لا انتخابات نظيفة في العراق: "معارك" بلا رحمة واستعدادات مبكرة للتزوير

دسائس ومؤامرات تنخر البيتين السياسيين السني والشيعي من الداخل.
الجمعة 2021/08/27
رأسه مطلوب من أبناء جلدته

الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة تعتبر قضية مصير للقوى السياسية الكبرى الممسكة بمقاليد الدولة ومقدّراتها ويستبعد أن تفرّط في مكاسبها المادية والمعنوية وأن تتنازل عن مكانتها تحت أي ظرف، ولذلك يرجّح على نطاق واسع أن تلجأ مجدّدا إلى التزوير واستخدام المال السياسي وحتى سطوة السلاح لكسب الانتخابات، وهو الأمر الذي لاحت مقدّماته بشكل عملي.

بغداد - لا ترتقي مختلف التطمينات التي تصدرها الحكومة العراقية بشأن الانتخابات النيابية المقررة لشهر أكتوبر القادم وما تعلن عن اتخاذه من إجراءات لضمان سيرها في أحسن الظروف إلى مرتبة الضمانات للناخبين ولكثير من القوى المشاركة في العملية السياسية، بسلامة هذا الاستحقاق الهام من التزوير والتأثر بالمال السياسي وبسطوة السلاح المنفلت.

وأعلن القضاء العراقي عن إحباط محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة، بينما كشف مسؤول محلّي في محافظة نينوى بشمال العراق عن استغلال مرشحين للمال العام في دعايتهم الانتخابية.

وجاء ذلك بينما لم يستقر رأي مختلف القوى الفاعلة في المشهد السياسي العراقي على إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد بالعاشر من شهر أكتوبر القادم، حيث ما يزال العديد من تلك القوى متشبثا بخيار التأجيل في مقابل تشبّث قوى أخرى ومعها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالموعد المذكور.

وبدأ السجال حول الانتخابات يتحوّل إلى معارك سياسية وتصفية حسابات بلا رحمة وتسير بالتوازي داخل البيت السياسي السني وبين أبرز أقطابه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى البيت السياسي الشيعي. وتصل حدّ حياكة دسائس ومؤامرات تستخدم فيها مختلف الوسائل دون استثناء.

ويشكّل الفوز في الانتخابات قضية مصير للأحزاب الكبرى والفصائل المسلّحة الممسكة بالسلطة منذ سنة 2003 وتمثّل عماد النظام القائم وضمانة استمراره. ومع التراجع الكبير في شعبيتها نتيجة تجربتها الفاشلة في حكم البلاد، يستبعد متابعون للشأن العراقي أن تكون في وارد التسليم بالأمر الواقع والركون إلى النتائج التي سيفرزها الصندوق، وأنها ستلجأ مجدّدا إلى استخدام ما تمتلكه من نفوذ سياسي وأمني ومن وسائل مادية للحفاظ على مكاسبها ومكانتها في السلطة، مستندة إلى تجاربها في دورات انتخابية سابقة من بينها انتخابات سنة 2018 التي شابتها خروق جسيمة.

عصام حسين: قوى سياسية فرحة بمقاطعة التيار الصدري للانتخابات

وتذهب مصادر عراقية إلى التأكيد بأن الاستعدادات للتأثير في نتائج الانتخابات باستخدام طرق غير مشروعة بدأت بالفعل على شكل سباق مواز للحملة الانتخابية التي دشنتها الأحزاب بشكل غير رسمي.

وقال مجلس القضاء الأعلى في العراق في بيان نشره الخميس إنّ قاضي التحقيق المختص أوضح أن تحريات قضائية مبنيّة على الوسائل العلمية، قادت إلى الكشف عن مجموعة أشخاص يحترفون الابتزاز الإلكتروني كان هدفها الأول الإعداد للتلاعب بنتائج الانتخابات القادمة وتغير نتائجها، فيما كان هدفها الثاني إحداث الفوضى السياسية.

غير أن مصادر سياسية قالت إنّ الكشف عن القضية بحدّ ذاته جزء من المعركة الانتخابية الحامية التي نشبت بين السياسي السني خميس الخنجر وغريمه رئيس البرلمان المتنفّذ محمّد الحلبوسي متهمة الأخير باستخدام نفوذه داخل أجهزة الدولة وما يحظى به من دعم الأحزاب الشيعية الحاكمة في الإطاحة بخصمه.

ولا تقتصر معارك الإلغاء السياسي قبل الانتخابات على السياسيين السنّة بل تشمل بدرجة أكبر البيت السياسي الشيعي حيث تتصاعد معركة سياسية بلا هوادة بين التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من جهة، وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من جهة أخرى.

واتهم التيار الصدري على لسان عصام حسين ائتلاف المالكي وكذلك تحالف الفتح بقيادة هادي العامري زعيم ميليشيا بدر بنشر أخبار كاذبة عن اعتزامه إحداث فوضى في الشارع، قائلا إنّ الطرفين “فرحان” بمقاطعة الصدريين للانتخابات.

وعن تفاصيل مخطط تزوير الانتخابات أوضح بيان مجلس القضاء الأعلى أنّ المجموعة المتورطة “كانت تروم الإساءة لمختلف الشخصيات السياسية والاجتماعية في الدولة العراقية”.

ونسب البيان إلى قاضي التحقيق قوله إنه “تم طرح فكرة إنشاء قناة على برنامج تليغرام من قبل أحد المتهمين، وتم إطلاق القناة باسم سيدة الخضراء وبدأت النشر والاستهداف بطريقة تهدف لزيادة الفوضى في الوضع السياسي وزيادة الخلافات بين الأحزاب السياسية”.

وغير بعيد عن سياق التلاعب بالانتخابات والمعارك السياسية المبكّرة للفوز بها بأي ثمن، قال قائممقام الموصل مركز محافظة نينوى زهير الأعرجي إن بعض المرشحين يستغلون المال العام في الدعاية الانتخابية في المحافظة و“يشرفون على تبليط الشوارع أو الأرصفة وصيانة شبكات المياه، سواء في المناطق العامة أو السكنية من أجل استغلالها في الدعاية الانتخابية”.

3