قصص وتجارب عن الشتات في مهرجان افتراضي للسينما العراقية

المهرجان يقدم أفلاما متنوعة تبرز تجربة بعض الفنانين العراقيين الذين يعيشون في الشتات.
الجمعة 2021/08/27
فيلم "العودة".. احتفاء سينمائي بالتجربة البصرية الفريدة

لندن - أعلن مهرجان الفيلم العراقي المستقل عن إطلاق دورته الثانية في الفترة الممتدة بين الأول من أكتوبر المقبل وحتى السابع منه، مسلطا الضوء على خمسة عشر إنتاجا سينمائيا مستقلا من العراق.

ويُتيح المهرجان الذي يقام في لندن ويمكن حضوره افتراضيا عبر الإنترنت، وبشكل مجاني على أحباء السينما لقاءات حصرية مع مجموعة من الوجوه السينمائية العراقية المعروفة على غرار الفنان العراقي - الأميركي مايكل راكوفيتز والممثلة والمخرجة زهراء غندور. ويدير المهرجان الافتراضي فريق مصغّر من النساء العراقيات العاملات في مجال السينما، وهنّ روزين تابوني وشهناز الدليمي وإسراء الكمالي.

وتقول تابوني "إن جوهر ما نريد القيام به من خلال مهرجان الفيلم العراقي المستقل، هو تمكين المخرجين والممثلين وكتاب السيناريو والمنتجين والمصممين والفنانين الصوتيين والمبدعين بشتّى تخصصاتهم لإيصال قصة العراق وعزيمة شعبه واتساع ثقافته إلى جماهير عالمية مختلفة".

ويستهل المهرجان دورته هذا العام بفيلم "الليلة.. الأسبوع المقبل" لخالد الزرو (إنتاج 2009)، وهو فيلم وثائقي يتناول مدى تقلّص عدد دور السينما في العراق الذي كان يضمّ أكثر من ثمانين دار سينما وأنتج العشرات من الأفلام الروائية، إلاّ أنه بات يفتقد حاليا إلى غالبية صالاته السينمائية، وأصبحت العديد من مطبوعات أفلامه الأصلية مفقودة.

والفيلم يستكشف هذه الحالة المؤسفة لواقع السينما العراقية مستخدما لقطات من أرشيف صدام حسين، ليطرح سؤال: كيف ستستمر الثقافة السينمائية في العراق؟

وفي إطار تركيز المهرجان على أصوات المهمشين في العراق، يحضر فيلم "بالنجا" لعلي رحيم (2015)، والذي يسلّط فيه مخرجه الضوء على الأزمة الكردية.

ويتابع الفيلم الذي لم يعرض كثيرا، قصة أربعة أشخاص من كردستان العراق وهم يحاولون إعادة بناء بلدتهم الصغيرة من الدمار والمعاناة التي مرّت بها في الماضي.

"بالنجا" وثائقي يسلط الضوء على الأزمة الكردية
"بالنجا" وثائقي يسلط الضوء على الأزمة الكردية

كما سيعرض المهرجان فيلم "نساء عراقيات: أصوات من المنفى" (1994) للمخرجة العراقية ميسون الباجه جي، والذي يركّز على تصوير أصوات النساء العراقيات في طليعة النضال السياسي.

وتعدّ المخرجة ميسون الباجه جي أحد أبرز الأسماء السينمائية في العراق الآن، سبق لها أن أخرجت تسعة أعمال وثائقية، منها "الرحلة الإيرانية" و"المياه المرة" و"العودة إلى أرض العجائب" و"الحياة بعد سقوط" والتي حازت على العديد من الجوائز العالمية، وساهمت الباجه جي مع زميلها المخرج العراقي قاسم عبد في إنشاء كلية بغداد للسينما التي تخرّج فيها سينمائيون شباب بات لهم حضور في المشهد السينمائي وظفر بعضهم بجوائز سينمائية.

وبالإضافة إلى الأفلام الوثائقية الطويلة التي سيتم عرضها في النسخة الثانية من المهرجان، فقد تقرّر عرض ثلاثة أفلام قصيرة تبرز تجربة بعض الفنانين العراقيين الذين يعيشون في الشتات، ويحتلون مكانة بارزة في ساحة عالم الفنون البصرية، يتقدّمهم فيلم "العودة" لمايكل راكوفيتز (2014)، وهو جزء من سلسلة "أصوات الشتات: العراق من مسافة بعيدة"، وهي مجموعة من أربعة أفلام عن عراقيين يعيشون في الشتات.

وراكوفيتز نحات، ومحقّق تاريخي، وطاه أحيانا. تتميّز أعماله بمحتواها البحثي العميق وتناغمها مع الأبعاد الاجتماعية للممارسة الفنية، وهو يعمل من خلال عدسات العمارة والآثار والطعام في البحث عن التواريخ الشخصية والاجتماعية والمادية والربط بين قصص متباينة، فيما يبدو أنه سعي عبر الزمان والمكان، ويهتم بالأخص بالثقافة الشعبية "البوب" وكيفية استغلالها في تحقيق سرديات ثقافية مشتركة.

ولإيمانه بدور الفن كعامل يحفّز النقاش العام، اشتهر الفنان العراقي - الأميركي بسلسلة من مشاريع الفن العام، أبرزها "باراسايت"، وهو تركيب قابل للنفخ يسهل بناؤه لينام فيه من لا مأوى لهم، و"مطبخ العدو"، وهو عبارة عن ورش عمل وشاحنات طعام تقدّم المأكولات العراقية في شوارع المدن الأميركية.

مهرجان الفيلم العراقي المستقل يهدف إلى إبراز صمود الشعب العراقي، وإظهار اتساع ثقافة البلد أمام الجمهور العالمي

أما أحدث أعماله الفنية العامة فهي "لاماسو"، وهو عبارة عن إعادة ترميم وتكوين لثور آشوري مجنح برأس بشري دمره داعش في العام 2015، كُلّف المشروع ليُعرض في المنصة الرابعة في ميدان ترافالغار بلندن.

وراكوفيتز من مواليد العام 1963، ومقيم في شيكاغو. أقام العديد من المعارض الفردية وشارك في أخرى جماعية، وهو حائز على جائزة العام 2020 من "ناشر" المعنية بفن المجسمات تقديرا لرؤيته حول تأثير الأعمال النحتية في ظل الأزمات السياسية والإنسانية.

كما تشمل عروض الأفلام القصيرة "مقاطع فيديو منزلية: تجربة الأرشيف" وهي سلسلة تعرض أعمال الصور المتحركة والفيديو لفنانين بصريين عراقيين باستخدام تقنيات تجريبية لتمثيل قصصهم، إلى جانب سلسلة مصوّرة للفنان الكردي شيركو عباس، تحت عنوان "شهادة دمية ورقية" والتي تُعيد رواية الانتفاضة الكردية في العام 1991.

وبالإضافة إلى تركيز المهرجان على الأعمال السينمائية المنجزة من أو عن المغتربين العراقيين، فهناك أيضا الكثير من المواهب العراقية التي سيتم التطّرق إلى تجاربهم ضمن سلسلة "على الأرض: قصص من داخل العراق" التي تسلّط الضوء على الأصوات الفنية النامية المقيمة في العراق، مثل منير صلاح وعلياء حسن وهبة باسم وكرار العزاوي.

ومهرجان الفيلم العراقي المستقل منصة غير ربحية يقودها مجموعة من المهتمين بإنتاج الأفلام ونشر القصص، وهي مخصّصة لدعم الأفلام من وعن العراق من خلال عروض عبر الإنترنت ومهرجانات على أرض الواقع وبرامج تعليمية ومشاريع بصرية وسمعية ولقاءات هادفة ومبادرات مختلفة.

وأقيمت الدورة التأسيسية من المهرجان في أغسطس 2020، بمبادرة من مجموعة من النشطاء وأحباء السينما العراقيين المقيمين في لندن، والتي تناولت موضوع "المثالية الجندرية: النسوية المعاصرة في السينما العراقية".

16