حراك غربي صوب لبنان دون آمال كبيرة في اختراق

بيروت- يشهد لبنان الأسبوع الجاري حراك غربيا لافتا، بدءا بزيارة فريق الوساطة الأميركي بقيادة جون ديروشيه لبيروت لاستئناف المفاوضات حول ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، مرورا بزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء إلى البلاد، في سياق مساعي باريس المستمرة لممارسة المزيد من الضغوط على الطبقة السياسية للتوصل إلى تسوية حكومية.
وتبدي أوساط سياسية لبنان تشاؤما حيال إمكانية تحقيق أي اختراق في الملفين، فبخصوص ترسيم الحدود لا يبدو أن أصحاب القرار في لبنان وتحديدا حزب الله بوارد الإفراج عن هذا الملف، الذي يبقيه كورقة إضافية بأيدي إيران لمساومة القوى الدولية، كما أن حليفه التيار الوطني الحر يسعى بدوره للاستفادة قدر الإمكان من الوضع لاسيما مع تزايد الضغوط عليه.
وفي ما يتعلق بالجانب الحكومي، فإنه من غير المنتظر أن ينجح لودريان في تحقيق هدفه المنشود، لاسيما بعد أن ظهر بالكاشف وجود انقسام أوروبي حول قرار فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين متهمين بعرقلة جهود التسوية، وهو ما دفع باريس إلى الإعلان منفردة عن حزمة عقوبات بحق هؤلاء دون تحديدهم.
وتشير الأوساط إلى أن زيارة لودريان إلى بيروت قد تكون الخطوة الأخيرة قبل رفع اليد عن لبنان، لافتة إلى وجود استياء فرنسي حيال تعاطي القوى الغربية الحليفة الفاتر مع جهودها لدفع القوى اللبنانية لإنهاء الأزمة، وعدم ممارسة أي ضغوط على الأطراف المعرقلة للمبادرة التي كانت طرحتها منذ أغسطس الماضي.

جبران باسيل: تأليف الحكومة غير ممكن من خلال شخص واحد
وذكرت مصادر مطلعة أن زيارة لودريان إلى بيروت تستهدف استطلاع الوضع عن قرب لجهة أثر الإعلان الفرنسي، وعلى ضوء ذلك ستقرر باريس ما إذا كانت ستسير قدما في قرار العقوبات، أم أن هناك إمكانية للحلحلة.
والخميس أعلن لودريان أن باريس بدأت في اتخاذ إجراءات تقيد دخول أشخاص يعرقلون العملية السياسية اللبنانية إلى الأراضي الفرنسية وتجميد حساباتهم المصرفية، وأشار إلى أنه سيتم تطبيق خطوات مماثلة بحق المتورطين في الفساد في لبنان.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية خطيرة متزامنة مع فراغ سياسي حيث انهارت الليرة اللبنانية مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة في الأفق، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400 في المئة.
وتسبب الانهيار المالي في تداعي قيمة العملة المحلية وأجبر البلاد على إعلان عدم قدرتها على سداد ديون سيادية ودفع نصف السكان على الأقل إلى الفقر.
وفي أغسطس 2020 أعلن رئيس الوزراء حسان دياب استقالة حكومته وذلك عقب احتجاجات أعقبت انفجار مرفأ بيروت ما أسفر عن مقتل 215 شخصا.
وقد تم تكليف رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في أكتوبر الماضي بتأليف حكومة جديدة، لكنه وبعد مرور 6 أشهر فشل في تشكيل حكومته في ظل تعقيدات الأزمة السياسية في البلاد وخلافاته مع الرئيس عون.
ويصر عون ومن خلفه صهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على جملة من الشروط من بينها الحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة فضلا عن تسمية الوزراء المسيحيين، بداعي الحيثية النيابية التي يحظى بها، والتي تخول له أن تكون له اليد العليا في تسمية هؤلاء.
وكان باسيل الذي أنهى السبت زيارة إلى موسكو استغرقت ثلاثة أيام صرح في لقائين صحافيين “إذا كان الحريري يقبل بتعيين رئيس الجمهورية لوزراء مسلمين، فلا مانع بأن يعين هو وزراء مسيحيين”. وقال إن “النظام السياسي في لبنان فاشل ولا يعمل ويجب إصلاحه”، مؤكدا أن “تأليف الحكومة غير ممكن من خلال شخص واحد”.