تزايد أعداد طالبي اللجوء الإيرانيين: اليأس شعور يتقاسمه الجميع

رغم انتخاب رئيس جديد وتقديمه وعودا بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للإيرانيين، يبدو سقف المطالب مرتفعا أمام تواضع الإمكانيات والحلول المتاحة، إذ يجمع خبراء أن إبراهيم رئيسي لا يمتلك حلولا كثيرة لتجاوز الآلام الاقتصادية حتى مع رفع العقوبات الأميركية.
طهران - يعكس تزايد أعداد طالبي اللجوء الإيرانيين حالة اليأس والإحباط التي يعاني منها المواطنون خاصة فئة الشباب التي قادت تحركات احتجاجية طيلة العامين الماضيين رافعة شعار إسقاط النظام تمكنت الأجهزة الأمنية من قمعها وإخماد شرارتها.
وحتى مع انتخاب المحافظ إبراهيم رئيسي رئيسا جديدا لإيران خلفا للإصلاحي حسن روحاني، لا يثق الإيرانيون في قدرة حكومة غلاة المحافظين على تغيير واقعهم الاقتصادي والاجتماعي المتدهور.
وأفاد مرصد الهجرة الإيراني بزيادة أعداد طالبي اللجوء من إيران والراغبين في الهجرة في العامين الماضيين، “بشكل مقلق”.
وقال بهرام صلواتي مدير مرصد الهجرة الإيراني إنه وفقًا لنتائج الاستطلاعات الأخيرة، خلال فترة كورونا، انخفضت هجرة الإيرانيين لغرض العمل والدراسة، لكن بدلًا من ذلك زادت الهجرة لغرض اللجوء.
وفي ما يتعلق بزيادة هجرة طالبي اللجوء، قال صلواتي إن هجرة طالبي اللجوء هي في الأساس هجرة غير رسمية وغير قانونية، وإن معظم الأشخاص في هذا النوع من الهجرة إلى أوروبا يهاجرون عبر تركيا.
وأشار مدير مرصد الهجرة الإيراني، إلى تراجع هجرة العمل والدراسة بسبب مرض كورونا، محذرًا مما سماه “التقليص المقلق” للفجوة بين مؤشرات “الرغبة في الهجرة”، و”قرار الهجرة”.
وتابع مدير مرصد الهجرة الإيراني أن التراجع المقلق في الفجوة بين مؤشري “الرغبة في الهجرة”، و”قرار الهجرة” يرجع إلى التحدي المتمثل في زيادة قوى الدفع المحلية والجذب الخارجية، فبينما تفقد الظروف الداخلية قدرتها على جذب الشباب والحفاظ عليهم، لأسباب اقتصادية واجتماعية مختلفة، فإن دول الجوار والمنطقة والعالم تقدم حوافز متنوعة للتعليم والعمل والاستثمار والرياضة والفن، وهي عوامل جذابة للغاية لجذب رأس المال البشري والمالي.
وفيما يرجع النظام الإيراني الحالي بقيادة روحاني التدهور الاقتصادي والاجتماعي إلى العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لا يحفز رفع هذه العقوبات قريبا الشباب الإيراني على البقاء في بلادهم.
ويتوقع مراقبون إحياء الاتفاق النووي على المدى المنظور بين إيران والولايات المتحدة اللتين تخوضان محادثات بصفة غير مباشرة في العاصمة النمساوية فيينا، ما سيتيح رفع العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني المترنح في نهاية المطاف.
وتعوّل الحكومة الإيرانية المحافظة الجديدة على انفراجة وشيكة في مفاوضات الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية القاسية على الاقتصاد المأزوم من أجل تفادي اضطرابات اجتماعية تهدد نظام الحكم، فيما يحذر مسؤولون من أن اندلاع الاحتجاجات سيكون حتميا إذا فشل الرئيس الجديد في العثور على علاج لآلام الاقتصاد.
وتنامت مشاعر الإحباط لدى الإيرانيين وتدهورت مقدرتهم الشرائية، ما يثير مخاوف من هبة شعبية جديدة كالتي اندلعت في العام 2017 ورفعت شعارات إسقاط النظام.
ويمثل الاقتصاد مكمن الخطر ونقطة الضعف الأساسية للمحافظين. ومن بين أشد المؤيدين للمؤسسة من الطبقة العاملة وحتى نخبة رجال الأعمال يشعر الجميع بوطأة التضخم والبطالة وتراجع المقدرة الشرائية.
ويتخوف رجال الدين في إيران من عودة احتجاجات الشوارع التي اجتاحت البلاد في 2017، فيما يعترف المسؤولون بضعف السلطات أمام الغضب الناجم عن تفاقم الفقر. وقال مسؤول حكومي إن “التحدي الأكبر في انتظار رئيسي هو الاقتصاد”، مضيفا أن “اندلاع الاحتجاجات سيكون حتميا إذا فشل في العثور على علاج لآلام الاقتصاد”.

وترتفع أسعار السلع الأساسية كالخبز والأرز يوميا. وبالنسبة إلى الكثيرين أصبحت اللحوم حلما بعيد المنال بعد أن قفز سعر الكيلوغرام الواحد إلى ما يعادل 40 دولارا فيما يقف الحد الأدنى للأجور عند حوالي 215 دولارا.
وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي من المتوقع أن يزيد التضخم إلى 39 في المئة هذا العام ارتفاعا من 36.5 في المئة خلال العام الماضي، في حين سيقفز معدل البطالة إلى 11.2 في المئة هذه السنة ارتفاعا من 10.8 في المئة خلال 2020.
وإلى جانب البيئة الاقتصادية والاجتماعية المتردية وهي السبب الرئيسي لتفاقم بحث الإيرانيين عن بيئة بديلة، يأتي القمع الممنهج ومصادرة الحريات الشخصية والجماعية ثانيا في سلم الأسباب التي أدت إلى تفاقم طالبي اللجوء الإيرانيين منذ العاميين الماضيين.
واستنادا إلى تقارير مختلفة، فإن عدد الإيرانيين الذين هاجروا بطرق غير شرعية إلى بريطانيا وحدها أكثر من 40 ألف إيراني، خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك عن طريق صربيا التي اضطرت إلى إلغاء التأشيرة للمسافرين الإيرانيين، وبدأت في فحص حالات المهاجرين الإيرانيين إليها، وهو ما اضطر الإيرانيين إلى ترك صربيا والتفكير في وجهات أخرى، خاصة أن السلطات الصربية بدأت تتنبه إلى أن الإيرانيين الذين يدخلون صربيا لا يعودون إلى إيران مرة أخرى، فإما أنهم يتخذون من صربيا بلد مهجر، أو تكون بلد عبور لدولة أخرى.
وأشار تقرير نشرته صحيفة فايننشيال تايمز في 2019 إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران هي أهم أسباب موجات الهجوم الواسعة للاجئين الإيرانيين إلى أوروبا.
ويرى محللون أنه على الرغم من التشديدات الأوروبية على الحدود لمواجهة موجات الهجرة الإيرانية إليها، والتي تبدأ من تركيا أو من جورجيا أو من صربيا، حسب تقارير إعلامية، فإن هذه الموجات من اللاجئين الإيرانيين لن تنتهي. ويشير هؤلاء إلى أن أسباب اللجوء ليس ما يبحثون عنه بل ما يهربون منه.