بواخر تركية لإنتاج الكهرباء تلاحقها شبهات فساد في لبنان

بيروت- قامت السلطات اللبنانية باحتجاز بواخر تركية لإنتاج الكهرباء، على خلفية تحقيق قضائي بدأ منذ أشهر في احتمال تورطها في شبهات فساد تقدر بالملايين من الدولارات.
تأتي هذه الخطوة في وقت تهدد “العتمة” لبنان على خلفية نضوب الأموال المخصصة لتوليد الطاقة الكهربائية. وأمر النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بمنع البواخر من مغادرة لبنان، وتم الطلب من وزارات عديدة والأجهزة الأمنية المختلفة بما فيها الجيش، تطبيق القرار.
مؤسسة كهرباء لبنان ستضطر حاليا إلى تخفيض إنتاجها قسريا بحدود 200 ميغاواط أي من نحو 1250 ميغاواط إلى نحو 1050 ميغاواط
ويتضمن القرار طلبا موجها إلى وزارة المالية يقضي بعدم دفع أي مستحقات لشركة “كارباور شيب” التركية المسؤولة عن بواخر الطاقة التي توفر نحو 40 في المئة من حاجة لبنان من الكهرباء، إلى جانب شركة “كاردينيز” التركية.
ويستهدف القرار المعلن “ضمان حقوق الدولة في تحصيل البند الجزائي الموقع بـ25 مليون دولار أميركي في حال التثبت من دفع عمولات”، وهي شبهة قد تطول كبار المسؤولين اللبنانيين إذا تم إثباتها، في ما يسمى في لبنان “صفقة البواخر” التي بدأت بتوفير الكهرباء منذ العام 2013.
وكانت السلطات البنانية فتحت قبل أشهر تحقيقا أوقفت بموجبه عدة أشخاص للاشتباه بوجود رشاوى دفعت عند تجديد العقد بين وزارة الطاقة اللبنانية والشركتين التركيتين؛ وقد يتوسع التحقيق الآن ليشمل مسؤولين في الشركتين، وعندما يتم الادعاء عليهم، تحال القضية إلى قاضي التحقيق.
ويتكبد لبنان نحو 850 مليون دولار سنويا لاستئجار البواخر التركية لمدة 5 سنوات، بما يعادل أضعاف كلفة إنشاء معامل إنتاج داخل الأراضي اللبنانية.
ولطالما شكل ملف الكهرباء أحد أبرز مكامن الهدر في لبنان، وهو ما دفع القوى المانحة إلى فرض شرط إصلاح هذ القطاع ضمن حزمة شروط لإعادة الدعم المالي لهذ البلد.
ويأتي هذا التحرك ضد البواخر التركية في توقيت حساس، حيث من غير المستبعد أن تنقطع الكهرباء عن البلد، لأن النقود المخصصة لتوليدها آخذة في النفاد وسط معاناة البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة.
وكان البرلمان اللبناني وافق على قرض طارئ قيمته 200 مليون دولار يخصص لواردات الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء في مارس، لكن القرض لم يحصل حتى الآن على الموافقة النهائية من لجنة دستورية تراجعه.
ونُقل عن عضو البرلمان نزيه نجم قوله بعد اجتماع مع وزيري المالية والطاقة في حكومة تصريف الأعمال وفقا لبيان صادر عن الحكومة “ابتداء من 15 مايو ستبدأ العتمة تدريجيا”. وقال نجم في بيان الحكومة “نتمنى على المجلس الدستوري ألا يستغرق فترة الشهر لإصدار القرار لأن الوضع لا يحتمل”.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في وقت لاحق بأنها “ستضطر حاليا إلى تخفيض إنتاجها قسريا بحدود 200 ميغاواط، أي من نحو 1250 ميغاواط إلى نحو 1050 ميغاواط، وذلك لإطالة فترة إنتاج الطاقة قدر المستطاع ريثما تتضح مآلات الأمور، الأمر الذي سينعكس سلبا على ساعات التغذية في جميع المناطق اللبنانية بما فيها منطقة بيروت الإدارية”. واعتذرت المؤسسة من “المواطنين عن هذا الوضع الخارج عن إرادتها”.
لبنان فتح قبل أشهر تحقيقا حول شبهات رشاوى دفعت عند تجديد العقد بين وزارة الطاقة والشركتين التركيتين
واعتاد اللبنانيون منذ فترة طويلة على التعايش مع انقطاعات متكررة في الكهرباء، تظل لثلاث ساعات يوميا على الأقل في العاصمة ولأوقات أطول في مناطق أخرى، وذلك بسبب عدم قدرة محطات توليد الكهرباء التابعة للدولة على الوفاء بالطلب ويعتمد الكثيرون على مولدات طاقة خاصة.
لكن الأزمة المالية فاقمت مشكلات البلد المثقل بالديون، وتواجه الحكومة مشكلات جمة لتوفير ما يكفي من العملة الأجنبية للدفع مقابل الوقود وواردات أساسية أخرى. ويحتفظ لبنان في العادة بما يكفي من الوقود لنحو شهرين، لأن من المكلف الإبقاء على احتياطات استراتيجية لمدة أطول.
وتسبب الانهيار الاقتصادي، وهو أسوأ أزمة تواجه البلاد منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، في تأجيج اضطرابات وفي حرمان المودعين من أموالهم وتداعي قيمة العملة المحلية التي فقدت نحو 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار.