مقترح بتأجيل الانتخابات العراقية لمنح التيار الصدري فرصة المشاركة فيها

تأجيل الانتخابات النيابية المبكرة سيناريو بات مطروحا لتزايد عدد القوى السياسية المؤيّدة له في العراق.
الخميس 2021/08/19
آخر دور للناخبين ثم يبدأ شغل المزورين

بغداد - قالت مصادر عراقية إنّ سيناريو تأجيل الانتخابات النيابية المبكرة بات مطروحا بجدية، وذلك لتزايد عدد القوى السياسية المؤيّدة له على الرغم من إعلانها سابقا مواقف معارضة للتأجيل ومتمسّكة بتاريخ العاشر من أكتوبر القادم موعدا للاستحقاق.

وذكرت المصادر التي نقلت عنها وسائل إعلام محلّية عراقية أنّ تاريخ الحادي والعشرين من أبريل 2022 تمّ اقتراحه كموعد بديل لإجراء الانتخابات، وذلك خلال اجتماع عقد ليل الثلاثاء في بغداد وضمّ ممثلين عن قوى سياسية وصفت بـ”الوازنة والمؤثرة”.

وأوضحت أنّ السبب الرئيسي الذي طرحته أحزاب شيعية كمبرّر لتغيير موقفها من قضيّة التأجيل هو مقاطعة التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للانتخابات.

المطالبة بتأجيل الانتخابات بسبب عدم مشاركة التيار الصدري فيها ذريعة للقوى السياسية المتخوفة من تصويت عقابي

ورأى بعض من حضروا اجتماع بغداد وجوب منح فرصة للصدر للتراجع عن موقفه بهدف تجنّب الطعن في شرعية الانتخابات والحكومة التي ستنبثق عنها على اعتبار أن عدم مشاركة التيار الصدري سيعني استثناء كتلة بشرية كبيرة ووازنة وذات تأثير في الشارع بالنظر إلى ما يحظى به الصدر من شعبية داخل الأوساط الشيعية.

لكنّ نائبا عراقيا سابقا علّق بالقول إنّ الدفع بمقاطعة التيار الصدري للانتخابات كمبرّر للمطالبة بالتأجيل جاء كمجرّد غطاء لرغبة أصلية لدى القوى والأحزاب الشيعية الأكبر في عدم إجراء الانتخابات في فترة ما تزال فيها نقمة الشارع على تلك القوى والأحزاب قائمة ما يعني خطر تعرّضها لتصويت عقابي من قبل الناخبين الأمر الذي يعني خسارتها للسلطة التي حافظت عليها طيلة ثمانية عشر عاما.

وبحسب مصدر نقلت عنه شبكة رووداو الإعلامية فقد طرح خلال الاجتماع إلى جانب مقترح تأجيل الانتخابات إلى الموعد المذكور مقترح حل البرلمان الحالي في الثاني والعشرين من شهر فبراير القادم.

وكان من المفترض انتهاء الدورة البرلمانية الحالية سنة 2022، إلاّ أن الأحزاب السياسية قررت إجراء انتخابات مبكرة بعدما أطاحت احتجاجات شعبية واسعة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي أواخر 2019.

ويعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي وكذلك رئيس الجمهورية برهم صالح إلى حدّ الآن إصرارا على إجراء الانتخابات في موعدها ومواصلة التحضيرات الضرورية لإجرائها، لكنّ مصادر عراقية بدأت مع تتالي قرارات المقاطعة والمطالبات بالتأجيل تتساءل عن مدى واقعية التمادي في الالتزام بالموعد المحدّد.

وقبل اجتماع بغداد كانت فكرة تأجيل الانتخابات مطروحة وتحظى بدعم العديد من القوى السياسية. وكان تحالف سائرون المدعوم من الصدر من أحدث من طالبوا بالتأجيل على لسان النائب بدر صائغ الزيادي الذي اعتبر أن انتخابات لا يشارك فيها التيار الصدري ستكون منقوصة الشرعية ومؤكّدا أنّه “لا يمكن إجراء الانتخابات في تاريخ العاشر من أكتوبر المقبل”.

السبب الرئيسي الذي طرحته أحزاب شيعية كمبرّر لتغيير موقفها من قضيّة التأجيل هو مقاطعة التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للانتخابات

كما أشار إلى أنّ أحزابا أخرى قاطعت الانتخابات فيما الحكومة والمجتمع الدولي يريدان إجراء الانتخابات بمشاركة الجميع. ويشير الزيادي بذلك إلى جبهة الحوار الوطني بزعامة السياسي السُني صالح المطلك التي أعلنت مؤخرا مقاطعتها للانتخابات معلّلة قرارها بالخوف من تزويرها على غرار ما حدث في انتخابات سنة 2018، وكذلك إلى تكتّل المنبر العراقي الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وأعلن كذلك انسحابه من الانتخابات متوقّعا تضاؤل نسب المشاركة الجماهيرية فيها ما سيُنتج “دورة برلمانية غير كفوءة لتحمل الأعباء العظيمة وحكومة ضعيفة ومستضعفة مقرونة بالفساد والتزوير”.

ورغم مختلف المبرّرات التي ساقتها الأحزاب والكتل السياسية سواء لإعلان بعضها مقاطعة الانتخابات أو لمطالبة البعض الآخر بتأجيل موعدها، فإن الموقف من الاستحقاق الانتخابي يظل انعكاسا لحسابات الربح والخسارة من قبل تلك القوى وخصوصا تلك التي لا تعوّل على تحقيق مكاسب من وراء الانتخابات التي تقرّرت في ظروف استثنائية تميّزت بحالة من الغضب الشعبي  العارم من أداء القوى المشاركة في العملية السياسية وخصوصا تلك التي تبوّأت مكانة قيادية في تجربة الحكم الفاشلة الموسومة بالفساد الشديد وتسبّبت بتراجع العراق على مختلف المستويات.

وتشترك في التوجّس من نتيجة الانتخابات قوى وأحزاب من مختلف المشارب والتوجهات لاسيما الأحزاب الشيعية الأكبر التي احتجّ المتظاهرون عليها بشدّة في معاقلها الرئيسية بوسط وجنوب العراق، وكذلك القوى السياسية السنية التي تشهد تراجعا شديدا لشعبيتها في مناطق السنة بغرب وشمال البلاد حيث يعاني السكّان تبعات الحرب ضدّ داعش والتي دارت أعنف حلقاتها في مناطقهم، كما يعانون ضعف الخدمات وتوقّف التنمية في تلك المناطق.

3