صباح زوين قصيدة ما زالت فتية في العيد والحدائق

رحلت الشاعرة والناقدة والمترجمة اللبنانية صباح زوين يوم 5 يونيو الجاري، عن عمر لم يتجاوز الستين عاما، من مواليد سنة 1955. من أعمالها “أصوات لبنانية معاصرة” و”تلك الأشياء التي في الأفق”، بالإضافة إلى العديد من الدواوين الشعرية منها “كما لو أن خللا، أو في خلل المكان” و”ما زال الوقت ضائعا” و”البيت المائل والوقت والجدران” و”بدءا من. أو، ربما” وآخرها “عندما الذاكرة وعندما عتبات الشمس”.
يحق لي أن أسألك عن البياض وعن المكان، أو عن بياض المكان الذي رحلت إليه، فأنا وغيري لم نبرح أمكنتنا؛ لذا يصير لزاما عليك الإجابة من أجلنا ومن أجل القصيدة غير المنجزة والفراشة التي لا تزال تحوم في المكان وعن سر هذا الغياب؛ هل انتابك الألم وروحك تحلق كالفراشة حول الضوء ثم يحل البياض في كل شيء؟
أعرف ان قصائدك لم تتولّد من عبث بالرغم مما يبدو فيها من عبث، فالبناء اللغوي الذي كنت تقيمينه على الرمال المتحركة، كان هو سرّ الإبداع الذي يمنح الدهشة، وهو البهاء لقصيدة تشبهك ولم يقتحمها أحد سواكِ. وكنت بها متفردة ليصير لك 13 ديوانا، فيها من الندرة في الأسلوب الذي هاجمه بعض النقاد واتهموه بأنه يقوم على تفكيك اللغة؛ وقد فاتهم ان هذا التفكيك كان من ضمن نهج الحداثة لكي يكتمل المشهد.
كنت صادقة في القصيدة إلى أبعد الحدود، كما كنت في حياتك، تتميزين بالوفاء الى حدّ النزف، وكنا نخجل من إخلاصك الذي يمنح خلل المكان ضمّادات تعيد إلى معشر الشعراء تلك البراءة المفقودة في أكثر من مكان، الإخلاص جوهر نادر بين يديك وكنت تكسين القصيدة بلمعان صفاء الندرة كي تسمو السروة بعلوها نحو السماء الصافية أبدا.
هل كان موتك المفاجئ هو محاولة للخروج من الألم إلى صرح تشتهيه قصيدتك الجديدة لسبر عوالم من الغيبوبة والغياب؟ هل أنجزت قصيدة مكان الحياة وحان الرحيل إلى مكان الموت للإمساك بطرفي الجدلية، وليصير للكتابة المعنى الذي يبحث عنه كل كاتب له إخلاصك ووفاؤك؟ لم تدن منك الشيخوخة وقصيدتك ما زالت فتية لها مطارح في العيد والحدائق؛ فلماذا هذا الابتعاد، والوقت ما زال صباحا وأنت تقفين على أعتاب الشمس؟