مختنق بشخصية

من الممتع سماع حكايات عن أنفسنا لا نعرفها. لكن اختبارات الشخصية أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ إنها للترفيه فقط.
السبت 2021/09/11
كثيرون مهووسون باختبارات الشخصية

عندما شاهدت رموزا من قبيل ENTJ / INTJ/ INTJ/ ISTJ وغيرها في النبذات التعريفية لدى البعض ممّن يعتبرون أنفسهم مؤثرين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خلت أن الناس يضعون أسماء عملات رقمية لا أعرفها قبل أن أدرك أن ذلك ليس سوى نمط شخصية صاحب الحساب ضمن ما يعرف بمؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصيات.

يرغب الناس عبر إضافة الرموز في إقناع متابعيهم بأنهم شخصيات فذة ربما.

كان اختبار شخصيتي ضمن مؤشر مايرز بريغز الذي يُعرف باسم “اختبار الـ16 شخصية” مؤثرا حقا، فقد تطلب الأمر الإجابة عن ستين سؤالا فقط لكي أعرف أخيرا من أنا، يا إلهي شخصيتي تمثل فقط 2 في المئة من البشر.

بالنظر إلى وصف هذه الشخصية، من منا لا يريد أن يكون هكذا؟ لكن بصراحة تامة، من الذي لا يريد أن يكون مثل الخمسة عشر الآخرين؟ كل الشخصيات لطيفة جدا. الآن لن تكون هناك مشكلة في إعادة كتابة ملف تعريف شخصيتي وفق المؤشر، سأضيف عبارة “أريد أن أجعل العالم مكانا أفضل” ولكنني “حساسة بطريقة تصعب حياتي” و”أدفن نفسي في الوعود والأمل حتى أختنق”. إذن من الذي مازال يريد أن يختنق بمثل هذه الشخصية؟

لطالما كانت الشخصية مفهوما زلقا ومتطورا يحاول الباحثون أن يقلبوه بين أصابعهم منذ عقود. مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصيات كان أداة تقييم الشخصية التي غيرت اللعبة. تم إنشاؤه من قبل أم وابنتها دون تدريب رسمي في علم النفس. ومع ذلك يتم استخدامه بشكل متكرر ومكثف من قبل شركات التوظيف والجيوش حول العالم. حتى أنه ترجم إلى 50 لغة.

ما لا يصدق أن علماء النفس يصفون هذا الاستبيان بأنه أحد أسوأ اختبارات الشخصية في الوجود لمجموعة واسعة من الأسباب.

كثيرون من بيننا مهووسون باختبارات الشخصية؟ ينقرون على أي رابط يحتوي اختبارا لجزء مبهم من شخصياتهم مثل “ماذا يقول حيوانهم المفضل عنهم؟”، يفترضون أنه يتكلم ربما. يجيبون عن أسئلة تتعلق بما الذي “يكشفه حبهم للعناكب عن شخصياتهم”؟ حب غريب أليس كذلك؟

يحب الناس اللجوء إلى هذه الأنواع من اختبارات الشخصية للبحث عن رؤى عميقة عن أنفسهم. يميلون إلى الاعتقاد بأن لديهم “حقيقة” أخرى عن ذواتهم مخبأة في مكان عميق داخلهم، لذلك من الطبيعي أن التقييمات التي تدعي الكشف عنها ستكون جذابة.

من الممتع سماع حكايات عن أنفسنا لا نعرفها. لكن هذا النوع من الاختبارات أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ إنه للترفيه فقط.

إن الشخصية التي تسعون لمعرفتها قابعة في الأعماق الخفية وبإمكان المرء معرفتها -ولو جزئيا- عبر عملية التأمل الذاتي، ومثل هذه الاختبارات  لن تغير من حقيقتكم شيئا.

24