوك غير المسؤول عبر الإنترنت وتسليط الضوء على أهمية التفكير النقدي والمعلومات الموضوعية والدقيقة لحياتنا اليومية”.

وتشتكي السلطات الأردنية من الانتشار الهائل للشائعات وتأثيرها على تشكيل الرأي العام والسلم الأهلي، كما أن ضعف الإعلام التقليدي ماديا ومهنيا السبب الرئيسي لتفشي الشائعات.

وأطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا دراسة بعنوان الإشاعة ودورها في تشكيل الرأي العام، أظهرت أن 48 في المئة من المشاركين في الدراسة التي غطت جميع أنحاء البلاد يعتمدون على المعلومات ويستقونها من مواقع التواصل الاجتماعي ونشطائه والمؤثرين من داخل المملكة وخارجها.

وسعت الدراسة إلى معرفة أسباب نشوء الإشاعة والأخبار المضللة أو المنقوصة ومعاينة آراء المؤثرين وقادة الرأي ونقاشاتهم، بعد أن تعدت الشائعات المستويات الحكومية لتطال المؤسسة الأمنية والقوات المسلحة.

وأشارت الدراسة أيضا إلى الضغوط النفسية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن، والتي أثرت على طرق التفكير وأدوات التحليل، بالإضافة إلى ضعف برامج التربية الإعلامية التي من شأنها صقل قدرة شريحة اجتماعية واسعة وتمكين الرأي العام من تمييز الغث من السمين.

التعويل على العقوبات فقط للحد من الشائعات أو الأخبار الكاذبة هي نظرة قاصرة لا يمكن أن تحقق نتائج مرضية

وقال الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري ملك الأردن للشؤون الدينية، عضو مجلس حكماء المسلمين “أن الإعلام يواجه ثلاثة تحديات رئيسية وهي انتشار خطاب الكراهية، وبث الأخبار الكاذبة والمزيّفة، والتنمّر وانتهاك الخصوصية من قبل بعض وسائل إعلام غير مهنية، التي استغلّت التطور المضطرد في وسائل تكنولوجيا الإعلام والاتصال”.

وتابع خلال كلمته بمؤتمر “إعلاميون ضد الكراهية” المنعقد في عمان في السابع والعشرين والثامن والعشرين من سبتمبر الجاري، أن خطاب الكراهية اجتاح الفضاءات الإعلامية والاتصالية، فزرع الفرقة والفتن تحت شعار حرية التعبير، وهو ليس كذلك، ولا يمت للحرية بصلة، بل هو خطابٌ طارئ بغيض ووباءٌ يجتاحُ مجتمعاتنا”.

ولا يوجد تشريع يعاقب على كل أنواع الإشاعات في الأردن إلا أن هناك قوانين تعاقب على نقل أو إذاعة أخبار كاذبة أو مختلقة في ظروف معينة، فالمادة 75 فقرة (أ) من قانون الاتصالات تنص على أن كل من أقدم بأي وسيلة من وسائل الاتصالات على توجيه رسائل إهانة أو منافية للآداب أو نقل خبر مختلق بقصد إثارة الفزع يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد عن سنة أو بالغرامة من 300 دينار إلى 2000 دينار أو بكلتا العقوبتين.

ويرى متخصصون أن التعويل على العقوبات فقط للحد من الشائعات أو الأخبار الكاذبة هي نظرة قاصرة لا يمكن أن تحقق نتائج مرضية في هذا الشأن، وعلى المسؤولين التفكير بطرق لدعم الإعلام ماديا ومهنيا للقيام بدوره في إتاحة المعلومة للمواطن الأردني وكسب ثقته بما يقدمه إعلام بلاده.

18