تغيير المدربين يرفع سقف تطلعات الكرة الإيطالية

ما زال انتصار إيطاليا ببطولة أوروبا 2020 لكرة القدم حاضرا في الذاكرة، لكن الحالة المزاجية قبل انطلاق الموسم الجديد في الدوري الإيطالي متباينة بعد صيف شهد مغادرة أسماء كبيرة بدلا من التعاقد مع نجوم بارزين. وتشمل قائمة النجوم الذين غادروا الدوري روميلو لوكاكو، ومدافع العام كريستيان روميرو، وحارس المرمى جيانلويجي دوناروما، وأشرف حكيمي. ومع ذلك، فإن التغييرات واسعة النطاق في تشكيلة المدربين توفّر الكثير من الإثارة قبل موسم يصعب التكهن بنتائجه.
روما – خطفت إيطاليا الأنظار في الموسم الماضي وذلك بعد أن عادت إلى الواجهة محليا ودوليا. تنافسية ممتعة في استحقاقات الكالشيو أزاحت يوفنتوس عن عرشه لمصلحة إنتر ميلانو، ليتجلى الإنجاز على الساحة الدولية بعد تتويج تاريخي للمنتخب في بطولة أوروبا. هكذا، رُفع سقف تطلعات الكرة الإيطالية في الوسط الرياضي، غير أنّ الواقع بدّد الآمال إثر صيف طبعته مغادرة العديد من اللاعبين بدلا من إبرام الصفقات التي تتيح الاستمرارية.
أبدل 12 ناديا من أصل 20 في الدوري الإيطالي مدربيها قبل الموسم الجديد أي أكثر من نصف الفرق، ولكن يمكن القول إن التعيينات الأكثر إثارة للاهتمام كانت في العاصمة روما.
وانضم جوزيه مورينيو لتدريب فريق روما، ليعود إلى إيطاليا بعد 11 عاما من قيادة إنتر إلى ثلاثية تاريخية لا سابق لها من الألقاب، ويتحلى المدرب البرتغالي بالتصميم على النجاح في بلد ما زال يحظى فيه بمكانة عالية.
لم يكن جوزيه مورينيو ليذهب ليقود فريقا جديدا بهدوء، وستكون كل الأنظار مسلطة على مدرب روما الجديد مع انطلاق الدوري الإيطالي لكرة القدم بعد صيف حافل بالإثارة.
وكان المشهد الأخير لفترة مورينيو الأولى الممتلئة بالألقاب في إيطاليا لمدافع إنتر ميلان ماركو ماتيراتزي وهو يتلقى المواساة من المدرب البرتغالي بعد سماعه بقرار مدربه الرحيل إلى ريال مدريد. وبعد أن قاد إنتر إلى ثلاثية في 2010، رحل مورينيو باكيا أيضا عقب فوزه بكل شيء يمكن الفوز به خلال عامين، ويعود المدرب البرتغالي الآن إلى الدوري الإيطالي مع روما بصورة مغايرة تماما.
فقدان البريق
عانى مورينيو من فقدان بريقه بعد تراجع مستويات النجاح منذ رحيله عن إيطاليا قبل 11 عاما، وفاز بلقب الدوري مرتين خلال تلك الفترة مقابل 6 ألقاب دوري في المواسم الثمانية السابقة.
وبعد عدد من المشاحنات مع لاعبين في آخر فريقين دربهما في إنجلترا، فإن الصورة الجديدة لمورينيو ليست لمدرب يعشقه اللاعبون وصاحب مجد منقطع النظير، بل صورة شخصية نارية تصادمية تعود إلى إيطاليا لإزعاج بعض الأشخاص. ومع ذلك، يدرك مورينيو تماما أن وسائل الإعلام الإيطالية ستعلق على كل كلمة له.
وقال مورينيو مازحا على إنستغرام هذا الأسبوع “أنا أبتسم لأن لدي 40 يوما من دون مقابلات؛ (لقد أمضيت) وقتا رائعا إذ ركزت فقط على العمل ونسيت أصدقائي من الصحافة، لا يوجد شيء مثير للاهتمام حقا لأكون صادقا، أحب الصحافة، (لقد) افتقدتهم كثيرا”. وتسبب مورينيو بالفعل في ضجة كبيرة، حتى قبل بداية الموسم.
وخسر روما 2-5 أمام ريال بيتيس الإسباني في وقت سابق من الشهر الحالي في مباراة ودية، وأنهى روما المباراة المتوترة بـ8 لاعبين فقط بعد طرد 3. وطُرد مورينيو نفسه من قبل الحكم بسبب اعتراضاته العنيفة على قراراته، على الرغم من أن المباراة كانت ودّية.
ومع ذلك، فإن كل هذه المشاهد التي تأتي مع مورينيو ستذهب سدى إذا كانت النتائج لا تسير في مصلحة روما، في ظل التوقعات بأن ينافس النادي على قمة الجدول. وتوجد بالفعل لوحة جدارية ضخمة لمورينيو على دراجة نارية صغيرة من طراز فيسبا في حي تيستاكيو في روما، كما يمتلك المدرب البرتغالي نكهة “بوظة” (آيس كريم) سميت باسمه في أحد متاجر المثلجات بالعاصمة الإيطالية.
وبعد أن فقد إنتر ميلان حامل اللقب عددا من لاعبيه الكبار عقب اضطراره إلى خفض النفقات هذا الصيف، ودخول يوفنتوس الموسم الجديد على خلفية أداء أقل من المعتاد في موسم 2020-2021، فإن الآمال مرتفعة إزاء قدرة مورينيو على قيادة روما إلى المنافسة سريعا.
في الجانب الآخر من المدينة، عيّن لاتسيو المدرب ماوريتسيو ساري، ويعد الاختلاف في الأساليب والشخصيات بين مدربي ناديي العاصمة الإيطالية بإثارة بالغة في مباراة قمة روما.
وعاد وجه مألوف آخر، وهو لوتشيانو سباليتي مع نابولي، في حين استمر سلفه جينارو غاتوسو 22 يوما في فيورنتينا قبل رحيله ليحل محله مدرب سبيتسيا السابق فينشنزو إيطاليانو.
تم تكليف سيموني إنزاغي بمهمة قيادة حملة دفاع إنتر ميلان عن اللقب بعد فترة صعبة على النادي شهدت رحيل المدرب أنطونيو كونتي في خضم خيبة أمله من خطط خفض النفقات هذا الموسم.
وينظر إلى مدرب لاتسيو السابق البالغ من العمر 45 عاما باعتباره الخليفة الطبيعي لكونتي، لكن مهمته باتت أصعب بعد بيع لوكاكو وحكيمي اللذين سجلا معا 31 هدفا وصنعا 20 هدفا في الموسم الماضي.
وأدى فقدان إنتر 3 من لاعبيه الأساسيين إلى ترشيح الكثيرين ليوفنتوس لاستعادة اللقب بعد أن عاد إليه المدرب ماسيميليانو أليغري الفائز بالدوري الإيطالي 6 مرات. وقال مدرب يوفنتوس السابق مارتشيلو ليبي “يوفنتوس مرشح دائما، وهذا العام بصورة أكبر. لم يحرز اللقب الموسم الماضي، ولذلك فإنه يشعر بالنهم والتصميم على استعادته”.
لكن يوفنتوس تراجع منذ رحيل أليغري في 2019، ونجح في التأهل بصعوبة إلى دوري أبطال أوروبا في الجولة الأخيرة من الموسم الماضي تحت قيادة المدرب المبتدئ أندريا بيرلو.
وقد يتحدد مصير اللقب بكيفية تحكم إنزاغي في الموقف الصعب في ناديه الجديد ومدى سهولة تأقلم أليغري مرة أخرى في يوفنتوس.
مورينيو انضم لتدريب فريق روما، ليعود إلى إيطاليا بعد 11 عاما من قيادة إنتر إلى ثلاثية تاريخية لا سابق لها من الألقاب
ويبدو يوفنتوس، في نسخة 2021ـ2022، مختلفا عن الموسم الماضي بما أن المدرب أليغري يرغب بشدة في إحداث ثورة تكتيكية تساعد الفريق على الاستفادة من قدرات نجم إيطاليا في يورو 2020، فريديريكو كييزا وكذلك البرتغالي رونالدو والعائد من إصابة باولو ديبالا.
ورغم وجود الإسباني ألفارو موراتا، الذي عادة ما يشغل دور قلب هجوم فقد فضل أليغري الاعتماد على الثلاثي ديبالا ورونالدو وكييزا منذ البداية وشغل الأرجنتيني دور قلب هجوم من أجل الاستفادة من مهاراته في التحرك وطلب الكرة.
وأثبت الثلاثي الهجومي الجديد انسجاما كبيرا تجسّد في لقطة الهدف ضد أتلانتا، إذ قاد كييزا ورونالدو هجوما معاكسا سريعا انتهى بهدف من ديبالا أثبت من خلال حسن اختيار أليغري إذ ليس من السهل التسجيل في مرمى أتلانتا.
وستكون بقية المباريات الرسمية مقياسا حقيقيا للحكم على قوة هذه التركيبة الهجومية خاصة خلال منافسات دوري الأبطال التي يسعى خلالها يوفنتوس إلى الوصول إلى دور متقدم.
يعتبر الإيطالي ماسيميليانو أليغري (53 سنة)، المدير الفني لنادي يوفنتوس، من أبرز المدربين في إيطاليا، وفي أوروبا بشكل عام. ويتمتع أليغري بفكر تدريبي جيد وله حضوره الكبير في عدد من الدوريات الأوروبية، من خلال مسيرته الاحترافية الحافلة بالنسبة للأندية التي دربها سابقا.
وفي 28 من شهر أيار الماضي ومع ختام الموسم الكروي الفائت، كانت إدارة نادي يوفنتوس قد أعلنت عن تعاقدها مع المدرب السابق أليغري، وعودته مرة ثانية لقيادة اليوفي بعد غياب عامين، بدلا من المدرب أندريا بيرلو، بعقد مدته أربع سنوات قادمة.
ورحبت إدارة النادي عبر موقعها الرسمي بالمدرب أليغري، كما أشادت بجهوده السابقة والإنجازات التي حققها عندما كان مدربا لليوفي قبل عامين.
ولاقت عودة أليغري إلى تدريب النادي ارتياحا رسميا وشعبيا في الشارع الإيطالي، خاصة بعد الإخفاقات التي مني بها اليوفي في الموسم الماضي.
ومع استعدادات نادي يوفنتوس لخوض مباريات دوري الكالتشيو للموسم 2021-2022، والذي سينطلق بتاريخ 22 من شهر أغسطس، بدأ أليغري بوضع الخطوط العريضة لمستقبل اليوفي في البطولات المحلية والأوروبية على حدّ سواء.
استفادة من الاستقرار
ربما يستفيد الفريقان الوحيدان ضمن السبعة الأوائل واللذان احتفظا بمدربيهما، وهما ميلان مع ستيفانو بيولي وأتلانتا مع جيان بييرو غاسبريني، من الاستقرار بعد احتلالهما المركزين الثاني والثالث على الترتيب الموسم الماضي.
وقال مدرب منتخب إيطاليا السابق أريغو ساكي “إذا نجح ميلان في قطع خطوة للأمام من خلال استيعاب خطة لعبهم، فلن يكون هناك هدف بعيد المنال”.
ويؤمن ستيفانو بيولي، المدير الفني لفريق ميلان، بصعوبة المنافسة بين الأندية الموسم المقبل في بطولة الدوري الإيطالي. ميلان أنهى الموسم الماضي في المركز الثاني بجدول ترتيب الكالتشيو برصيد 79 نقطة، بفارق 12 نقطة عن إنتر البطل، ليصعد الروسونيري إلى دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 7 سنوات.
وأوضح بيولي في تصريحات صحافية “يجب ألا نضع حدودا لأنفسنا، لكنه سيكون موسما صعبا، لأنه سيكون هناك سبعة فرق تتنافس على المراكز الأربعة الأولى”.
وشدد مدرب الروسونيري “المجموعة مهمة، فازت إيطاليا ببطولة اليورو لأنه يمكنك رؤية روح الفريق في أعينهم، أنت لا تفوز بالأسلوب الفني، بل تفوز بوضع المجموعة في المقدمة”. وأكد “لقد ساعدني زلاتان إبراهيموفيتش كثيرا، فهو مثال في كل ما يفعله، إنه يطلب الأفضل من نفسه ومن الآخرين”.
وأنهى المدرب صاحب الـ55 عاما “لقد غير زلاتان وسيمون كيير الفريق، ليس فقط من الناحية الفنية، ولكن بشكل خاص بالمعنى الأخلاقي”.
وستستضيف اثنتان من أجمل بقاع إيطاليا، وهما البندقية وساحل أمالفي، مباريات الدوري الإيطالي مجددا هذا الموسم بعد غياب طويل.
وسيظهر فينيتسيا في الدرجة الأولى لأول مرة في 20 عاما، في حين عاد ساليرنيتانا، الذي يتخذ من ساليرنو مقرا له، للعب مع الكبار لأول مرة منذ موسم 1998-1999. وإمبولي هو ثالث الفرق الصاعدة هذا الموسم من الدرجة الثانية. وفي حين أن مكانة اللاعبين الذين غادروا الدوري قد تفوق أولئك القادمين، فقد تم إبرام بعض الصفقات المثيرة للاهتمام أيضا.
وتعاقد إنتر مع دينزل دمفريس أبرز لاعبي هولندا في بطولة أوروبا 2020 والمهاجم المخضرم إيدن جيكو لتعويض رحيل حكيمي ولوكاكو، في حين يضيف صانع لعب ميلان السابق هاكان شالهان أوغلو جودة إلى وسط الملعب.
وأضاف روما إلى تشكيلته الحارس البرتغالي روي باتريشيو ومهاجم تشيلسي تامي أبراهام، في وقت تم فيه تكليف مايك مينيان بمهمة حراسة مرمى ميلان بدلا من دوناروما، كما تعاقد النادي مع أوليفييه جيرو من تشيلسي أيضا لتدعيم هجوم المدرب بيولي.
ومع تبقي أسبوعين على انتهاء فترة الانتقالات، من المرجح إبرام المزيد من الصفقات قبل موسم من المتوقع أن يكون رائعا.