البرلمان الليبي أمام فرصة استعادة دوره بإيجاد إطار دستوري للانتخابات

فشل ملتقى الحوار السياسي في ليبيا في التوافق حول قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات العامة المقررة في الـ24 من ديسمبر جعل من البرلمان الملاذ الأخير الذي قد يسهم تدخله في إنقاذ الاستحقاق، حيث وجهت له العديد من الأطراف دعوات للتكفل باعتماد إطار دستوري وقانون انتخابي لإجراء الانتخابات العامة.
تونس - وضع إخفاق محادثات جنيف السويسرية في التوصل إلى قاعدة دستورية تجري على أساسها الانتخابات الليبية المقرر تنظيمها في الـ24 من ديسمبر المقبل مجلس النواب الليبي (البرلمان) أمام تحدي استعادة دوره من خلال إيجاد إطار دستوري واعتماد قانون انتخابي لإجراء الاستحقاق المذكور.
وتصاعدت الدعوات إلى البرلمان من أجل التحرك سريعا وتعويض ملتقى الحوار السياسي المتألف من 75 عضوا في التوافق على قاعدة قانونية تُنظم الانتخابات العامة، وذلك بهدف استكمال خارطة الطريق التي سطرتها البعثة الأممية لدى ليبيا.
وفي سياق هذه الدعوات، طالب الكوني اعبوده أستاذ القانون والفقيه الدستوري، مجلس النواب بضرورة القيام بدوره التشريعي، والإسراع في إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات التي فشل ملتقى الحوار في تحقيقها خلال الاجتماعات الصاخبة التي عقدها في مدينة جنيف الأسبوع الماضي.
وقال اعبوده، في منشور له عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، “هل يملك مجلس النواب إرادة تعويض فشل ملتقى الحوار؟ كان المواطن البسيط ينتظر قيام ملتقى الحوار بمهمته المرسومة: تقديم الأساس الدستوري للانتخابات المرتقبة، ولكن لم تنجح هدية البعثة لأعضاء الملتقى باختيار مدينة جنيف الجميلة مكانا لتحقيق التوافق لأن المصالح الأخرى كانت الأقوى”.

علي التكبالي: البرلمان سيفشل في إيجاد إطار دستوري أكثر مما فشل الملتقى
وأضاف “في ذلك التقت ربما مع المصالح غير المعلنة للبعثة في استمرار الأزمة مهما كانت نتائجها بالنسبة إلى ليبيا وسكانها، المهم أن الملتقى لم ينجز ما هو مطلوب منه وفقا لخارطة الطريق، خاصة وأنه كان البديل لسلطات الدولة المعنية، وهكذا تتوجه الأنظار مجددا لمجلس النواب بحسبانه آخر سلطة تشريعية منتخبة لوضع القاعدة الدستورية الضرورية لإجراء الانتخابات”.
وتابع اعبودة “هو يملك ولاية تعديل الإعلان الدستوري، الإطار الأنسب للبناء عليه؛ فهل سيتمكن ذلك المجلس من الاستجابة لإرادة الليبيين ورغبتهم في تجاوز الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد وانتخاب سلطة جديدة تتمتع بشرعية الصندوق؟ ذلك ما نتمناه ولكن لا يجب التفاؤل كثيرا، فما عشناه خلال السبع سنوات منذ انتخاب المجلس يدعو للشك”.
لكن هذه الدعوات تبدو وكأنها غير واقعية خاصة أن البرلمان لم يعتمد بعد قانونا انتخابيا ينظم عملية الاقتراع في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، لتُضاف هذه العقبة إلى بقية العقبات التي تهدد خارطة الطريق خاصة منها الخلافات حول القاعدة الدستورية والتي عمد البعض إلى إثارتها بهدف عرقلة الانتخابات على غرار الاستفتاء على الدستور الذي يتشبث به إخوان ليبيا.
وناشدت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جورجيت غانيون مجلس النواب لكي يلعب دوره المناط به من خلال وضع القانون الانتخابي لتمكين الليبيين من ممارسة حقهم.
غير أن الانقسام الذي يخيم على البرلمان، شأنه في ذلك شأن ملتقى الحوار السياسي، قد يحول دون اعتماد قانون انتخابي والقاعدة الدستورية، خاصة في ظل بدء العد التنازلي للاستحقاق وعدم احترام المهلة المحددة بـ1 يوليو لإنهاء القاعدة الدستورية والقانون الانتخابي، وهو ما يشكل فشلا لملتقى الحوار ومؤتمر برلين في تنفيذ أهم بند راهن عليه المجتمع الدولي لإنهاء 10 سنوات من الانقسام في ليبيا ألا وهو الانتخابات في موعدها.
وانطلقت أشغال ملتقى الحوار في 28 يونيو وكان من المقرّر أن تختتم في 1 يوليو الجاري، ليتم تمديدها يوما آخر بسبب احتدام الخلافات وإصرار المبعوث الأممي يان كوبيتش على عدم مغادرة أعضاء الملتقى جنيف قبل الاتفاق على قاعدة دستورية وهو ما لم يحدث وسط تبادل للاتهامات، ما يضع الكرة في ملعب البرلمان الذي لا يُتوقع الكثير منه.
واعتبر النائب بالبرلمان الليبي علي التكبالي أن “البرلمان إذا أوكلت إليه المهمة (إيجاد إطار قانوني ودستوري للانتخابات) فهو سيفشل أكثر مما فشل هؤلاء الـ75، لأن الموجود في ملتقى الحوار موجود في البرلمان الذي هو جهوي وقبلي ومصالحي، لن تكون فيه أي رحمة لليبيين، لن يتوصل لأي اتفاق”.

الكوني اعبودة: على مجلس النواب الإسراع في إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات
وحمل التكبالي في اتصال هاتفي مع “العرب” الأمم المتحدة المسؤولية، قائلا “الخطأ الأول الذي قامت به الأمم المتحدة هو أنها لم تتعاون مع الوطنيين المخلصين منذ 10 سنوات حتى الآن، فهي قذفت بـ75 إلى ملتقى الحوار فيهم المسجون سابقا والمرتشي وهذا قالته البعثة نفسها ومع ذلك مضت في خياراتها”.
وبذلك تدخل الانتخابات الليبية مرحلة الشك ما يهدد بنسف المنجزات التي تم تحقيقها سابقا بما في ذلك وقف إطلاق النار، خاصة أن قائد الجيش المشير خليفة حفتر هدد أخيرا بالعودة “لتحرير طرابلس” إذا لم تجر الانتخابات في موعدها.
ولا يزال الاستحقاق المذكور يواجه أكثر من عقبة حيث لم تنجح إلى حد الآن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في ديسمبر بما يعبد الطريق أمام الانتخابات.
ومن بين تلك البنود تفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكرية وهي عملية تحظى بدعم دولي وإقليمي، لكن الأطراف المتداخلة على غرار تركيا وروسيا لم تبعث بأي رسائل إيجابية في هذا الصدد.
وقال التكبالي إن “استحقاق ديسمبر له ألف عقبة، أولا المدة قصيرة، ثانيا الأسس التي قامت عليه ليست متينة وثالثا أن الشعب ليس في حالة تهيئ لهذه الانتخابات”.
وأضاف “حتى في أرقام الناخبين هناك تزوير، هناك مليون رقم وطني مزور، نحن في ليبيا 6 ملايين فجأة أصبحنا 7 ملايين بعد حرب أتت على الأخضر واليابس؟ أيضا لا يوجد أمن حاليا، لا بد من شرطة وجيش وتفكيك للميليشيات وسحب للمرتزقة وإلا لن تكون هناك أي انتخابات”.