العمل بنظام التعهيد يهدد الملايين من الوظائف في بريطانيا

لندن - قلبت جائحة كورونا سوق العمل في معظم بلدان العالم حيث أجبرت الشركات على تسريح أعداد كبيرة من الموظفين بينما أبقت على جزء من قوتها العاملة تشتغل ولكن من المنازل، وهو ما حصل في بريطانيا لكنه قد يأتي بنتائج عكسية.
وحذر تقرير اقتصادي من أن وظيفة من كل 5 وظائف في بريطانيا يمكن نقلها إلى الدول الأخرى بنظام التعهيد في أعقاب الجائحة وهو ما يهدد بفقدان الملايين من الوظائف المهنية بالبلاد.
ويقصد بنظام التعهيد هو استخدام واستئجار كفاءات وقوى وأفراد ووسائل وخدمات من مؤسسات أو شركات أو جهات ثالثة أجنبية أو محلية، وهو طريقة جديدة لتقسيم العمل وتوفير المال والجهد والوقت في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية.
وقال محللون في تقرير أعده معهد توني بلير للتغير العالمي إن حوالي 5.9 مليون وظيفة التي يمكن القيام بها من أي مكان مثل البرمجة وتصميم الغرافيك والتي تتركز حاليا في لندن وجنوب شرق إنجلترا يمكن أن تنتقل إلى الخارج.
وأوضح التقرير أنه إذا لم يتم التعامل مع ملف انتقال الوظائف إلى الخارج بنظام التعهيد وشركات أوف شور، فستكون لذلك تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية كتلك التي تعرضت لها البلاد عند فقدان الوظائف في قطاع التصنيع خلال سبعينات القرن الماضي، ولكن الشطب سيكون هذه المرة بوتيرة أسرع.
وأشارت وكالة بلومبرغ للأنباء إلى أن هذا التحذير يؤكد التغيرات الدائمة في سوق العمل بعد الجائحة والتوسع في الاعتماد على “العمل عن بعد”.
5.9 مليون وظيفة مثل البرمجة قد تفقدها بريطانيا في أعقاب الجائحة لأنها لا تحتاج إلى مقر
وهذا يعني أن الشركات المعنية بخفض نفقاتها يمكن أن تقلص الاعتماد على وجود أعداد كبيرة من موظفيها في مقرات العمل بحيث يقتصر الأمر على الأعداد الضرورية فقط، والتوسع في الاعتماد على نظام العمل من المنزل أو العمل عن بعد وهو ما يتيح أيضا الاعتماد على موظفين يقومون بهذه الوظائف من خارج بريطانيا وبتكلفة أقل.
ووفق التقرير فإن العمل من المنزل أو عن بعد يهدد بشطب حوالي 1.7 مليون وظيفة في مجال الخدمات المالية والأبحاث والعقارات في بريطانيا.
وفي الوقت نفسه حذر التقرير من أن شطب الوظائف في قطاع الخدمات الرقمية في بريطانيا ونقلها إلى الخارج هي من بين خطط الحكومة لتحسين الأوضاع.
وتشير بيانات مكتب الإحصاء في بريطانيا إلى أن 58 في المئة من الشركات الراغبة في استمرار الاعتماد على العمل من منزل تهدف بشكل أساسي إلى خفض النفقات مثل إيجار المقرات.
وتأتي هذه التحذيرات مع تسجيل قفزة في التضخم على نحو غير متوقع متخطيا ما استهدفه بنك إنجلترا المركزي في مايو الماضي إذ وصل إلى 2.1 في المئة في إطار صعود الأسعار بعد انتهاء إجراءات العزل العام من كورونا وهو أمر من المتوقع أن يكتسب زخما.
وتسارع مؤشر أسعار المستهلكين بعد أن سجل في أبريل الماضي 1.5 في المئة يعكس إلى حد كبير مدى ضعف التضخم في مايو 2020 عندما كان الاقتصاد يعاني من وطأة أول إجراءات عزل عامة صارمة.
ويشكل الرقم أول مرة يتخطى فيها التضخم نسبة اثنين في المئة المستهدفة من المركزي في قرابة عامين، كما تجاوز توقعات جميع الخبراء الاقتصاديين البالغ عددهم 33 المشاركين في استطلاع أجرته رويترز والتي أشارت إلى ارتفاع التضخم إلى 1.8 في المئة.
وتم جمع بيانات الأسعار في يوم 11 مايو أو في تاريخ مقارب بما يعني أن ذلك سبق السماح للحانات والمطاعم بتقديم الخدمات للزبائن في داخلها وعودة دور العرض السينمائي والفنادق للعمل اعتبارا من يوم 17 مايو الماضي.
وكان بنك إنجلترا قد توقع وصول التضخم إلى 2.5 في المئة بنهاية العام الجاري قبل أن يستقر عند هدفه البالغ اثنين في المئة مع انحسار أثر ارتفاع أسعار الطاقة بعد العزل العام إضافة إلى تراجع ضغوط تكاليف أخرى مثل الاختناقات في سلاسل الإمداد.