شبح تأجيل الانتخابات يخيم على الأوساط الليبية

حالة جمود تعيشها حكومة الوحدة الوطنية ساهمت في عرقلة المفاوضات بشأن الانتخابات مع انقضاء المهلة المحددة لذلك دون إجراء التعديلات الدستورية اللازمة.
السبت 2021/08/21
مسار الانتخابات يتعثر

طرابلس- يخيّم شبح تأجيل الانتخابات على الأوساط الليبية، حيث لا يزال الغموض يكتنف مصيرها النهائي، بعد تعثر المفاوضات حول إنجاز عملية السلام بالبلاد، ما يعسّر إجراءها في موعدها المرتقب.

وقال معهد الدراسات الأمنية الأفريقية (جنوب أفريقيا)، إن موجة الأمل المستوحاة من إنجاز عملية السلام الليبية المستمرة منذ عام، بدأت في التلاشي مع تعثر المفاوضات حول إجراء الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

واعتمد المعهد في تقرير نشره على خبراء متخصصين في الشأن الليبي، ليخلص إلى ما أسماه بإفراط الليبيين والمجتمع الدولي في التفاؤل، بعد تحقيق مسائل مهمة سابقا شملت وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 واتفاقية الإطار السياسي الانتقالي، بتسليم السلطة في مارس من طرف الحكومة الغربية في طرابلس والحكومة الشرقية المنافسة في طبرق إلى حكومة وحدة وطنية.

واعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أن إنشاء حكومة موحدة تتمتع بدعم التجمعات السياسية المتنافسة في ليبيا والتحالفات العسكرية التابعة لها وداعميها الأجانب، هو إنجاز تاريخي.

ومنذ أن أدت حكومة الوحدة الوطنية اليمين في الخامس عشر من مارس الماضي، حدثت حالة جمود ووصلت المفاوضات إلى طريق مسدود في الغالب، ما قد يؤدي إلى تأجيل انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

وأشار المعهد الأفريقي إلى انقضاء مهلة الأول من يوليو دون إجراء التعديلات الدستورية اللازمة والقانون الانتخابي، الذي سيعتمده البرلمان للسماح بتنظيم الاقتراع.

وقالت الخبيرة في الشأن الليبي سيلفيا كولومبو إن هذا “الخيار ليس على طاولة المفاوضات، حيث تقول خارطة الطريق التي تدعمها الأمم المتحدة إن المجلس الرئاسي المكون من ثلاثة أشخاص والذي يحكم إلى جانب حكومة الوحدة الوطنية يجب أن يقود الجيش”. ووافقت جميع الأطراف في منتدى الحوار السياسي الليبي على خارطة الطريق في نوفمبر الماضي.

سيلفيا كولومبو: دون بناء مؤسسات يمكن أن تكون الانتخابات مزعزعة للاستقرار

وفضلا عن خطط الانتخابات، هناك عقبة أخرى تتمثل في استمرار وجود القوات الأجنبية في البلاد، على الرغم من اتفاق نوفمبر الذي ينص على إلزامية أن تغادر جميعا الآن.

ومن بين هؤلاء مرتزقة سوريون على طرفي الصراع، كما لا تزال العناصر العسكرية التركية التي دعمت حكومة طرابلس السابقة حاضرة، وكذلك الشركة العسكرية الروسية الخاصة فاغنر.

ويحذر المعهد من تسبب وجود القوات الأجنبية في تعقيد عملية الانتقال السياسي، لاسيما الجهود المبذولة لتوحيد القوات العسكرية العديدة في البلاد، إلا أنه لا يهدد خارطة الطريق، كما يقول المتخصص في شؤون ليبيا تيم إيتون.

ويصف التقرير خارطة الطريق بأنها ظلت صامتة بشأن العديد من القضايا، من بينها التساؤل حول عما إذا كان ينبغي أن يتم اقتراع الرابع والعشرين من ديسمبر بعد الاستفتاء على مسودة دستور أكملته لجنة منتخبة في 2017، مع إجراء انتخابات في وقت لاحق.

وبدلا من ذلك، يمكن أن يجرى الاقتراع للبرلمان الجديد فقط، والذي من شأنه أن ينتخب رئيسا بشكل غير مباشر، أو يمكن للناخبين أن يختاروا البرلمان والرئيس.

وتحذر كولومبو من أنه دون بناء مؤسسات مسبقا، يمكن أن تكون انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر مزعزعة للاستقرار، كما يحذر إيتون من أن عدم الاستقرار هذا يكون أكثر احتمالا دون اتخاذ تدابير تضمن أن يكون التصويت حرا وعادلا.

وتروج أوساط دولية لسبب هذا التعثر بتقديم حجة مضادة تقول إن الليبيين لا يتحلون بالصبر تجاه الديمقراطية، لكن يجب السماح لهم باختيار حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن، في حين يمكن لهذه الحكومة بعد ذلك الموافقة على دستور جديد والتعامل مع بناء المؤسسات وإعادة توحيدها.

ويشكك الكثيرون في رغبة حكومة الوحدة في تأجيل الانتخابات والبقاء في السلطة بعد الرابع والعشرين من ديسمبر. ويرى إيتون وكولومبو أن المجتمع الدولي لم يلق وزنا كافيا وراء المفاوضات من أجل ترتيبات انتخابية قابلة لأن تتم.

ويذكر إيتون أن “الأمم المتحدة على وجه الخصوص أسقطت الكرة”، مذكّرا باجتماع أخير لمنتدى الحوار السياسي الليبي حيث طرح رايزيدون زينينجا، نائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة، فكرة تأجيل الانتخابات أو إجراء انتخابات برلمانية فقط.

4