الأردن يبحث عن قواعد لتنظيم التجارة الإلكترونية

كثفت أوساط الأعمال والتكنولوجيا في الأردن ضغوطها على الحكومة لتعزيز دور التجارة الإلكترونية في نمو النشاط الاقتصادي ضمن مظلة واحدة تعمل وفق أسس قانونية واضحة ومنظمة، خاصة بعد أن فرض التحول المتسارع في التعاملات التجارية حول العالم واقعا جديدا، يمكن أن يمثل فرصة كبيرة للبلد من أجل توسيع هذه السوق.
عمان - تواجه الحكومة الأردنية تحدي اعتماد قواعد موحدة تنظم التجارة الإلكترونية بالبلاد بعد أن تزايدت مطالب العاملين بقطاعي تكنولوجيا المعلومات والتجارة بضرورة وضع قوانين واضحة لهذا النشاط وكيفية التعامل معه.
ورغم تأكيد وزارة الصناعة والتجارة والتموين أنها تعمل حاليا بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لتنظيم عمل التجارة الإلكترونية وضبطها بما يحقق الأهداف، لكن يبدو أن تلك الخطوات تسير ببطء.
ويتفق خبراء على أن عدم وجود استراتيجية واضحة للتجارة الإلكترونية تساعد التجار على تحديد رؤيتهم المستقبلية يتطلب أخذ هذه القضية على محمل الجد سواء من الجهات الرسمية أو القطاع التجارة.
وتعرف التجارة الإلكترونية بأنها عملية شراء وبيع المنتجات أو الخدمات والقيام بالتحويلات المالية ونقل البيانات باستخدام الإنترنت، وتتيح للأفراد والشركات القيام بأعمالهم التجارية من دون أي قيود مرتبطة بالوقت أو بالحواجز الجغرافية.
ويبدو أنه لا خيار أمام الأردن مثلما هو الحال مع باقي دول المنطقة العربية سوى مسايرة تحولات الاقتصاد العالمي الذي بدأ في التخلي عن الآليات التقليدية والانخراط كليا في الاقتصاد الرقمي من أجل دعم بقية القطاعات الأخرى لإنعاش النمو.

هيثم الرواجبة: غياب مظلة موحدة عائق رئيسي أمام المعاملات الرقمية
وبحسب إحصاءات منصة “بيزنس إنسايدر”، فإنه من المرجح أن تحقق سوق التجارة الإلكترونية قفزة قوية في حجم التعاملات على الصعيد العالمي لتصل إلى 5.8 تريليون دولار بحلول عام 2024 مقابل 3.1 تريليون دولار في 2018.
وتختبر الجائحة اليوم قدرة عمّان على ترسيخ التجارة الإلكترونية كبديل دائم يسهل الخدمات والمعاملات اليومية، دون الاكتفاء بالالتجاء إليها كحل ظرفي وإجباري رغم بروز محاولات سابقة للمضي في هذا المسار.
وفيما حفزت الأزمة الصحية انتعاش التسوق الرقمي، إلا أن التجارة الإلكترونية في الأردن لا تزال تعاني صعوبات كثيرة، بسبب تأخر الأفراد والحكومة في تبني التكنولوجيا الرقمية من جهة، ولوجود عوائق قانونية ولوجستية تحولُ دون تطور المنظومة الرقمية في البلد من جهة ثانية.
وتؤكد أوساط الأعمال التجارية أن أبرز التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية بالبلاد تتمثل بغياب قانون ينظم أعمالها، وعدم خضوعها للرقابة أو الترخيص من أي جهة لمنع الغش والتلاعب بصورة المنتج الحقيقية.
ويعتقد ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن هيثم الرواجبة أن غياب المظلة الواحدة يعتبر من أهم التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية في الأردن، إلى جانب عدم خضوعها للرقابة أو الترخيص، مشددا على ضرورة أن تكون تحت إشراف وزارة الصناعة والتجارة والتموين.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الرواجبة قوله إن “انخفاض أسعار بعض السلع التي تباع عبر المنصات الرقمية مقارنة بأسعارها الحقيقية عند التجار يجعلها منافسة للتجارة التقليدية، بالإضافة إلى أن جودة البضاعة قد تكون ليست بالصورة الحقيقية التي تصل للمشتري فلا يستطيع معها اللجوء لجهة معينة وتقديم شكوى”.
ويعمد بعض التجار إلى تحويل محلاتهم التجارية من تقليدية إلى إلكترونية وبسبب ذلك نمت عمليات التسوق الرقمي بسبب الإقبال الكبير على استخدام الإنترنت والهواتف الذكية وتطبيقاتها، وهو ما أدى إلى زيادة نسبة الأضرار التي يتعرض لها بعض أطراف العملية، مع عدم وجود تشريعات لحماية مختلف الأطراف.
ويعتبر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة عمان سلطان علان أن تحديات تواجه التجارة الإلكترونية أبرزها عدم وجود قرار يختص بالطرود البريدية التي منحت إعفاءات وصلت لنسبة رسوم جمركية لا تتجاوز 10 في المئة بينما بقيت التجارة التقليدية على رسوم مرتفعة تتراوح بين 50 إلى 60 في المئة.
وأوضح أن هذا الوضع أوجد عدم توازن بين التجارة التقليدية التي تأتي عبر المنافذ البحرية والبرية، والتجارة الإلكترونية التي تأتي غالبا عن طريق المنافذ الجوية ولا تخضع لأي نوع من الرقابة سواء رقابة الغذاء والدواء أو رقابة المواصفات والمقاييس ولا تخضع لحماية الملكية الفكرية، وبالتالي نتج عن ذلك خلل لصالح تجارة الطرود البريدية.
ومن التحديات أيضا بحسب علان، عدم وجود قانون ينظم هذه التجارة مقارنة بدول الجوار السباقة في ذلك، ولا توجد مديرية لتسجيل التاجر الإلكتروني وهو ما يتطلب وجود مديرية خاصة بالتجارة الإلكترونية في وزارة الصناعة والتجارة والتموين لتسجيل ومنح التاجر الإلكتروني رخصة عمل.
وأكد على ضرورة وجود قانون لحماية وخدمة المستهلك من الآثار الجانبية للتجارة الإلكترونية في حال شراء سلعة غير مناسبة أو فيها غش أو تلاعب بالمواصفات، ولحماية التجارة التقليدية التي تتحمل الكثير من كلف التشغيل.
وقال علان إن “التجارة الإلكترونية جعلت العالم وكأنه سوق واحد فيستطيع الشخص التسوق من أي بلد والحصول على السلعة بسهولة وبالتالي زاد عامل المنافسة وانعكس على انخفاض الأسعار”.
وبما أن التجارة الإلكترونية هي نوع حديث من التجارة بدأت بالظهور خلال العقد الأخير بشكل واسع في الدول العربية، فإن معدل نموها سنويا بالعالم يتجاوز حوالي 22 في المئة، ويبلغ 30 في المئة في بعض الدول.
459 مليون دولار حجم التسوق الرقمي خلال العام الماضي بحسب بعض التقديرات
ويرى خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هشام قطان أنه لابد من تحديد مرجعية واحدة للتجارة الإلكترونية وسن تشريعات وقوانين واضحة لتعريفها وسبل التعامل معها. وشدد على أهمية عدم إهمال الشراء الإلكتروني الذي يتم من خلال المنصات المحلية سواءً كان تجارة إلكترونية متكاملة أو جزئية.
وتصاعدت عمليات البيع الإلكتروني في البلاد خلال السنوات الماضية حيث تشير بعض التقديرات إلى أنها قفزت من نحو 177 مليون دينار (250 مليون دولار) في عام 2015 لتصل إلى 400 مليون دينار (نحو 565 مليون دولار) حاليا كما تشير إلى ذلك بعض التقديرات.
ويوضح قطان أن أرقام حجم التجارة الإلكترونية محليا استنتاجية وليست موثقة، ولكل جهة مرجعيتها في تقدير حجمها، فالبنوك تحسب التجارة الإلكترونية من خلال استخدام بطاقات الائتمان لتسديد دفعات خارجية أو من خلال تحويلات خارجية ثمناً لخدمات إلكترونية من خارج الأردن.
ويؤكد أن بعض التوقعات تشير إلى أن حجم التجارة الإلكترونية بالأردن تراوحت بين 423.7 و459 مليون دولار خلال العام الماضي. وكانت وزارة الصناعة قد أنشأت منصة يتم التسجيل عليها عند الشراء الرقمي ليتم الإحصاء ووضعت شروطا ومحددات للشراء الإلكتروني حفاظاً على استثمارات التجار التقليديين.