السعودية تفتح الأبواب أمام نشاط البنوك الرقمية

دخل النظام المصرفي السعودي عهدا جديدا بفتح الأبواب أمام عمل البنوك الرقمية، التي يتوقع خبراء أن تستقطب الكثير من الأموال إلى السوق المحلية بفضل سرعة خدماتها مع توفير مصادر تمويل مبتكرة تعزز برامج التنمية الشاملة، الأمر الذي يجعلها أكثر قدرة على المنافسة من نظيرتها التقليدية.
الرياض - قررت الحكومة السعودية السماح للبنوك الرقمية بالعمل في البلد للمرة الأولى في تحول سيعزز من نشاط النظام المصرفي بما يحقق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي وفي الوقت ذاته التعويل أكثر على التكنولوجيا في تقديم الخدمات.
ووافق مجلس الوزراء مساء الثلاثاء برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز على قيام وزير المالية بإصدار الترخيص اللازم لكل من بنك أس.تي.سي والبنك السعودي الرقمي، وكلاهما تحت التأسيس، وذلك وفقا للمادة الثالثة من نظام مراقبة البنوك.
وتسعى الرياض إلى اللحاق بركب العديد من دول الشرق الأوسط في هذا المجال، مثل الإمارات، وهي تهدف للمنافسة في عملية التحول الرقمي العالمي من بوابة البنوك الرقمية، التي تعتبر مؤسسات مالية تسعى إلى توفير حلول جديدة للزبائن والمعاملات من خلال تقديم كافة خدماتها عبر الإنترنت والهواتف الذكية.
وتأتي الخطوة تماشيا مع دور مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) في مواكبة آخر التطورات بالقطاع المالي، والسعي لترجمة برنامج الإصلاح في النظام المصرفي عبر تنمية الاقتصاد الرقمي وتمكين الشركات المالية من دعم نمو القطاع الخاص.
وقال وزير المالية محمد الجدعان إن “موافقة مجلس الوزراء تأتي ضمن أهداف برنامج تطوير القطاع المالي، وهو جزء من خطة الإصلاح الاقتصادية الضخمة التي تعرف برؤية المملكة 2030”.
وكتب الجدعان على حسابه في تويتر يقول إن هذه الأهداف تسعى لتطوير بنية تحتية رقمية أكثر كفاءة مع “تشجيع ريادة الأعمال وتوفير فرص العمل في القطاع المالي”.

محمد الجدعان: هدفنا تطوير بنية تحتية رقمية أكثر كفاءة في القطاع المالي
وينسجم هذا التحول مع خطط تنمية الاقتصاد الرقمي تدريجيا وتعريف القطاعين العام والخاص والمجتمع الدولي بتوجهات السعودية في الملفات المتعلقة بهذا المجال مع ضمان مواءمة توجهات الجهات الحكومية وتكاملها، لتحقيق نمو اقتصادي متنوع ومستدام ودعم التنافسية.
وأوضح الجدعان أن القرار يأتي في إطار تطوير منظومة القطاع المالي ضمن استراتيجية تمتد حتى 2025 والمساهمة أيضا في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني، من خلال فتح المجال أمام شركات جديدة لتقديم الخدمات المالية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه سيتم تحويل شركة المدفوعات الرقمية السعودية (أس.تي.سي باي) لتصبح بنكا رقميا محليا (بنك أس.تي.سي) لمزاولة الأعمال المصرفية برأسمال يبلغ 2.5 مليار ريال (670 مليون دولار).
أما البنك السعودي الرقمي فسيكون عبارة عن تحالف عدد من الشركات والمستثمرين بقيادة شركة عبدالرحمن بن سعد الراشد وأولاده برأسمال يبلغ 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار).
وكان المركزي السعودي قد أعلن في وقت سابق هذا الشهر استكمال الإجراءات المتعلقة بدراسة طلبي الترخيص لبنكين رقميين محليين لمزاولة الأعمال المصرفية في البلد قبل أن يتم رفع الطلبين إلى الحكومة.
وقال في بيان حينها إنه “تم استكمال المتطلبات النظامية والإرشادات والمعايير الأساسية لطلب منح الترخيص لمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة، بالإضافة إلى الإرشادات والمعايير لطلب منح الترخيص للبنوك الرقمية”.
وتؤكد السلطات النقدية أن الخطوة تؤكد التزام الحكومة بالابتكار ودعم النمو مع إدارة المخاطر لتشجيع الوصول إلى نظام مالي متين ومستدام سيدعم رؤية الحكومة المتعلقة بتطوير دور البنوك في الاقتصاد وفق أسس مستدامة.
وقال محافظ المركزي فهد بن عبدالله المبارك إن “البنوك الرقمية ستخضع لجميع متطلبات الإشراف والرقابة المطبقة على البنوك العاملة بالبلاد، والتأكيد على الجوانب التقنية والأمن السيبراني ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والمخاطر التشغيلية”.
وأوضح أن هذه الكيانات ستقدم منتجات وخدمات مالية حصرية عن طريق القنوات الرقمية من خلال نموذج عمل مصرفي مبتكر للقطاعات، مما يسهم في ارتفاع الشمول المالي مع مواكبة آخر التطورات في القطاع المالي والتقني العالمي.
ودعا المبارك المؤسسات الراغبة في تقديم طلبات التراخيص إلى الاطلاع على الإرشادات والمعايير الإضافية لطلب منح الترخيص للبنوك الرقمية في الموقع الإلكتروني لمؤسسة النقد العربي السعودي.
أول بنكين رقميين
● بنك أس.تي.سي عبر تحويل شركة المدفوعات الرقمية السعودية لكيان مصرفي بحجم 670 مليون دولار
● البنك السعودي الرقمي وهو تحالف بين شركات ومستثمرين سعوديين برأس مال يبلغ 400 مليون دولار
وتشير العديد من الدراسات والتقارير الدولية المعنية بعمل الأنظمة المصرفية إلى أن مستخدمي البنوك الرقمية عبر أجهزة الهاتف أكبر بكثير من مستخدمي البنوك التقليدية حيث باتت زيارة فروعها في الإنترنت أقصر الطرق وأسهلها دون الحاجة إلى التعاملات النقدية.
ويقول خبراء في القطاع المصرفي إن تأسيس البنوك الرقمية، التي تقدم خدماتها عبر الإنترنت والهواتف الذكية، سوف يجعلها أكثر قدرة على المنافسة من البنوك التقليدية بسبب انخفاض التكاليف التشغيلية خاصة في ظل انخفاض أسعار الفائدة وبلوغها أحيانا مستويات سلبية.
وخفض المركزي سعر الفائدة منذ بداية جائحة كورونا في شهر مارس العام الماضي، وأبقى عليه دون تغيير عند حدود منخفضة بواقع 1 في المئة وذلك انسجاما مع قرار الاحتياطي الفدرالي بشأن سعر الفائدة الأميركي.
ويمكن للبنوك الرقمية تلبية احتياجات قطاعات كثيرة مثل الفجوة الائتمانية التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى تحقيق قدر أكبر من الشمول المالي.
كما تلبي هذه الكيانات احتياجات القطاعات التي تواجه نقص الخدمات وتقليل التكاليف للمستهلكين، إذ ستعمل البنوك الرقمية على زيادة تكامل القطاع المالي والمصرفي في السعودية والمنطقة مما يعزز قدرتها التنافسية وحيويتها على التكيف.
ومن المرجح أن تضيف البنوك الرقمية قيمة كبيرة للشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع الشركات والتجارة وستسهم بشكل أكبر في تطوير النظام البيئي المالي الشامل وتشجيع الإدماج وتعزيز الخدمات المالية والوساطة في بورصة السعودية (تداول) وخارجها.
وتقبل البنوك الرقمية الودائع وتمارس أنشطة الخدمات المالية الأخرى ذات الصلة من خلال الوسائل الإلكترونية أو الرقمية بشكل أساسي عوضا عن التفاعل الفعلي مع الزبائن.
ورخص المركزي السعودي خلال الفترة الماضية لقرابة 16 شركة تقنية مالية سعودية لتقديم خدمات المدفوعات والتمويل الاستهلاكي المصغر ووساطة التأمين الإلكترونية.
كما صرح لنحو 32 شركة تقنية مالية للعمل تحت مظلة البيئة التجريبية التشريعية والمخصصة لتجربة الخدمات والمنتجات المالية المبتكرة في أكبر اقتصاد المنطقة العربية.