انتخابات برلمانية في أسكتلندا وويلز تحدد مستقبل الاتحاد البريطاني

فوز الانفصاليين في إدنبرة يفتح أبواب الاستفتاء على تقرير المصير.
الجمعة 2021/05/07
تصويت مصيري

لندن - صوّت البريطانيون الخميس في انتخابات محلية تشكل اختبارا لرئيس الوزراء بوريس جونسون ووحدة المملكة المتحدة، حيث يأمل الانفصاليون في تحقيق نصر مدوٍّ في أسكتلندا لتمهيد الطريق لاستفتاء جديد لتقرير المصير.

وسمحت هذه الانتخابات التي تعلن نتائجها تدريجيا الجمعة وطوال عطلة نهاية الأسبوع والتي أرجئت لمدة عام بسبب الوباء لـ48 مليون ناخب بتجديد حوالي خمسة آلاف مقعد في 143 برلمانا محليا في إنجلترا، وباختيار رئيس بلدية العاصمة لندن، وأعضاء برلماني مقاطعتي ويلز وأسكتلندا.

وفي أسكتلندا المقاطعة التي يبلغ عدد سكانها 5.5 ملايين نسمة قد تكون هذه الانتخابات حاسمة لمستقبل المملكة المتحدة.

وفي حال فوز الاستقلاليين الحاكمين بأغلبية في البرلمان المحلي، تنوي رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن زعيمة الحزب الوطني الأسكتلندي الضغط على الحكومة المركزية في لندن لتتمكن من تنظيم استفتاء جديد حول استقلال المقاطعة.

وفي 2014، اختار 55 في المئة من الأسكتلنديين البقاء في المملكة المتحدة. وهذه الذريعة يطرحها باستمرار رئيس الوزراء البريطاني الذي تعود إليه الكلمة الأخيرة لمعارضة استفتاء جديد يرى أنه لا يمكن أن يحدث “سوى مرة واحدة في كل جيل”.

زعيمة الحزب الوطني الأسكتلندي نيكولا ستورجن تنوي تنظيم استفتاء جديد حول استقلال المقاطعة

لكنّ مؤيدي الاستفتاء يقولون إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الذي عارضه الأسكتلنديون بنسبة 62 في المئة أدى إلى تغيير قواعد اللعبة. وكذلك الوباء الذي عزز شعبية ستورجن بفضل الإدارة الجيدة للأزمة الصحية.

وبعد أشهر من استطلاعات للرأي أشارت إلى تقدم كبير للحزب الوطني الأسكتلندي وأغلبية مؤيدة للاستقلال، يبدو أن الحزب يمكن أن يتراجع. فقد توقع استطلاع أجراه معهد “سافانتي كومريس” لحساب صحيفة “ذي سكوتسمان”، للحزب أسوأ نتيجة منذ وصوله إلى السلطة في 2007، مع 59 مقعدا (أي أقل بمقعدين) من أصل 129 في البرلمان.

وفي غياب أغلبية له، يمكن للحزب الوطني الاعتماد على حزبي الخضر و”ألبا” الجديد الذي يقوده الزعيم الأسكتلندي السابق أليكس سالموند الراعي السابق لستورجن قبل أن يصبح خصما لها على إثر انقسامات داخل المعسكر الاستقلالي.

ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على الإطلاق إلى أن جونسون سيستسلم للمطلب الأسكتلندي في نهاية المطاف. فإذا استقلت أسكتلندا، فهي ستدخل الاتحاد الأوروبي وتتخلى عن الجنيه الإسترليني، وستقيم حدودا أكثر صرامة مع بريطانيا للحفاظ على وحدة السوق الأوروبية الموحدة.

وتتمثل أكبر مشكلة أمام أسكتلندا في طريق الاستقلال في إلزامية حصولها على إذن من البرلمان البريطاني لإجراء استفتاء حول الاستقلال بموجب المادة 30 من القانون الخاصة بأسكتلندا.

ويرى مراقبون استحالة صدور إذن من البرلمان البريطاني في ظل سيطرة حزب المحافظين على أغلبية المقاعد.

ويعتقد هؤلاء أن مؤيدي الاستقلال في أسكتلندا سيبحثون عن سبل أخرى للانفصال عن المملكة المتحدة في حال فوزهم في الانتخابات.

ومن بين الخيارات المطروحة، الذهاب إلى المحكمة لإلغاء شرط الحصول على إذن لإجراء الاستفتاء بموجب القانون الخاصة بأسكتلندا.

أما الخيار الآخر، فيتمثل بإجراء الاستفتاء رغما عن الحكومة المركزية، وإعلان الانفصال من جانب واحد في حال التصويت لصالح الاستقلال.

لكن الخيار الثاني، قد يمهد الطريق لحدوث توتر مع الحكومة المركزية على غرار التوتر الذي حصل عقب إعلان إقليم كتالونيا الاستقلال من جانب واحد، كما يهدد بفقدان تأييد الاتحاد الأوروبي كما حصل مع إقليم كتالونيا الإسباني.

وفي ويلز، يسعى مارك دراكفورد، الذي ينتمي لحزب العمال اليساري، إلى الاستمرار في قيادة البرلمان لفترة ثانية.

ومع ذلك، أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن حزبه يمكن أن يفوز بمعظم المقاعد، ولكن ربما لن يفوز بالأغلبية.

وعلى الرغم من الضجيج الذي يحيط بموضوع الاستقلال، يبدو أن أقصى أماني الحزب القومي الويلزي قد تقتصر على تحقيق ارتفاع طفيف في عدد نوابه الحاليين في البرلمان حيث يحتلون 12 مقعدا.

Thumbnail

وإذا فاز حزب العمال من جديد بـ29 مقعدا من أصل الـ60 مقعدا التي يضمها البرلمان المحلي، وهي النتيجة التي أوحى بها أحد الاستطلاعات، فقد يحاول أن يشكل حكومة أقلية.

لكن ماذا إذا حصل على أقل من 26 مقعدا، كما أشارت استطلاعات أخرى، فسيُضطر في حالة كهذه للانضمام إلى ائتلاف مع حزب “بلايد كامري”، الذي تعهد بإجراء استفتاء على الاستقلال في حال وصوله إلى السلطة.

وتشكل هذه الانتخابات اختبارا مزدوجا بالنسبة إلى جونسون بعد صعود المحافظين بقوة في الانتخابات التشريعية في نهاية 2019 مع الوعد بإنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد تحقق ذلك فعليا لكن في أيرلندا الشمالية خصوصا، رافقته اضطرابات أدت إلى إحياء التوتر بين المجموعتين.

كما يشكل اختبارا لزعيم المعارضة العمالية كير ستارمر الذي سيخضع لحكم صناديق الاقتراع للمرة الأولى منذ توليه قيادته في أبريل 2020 بعد هزيمته التاريخية في الانتخابات التشريعية.

وقال الرجل الذي وعد بأن يحيي حزب العمال “نكافح من أجل كل صوت”، مؤكدا أنه “أيا تكن النتائج سأتحمل مسؤوليتها”.

ولا يزال جونسون الذي يشدد على نجاح حملة التطعيم ضد فايروس كورونا، يتصدر استطلاعات الرأي على الرغم من الفضائح بما فيها تمويل تجديد شقته الرسمية والحصيلة الهائلة لوفيات الوباء (127 ألفا و500).

والرهان واضح حول هارتلبول معقل حزب العمال في شمال شرق إنجلترا الذي قد يتحوّل إلى محافظ من خلال انتخاب نائب جديد بعد استقالة المسؤول المنتخب المنتهية ولايته والمتهم بتحرش جنسي.

وسيكون لذلك طابع رمزي كبير بعد استيلاء المحافظين في 2019 على “الجدار الأحمر”، أي هذه المناطق التي تأثرت بتراجع التصنيع في شمال إنجلترا.

وفي لندن يبدو حزب العمال في وضع أفضل بكثير. فبعد خمس سنوات من انتخابه رئيسا للبلدية وكان أول مسلم يشغل منصبا من هذا النوع في عاصمة غربية كبرى، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم صادق خان لولاية ثانية بفارق كبير عن المحافظ شون بيلي.

5