رهانات حماس على "سيف القدس" تتبدد

غزة - بدأت رهانات حركة حماس على استثمار ما تعتبره إنجازا عسكريا في حرب غزة الأخيرة في التبدد في ظل موقف إسرائيلي متشدد ومتحفز للرد على أي مغامرة عسكرية جديدة قد تقدم عليها الحركة.
وسعت الحركة الفلسطينية لاستثمار نتائج المعركة العسكرية التي اندلعت في 10 مايو الماضي واستمرت أحد عشر يوما قبل أن تنجح مصر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وعمدت الحركة التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007 إلى التسويق لانتصار في هذه المعركة التي أطلقت عليها “سيف القدس”، معتبرة أن ما حققته إنجاز تاريخي من شأنه أن يقلب المعادلة القائمة ويجعلها قادرة على فرض شروطها، ومنها الحصول على اعتراف دولي بها، وفرض نفسها في قلب السلطة عبر الذهاب في انتخابات سبق وأن أجلها الرئيس محمود عباس وتعاطت الحركة حينها مع القرار بفتور.
وكانت الحركة ترنو إلى أن تقود الجولة الأخيرة إلى عهد جديد برفع الحصار الكامل عن غزة وعقد صفقة تبادل أسرى كبرى، لكن كل هذه الطموحات باتت اليوم مهددة في ظل حكومة إسرائيلية جديدة حريصة على تبني نهج متمايز عن سابقاتها في التعاطي مع الحركة الفلسطينية.
ولم تنتظر الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة اليميني نفتالي بينيت طويلا لرسم خطوطها الحمراء، حيث أنه وبعد يوم على تسلم مهامها منحت الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي لشن غارات على مواقع لكتائب عزالدين القسام الذراع العسكرية لحماس ردا على إطلاق بالونات حارقة على الجنوب.
وبدا واضحا أن حكومة بينيت أرادت أن توصل رسالة للحركة الفلسطينية مفادها أنها ليست حكومة بنيامين نتنياهو التي تعاطت بتردد مع حماس، وحاولت في إحدى الفترات مهادنتها عبر السماح بتدفق الأموال القطرية.
حكومة إسرائيل الجديدة بقيادة نفتالي بينيت حريصة على تبني نهج متمايز عن سابقاتها في التعاطي مع حركة حماس
ويرى محللون أن حماس تبدو اليوم في وضع صعب، فالحكومة الإسرائيلية لن تسمح لها بتسجيل أي نقاط في بداية مشوارها، حيث أعْين الداخل والخارج مصوبة نحوها، ومن المسلم به أنها لن تقبل بأي إعادة إعمار للقطاع أو تخفيف للحصار ما لم تقدّم الحركة تنازلات كبرى من قبيل تسليمها جثتي جنديين وإطلاق سراح مواطنين إسرائيليين محتجزين لديها.
وعقدت حماس الثلاثاء اجتماعا طارئا مع باقي الفصائل الفلسطينية لبحث الخطوة القادمة في ظل تعنت الموقف الإسرائيلي. وعقب الاجتماع حذرت الحركة إسرائيل من التباطؤ في كسر حصار غزة أو إعاقة عملية إعادة الإعمار.
وقالت حماس في بيان إن تل أبيب “لن تفلح في سياسة الابتزاز ولي الذراع ولن نقبل الضغط على شعبنا أو محاولة ربط ملفات مع بعضها، فالأسرى مقابل أسرى وسيرى العدو بأسًا لم يره من قبل، فشعبنا جاهز للتحدي وفرض مزيدٍ من المعادلات”.
ويرى المحلل السياسي هاني العقاد أن الموقف الإسرائيلي المتعنت حيال فك الحصار عن غزة يجعل الفصائل الفلسطينية في موقف صعب يمكن أن يقودها إلى مواجهة عسكرية جديدة.
ولفت العقاد إلى أن الرسائل بين الفصائل وإسرائيل لم تتوقف منذ انتهاء العدوان الأخير وتكاد تكون يوميا باختلاف الأشكال التي تصل من خلالها.
واعتبر أن “رسائل الفصائل وحركة حماس حتى الآن هي رسائل تكتيكية يراد منها تهديد إسرائيل ومنعها من فرض معادلة جديدة”.
من جهتها قالت عبير ثابت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة “قد نكون أمام مواجهة جديدة حال استمر التعنت الإسرائيلي في تحقيق المطالب الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة، وفشل الوسطاء في تحقيق أي اختراق بهذا الخصوص”.
ورأت أن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي يضعف موقف الفصائل كما أن “تغيير الحكومة الإسرائيلية والاضطراب الذي سبقها كان أيضاً من بين الأسباب المهمة التي أضعفت الجهود السياسية المحلية والدولية الرامية إلى تحقيق معادلة الهدوء بين القطاع وإسرائيل”.
وحصلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة على ثقة الكنيست (البرلمان) يوم 13 يونيو الجاري ليصبح زعيم حزب “يمينا” اليميني نفتالي بينيت (49 عاما) رئيسا لها حتى أغسطس 2023، يتبعه في هذا المنصب يائير لابيد زعيم حزب “هناك مستقبل” حتى نوفمبر 2025.