قلق أردني من تصاعد المعارك في درعا

عمّان – يثير تواصل المواجهات في محافظة درعا بين قوات النظام السوري ومعارضيه قلق الأردن المحاذي لجزء ليس بالقليل من المحافظة المضطربة.
وعقب استمرار حالة الهدوء في درعا لأشهر طويلة عادت أصوات القصف الليلي اليومي إلى القرى والمدن الأردنية المحاذية لها، لتظهر في محصلة الأمر أن مخططا جديدا يحاك تجاه المحافظة السورية.
وزاد حديث أهالي درعا عن وجود قوات إيرانية داعمة للنظام السوري من حالة القلق لدى عمّان، لاسيما وأن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد أعلن مؤخرا في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي.إن.إن” الأميركية عن تعرض بلاده للهجوم من طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، وتم التعامل معها.
والأردن من بين أكثر دول العالم تأثرا بما تشهده جارته الشمالية، فبعد أن كان على أهبة الاستعداد لإعادة تشغيل كلي لمعبره الحدودي جابر – نصيب الرابط مع سوريا على أمل تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية، قرر في الحادي والثلاثين من يوليو الماضي إغلاقه بالكامل، مرجعا ذلك إلى “تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري”.
ودعا الأردن مرارا وتكرارا إلى حل سياسي للأزمة السورية، وهو ما عبر عنه مسؤولوه وساسته في الكثير من المناسبات، لكنه في الوقت ذاته يسعى جاهدا لتجنب أي تداعيات أخرى قد تطاله نتيجة التطورات الأخيرة في محافظة درعا.

ويقول المحلل العسكري مأمون أبونوار “أعتقد أن ما يجري في درعا هو مرحلة تطهير تدريجي، وترحيل لسكانها الـ50 ألفا، وهنا تكمن المعضلة، فإلى أين سيذهبون؟”.
وعن تداعيات ما يجري من نزوح لأهالي درعا استبعد أبونوار أن يسعى الأردن لإقامة منطقة آمنة على حدوده مع سوريا نظرا إلى ما تحتاجه من حماية أممية وإشراف وغير ذلك.
وأكد أن الأردن “لن يسمح في الوقت ذاته بقدوم الفصائل المسلحة إلى حدوده، وهو يفضل وجود النظام هناك، لذلك فإن المملكة ستمنع أي هجرة باتجاهها”. وبين أن “هناك توجسا أمنيا رغم وجود استراتيجية دفاعية جيدة بالأردن، ولا أعتقد أن هناك أي فجوات، وهناك تفاهمات مع جميع الأطراف على منع الهجرة نحو أراضيه”.
ونوه إلى أن “التهديد على أمن الأردن قد يكون إذا ما حدثت مواجهة إيرانية – إسرائيلية، خاصة مع وجود الطائرات المسيرة، والتي تعتبر تهديدا لأمن البلدان نظرا لتقنيتها في ضرب أهدافها”. وأشار أبونوار، وهو لواء طيار مقاتل، إلى أن هناك “قلقا آخر في ما يتعلق باستخدام الصواريخ الباليستية وسقوط شظاياها فوق الأردن”.
واعتبر فايز الدويري المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي أن وجود قوات إيرانية قرب الحدود “يقض مضاجع الأردن رسميا وشعبيا”. وقال الدويري “الميليشيات الإيرانية لو استطاعت أن تؤثر على الأمن الوطني الأردني فإنها لن تتأخر لحظة”.
وأضاف “لذلك على صانع القرار والقادة العسكريين أن يأخذوا ذلك بالحسبان، وأن يكونوا بأعلى درجات الاستعداد لمراقبة الحدود والحيلولة دون حدوث أي اختراقات”.
وحول إمكانية لجوء الأردن إلى معاهداته الدفاعية مع الولايات المتحدة في مواجهة أي تداعيات على أمنه، شدد الدويري على أن “الأردن قادر تاريخيا على حماية أمنه الوطني دون الحاجة إلى قوات أميركية”. واعتبر أن تواجد القوات الأميركية في الأردن “هو تعاون استراتيجي، كما هو الحال لدول أخرى”.
وفي الخامس والعشرين من يونيو الماضي فرضت قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها حصارا على منطقة درعا البلد بمحافظة درعا، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وفي السادس والعشرين من يوليو الماضي توصلت لجنة المصالحة بدرعا البلد وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بأيدي قوات المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.