السعودية تمر إلى السرعة القصوى في توطين الوظائف التعليمية

الرياض - بدأ الأربعاء في المملكة العربية السعودية تنفيذ قرار وزارة الموارد البشرية بتوطين الوظائف التعليمية في منشآت التعليم العام الأهلي في المدارس الأهلية والمدارس العالمية للبنين والبنات المرحلة الأولى، لتوفير 28 ألف وظيفة للمواطنين السعوديين.
وأصبح توفير الوظائف للسعوديين إحدى الضرورات الملحّة نظرا لتزايد أعداد المقبلين على سوق العمل في المملكة والتي ظلت طيلة عقود تعتمد على تلبية حاجتها من اليد العاملة من مختلف المهن والاختصاصات على العمّال الوافدين من الخارج، وهو ما لم يعد من الممكن التمادي فيه بالنظر إلى النسبة العالية للشباب في البلاد وتراكم خريجي المؤسسات التعليمية ومراكز التكوين المهني.
وتستهدف الحكومة السعودية خفض نسبة البطالة بين مواطنيها إلى قرابة 7 في المئة بحلول 2030 وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي المنبثق عن رؤية 2030.
ودخلت عملية توطين الوظائف كعنصر أساسي في برنامج الإصلاح الشامل في المملكة لكن بعض أهدافه تبدو شديدة الطموح ويتوقّع أن يأخذ الوصول إليها مدى زمنيا أطول.
ولذلك يبدو توفير 28 ألف وظيفة للسعوديين في قطاع التعليم وحده رقما بالغ الضخامة نظرا لحساسية القطاع وما تتطلّبه عملية إدخال تغييرات جذرية على كادره الإداري والتدريسي من جهد ووقت.
وينبّه البعض إلى ضرورة التفريق بين السرعة والتسرّع في توطين الوظائف ببعض القطاعات ويدعو إلى مراعاة عاملي الكم والنوع في آن واحد، وألا يكون التوطين على حساب جودة التعليم ومخرجاته.
وسيتمّ التوطين الذي يعني إحلال السعوديين محل الأجانب في عدد من التخصصات على عدة مراحل تُطبق بنسب محددة على ثلاث سنوات.
28 ألف وظيفة مطلوب توطينها في قطاع التعليم رقم ضخم يطرح أسئلة عن مدى واقعيته
وينص القرار على فترة سماح من تاريخ إصدار القرار الوزاري والبدء في تطبيقه. ويمكن للمؤسسة المعنية خلال هذه الفترة العمل على ما يُمكنها من تحقيق نسب التوطين للوصول للمستهدف الخاص بها. كما سيتم تقديم حزمة من المحفزات والدعم تتعلق بمساندة منشآت القطاع الخاص في توظيف السعوديين.
ولتسريع وتيرة التوطين لجأت السلطات السعودية إلى إصدار قرارات ملزمة تقضي بحصر عدد من المهن والتخصصات في المواطنين دون غيرهم، ومنها المهن المتعلقة بقطاع التأمين والاتصالات والمواصلات إضافة إلى منافذ البيع في نحو 12 نشاطا ومهنة معظمها في قطاع التجزئة.
وتمثّل عملية إحلال المواطنين محلّ الأجانب في الوظائف ومناصب الشغل توجّها عاما في عدد من بلدان الخليج تدفعه غاية أخرى تتعلّق بالتركيبة السكانية وضرورة تعديلها عبر التحكّم في العدد الكبير للوافدين وتقليصه كما هي الحال بالنسبة إلى الكويت.
وبدأت علامات انقلاب الموازين على سوق العمل في السعودية تظهر بوضوح أكثر بعد أربع سنوات من تنفيذ خطط توطين الوظائف حيث ظهرت أرقام رسمية لافتة حول تراجع عدد العمالة الأجنبية الوافدة.
ووفق أرقام نشرت مطلع الصيف الجاري فقد تخلى قرابة 2.24 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص السعودي عن وظائفهم خلال 51 شهرا، منذ مطلع 2017 حتى نهاية الربع الأول من 2021 أو ما يعادل أكثر من ربع العمالة الأجنبية في البلد الخليجي.
وتستند تلك الإحصائيات إلى بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي يسجل فيها جميع العاملين في القطاع الخاص مواطنون وأجانب. ويعدّ تأمين العمالة الأجنبية إلزاميا في المؤسسة.
وهبط عدد الموظفين الأجانب إلى 6.25 مليون فرد مع نهاية الربع الأول من العام الجاري مقابل 8.49 مليون نهاية 2016 أي بنسبة تراجع 26.4 في المئة. وفي المقابل صعد عدد الموظفين السعوديين 166.75 ألفا إلى 1.84 مليون بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 1.68 مليون في نهاية 2016، بزيادة 10 في المئة.
وخلال الفترة ذاتها هبط عدد الموظفين الناشطين في القطاع الخاص بين سعوديين وأجانب بمقدار مليونين إلى نحو 8.1 ملايين في نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 10.17 ملايين في نهاية 2016، بنسبة انخفاض تقدر بـ20.4 في المئة.
وبلغ معدل البطالة بين السعوديين 12.6 في المئة في الربع الأخير من 2020 منخفضا من 14.9 في المئة في الربع الثالث من نفس العام بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء. وبلغ معدل البطالة ذروته نتيجة تفشي جائحة كورونا ليصل عند 15.4 في المئة في الربع الثاني من العام الماضي.
وهناك قناعة داخل الأوساط الاقتصادية السعودية بأن القرارات المتتالية ستؤدي إلى توفير مئات الآلاف من الوظائف للمواطنين في كافة مناطق البلاد بالتزامن مع تسريع إطلاق مشاريع استثمارية جاذبة للعمالة السعودية في تلك القطاعات.
وأطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في وقت سابق برنامج “نطاقات” لتوفير وظائف جاذبة للمواطنين وزيادة مشاركتهم في سوق العمل. وقالت في بيان إن البرنامج الذي يوضح نسب توطين السعوديين في القطاع الخاص ويقسم الشركات إلى فئات حسب نسب التوطين لديها سيسهم في توفير أكثر من 340 ألف وظيفة حتى عام 2024.
والعام الماضي أصدر وزير الموارد البشرية والتنمية قرارا وزاريا يقضي برفع الحد الأدنى لاحتساب أجور السعوديين من ثلاثة إلى أربعة آلاف ريال، ما يعادل 800 دولار إلى 1.1 ألف دولار.