السعودية تراهن على إصلاح الطاقة لتوفير 200 مليار دولار

تستهدف السعودية توفير عوائد مالية ضخمة من خلال مراهنتها على خطة إصلاح الطاقة التي تشمل استبدال الوقود السائل بالمصادر المتجددة من أجل الضغط على الكلفة وتمويل الاستثمارات الضخمة.
الرياض - قال وزير المالية السعودي إن المملكة قد توفر 200 مليار دولار على مدى العشر سنوات المقبلة من خلال استبدال الوقود السائل المستخدم محليا بالغاز ومصادر الطاقة المتجددة، وسط مساع لخفض التكاليف من أجل تمويل الاستثمارات.
وشرعت أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في خطة إصلاحات طموحة خلال السنوات الأخيرة لتحديث الاقتصاد وتوفير فرص العمل والحد من الاعتماد على إيرادات النفط.
وقال الوزير محمد الجدعان “إحدى المبادرات التي نحن بصدد الانتهاء منها استبدال السوائل”.
وتابع “هذا البرنامج سيوفر للحكومة حوالي 800 مليار ريال (213.34 مليار دولار) على مدار السنوات العشر المقبلة يمكن استغلالها في الاستثمار”.
ووقعت السعودية الشهر الجاري اتفاقات لشراء الكهرباء مع سبع مشروعات للطاقة الشمسية في إطار خطة لتحقيق أقصى استغلال لمزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء.
وقال الجدعان “بدلا من شراء الوقود من الأسواق العالمية بستين دولارا ثم بيعه إلى المرافق السعودية بستة دولارات، أو استخدام جزء من حصتنا في أوبك للبيع بستة دولارات، سنستبدل فعليا ما لا يقل عن مليون برميل من المكافئ النفطي في السنوات العشر المقبلة ونحل محلها الغاز والطاقة المتجددة”.
وتضررت السعودية ضررا شديدا من انخفاض أسعار النفط وأزمة فايروس كورونا العام الماضي، وقد أعلنت حديثا عن خطة لتسريع الاستثمار الداخلي ضمن برنامج لإنفاق تريليونات الدولارات تقوده شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو وصندوق الثروة السيادي الضخم، صندوق الاستثمارات العامة، البالغ حجمه 400 مليار دولار.
وفي محاولة لرفع عبء تمويل بعض الاستثمارات عن كاهل الخزانة، طُلب من بعض الشركات تقليص التوزيعات التي تُصرف للحكومة وتعزيز إنفاقها الرأسمالي.
وقال الجدعان “من الآن وحتى 2025، وربما حتى 2030، سنعطي أولوية للاستدامة المالية. نرى أنه لكي نحقق جميع الأهداف التي وضعتها رؤية 2030، نحتاج لصيانة الاستدامة المالية والسيطرة على الإنفاق الحكومي”.
رؤية 2030 هي خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتطوير السعودية عن طريق الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط وبناء صناعات ومشروعات ضخمة جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص لتوفير الملايين من الوظائف.
وفي نهاية 2020، انخفض معدل البطالة إلى 12.6 في المئة من مستوى قياسي مرتفع عند 15.4 في المئة في الربع الثاني من العام الماضي حين كان الاقتصاد يعاني بسبب الجائحة، لكنه يظل أعلى كثيرا من السبعة في المئة التي تستهدفها المملكة.
وقال الجدعان “لم نغير هدف البطالة للعام 2030، لكن لأننا لم نتجاوز مرحلة الخطر بعد فمن الصعب جدا أن نتوقع معدل البطالة للعام 2021.
وأضاف ”هدفنا خفض الرقم بحيث ننهي العام عند مستوى أقل مما كان عليه في 2019، قبل كوفيد، لكن لا يمكن أن أقول إنه سيحدث بكل تأكيد”.
وتشهد السعودية تحولات كبيرة في مجال الطاقة حيث تركز السلطات جهودها على تحقيق خطط التحول إلى الطاقة المتجددة على أسس مستدامة لدعم وتنويع الاقتصاد المحلي وكسب رهانات تحديات تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون.
وتستهدف خطط السعودية في التحول نحو الطاقة النظيفة تكثيف إنجاز مشاريع استغلال مزيج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك عبر جعل نيوم منطقة رائدة في العالم، تعتمد على الطاقة المستدامة لتوفير جميع احتياجاتها من الطاقة.
وكثفت السعودية تحركاتها مؤخرا في مجال الطاقة المتجددة حيث أعلنت شركة نيوم عن وضع اللبنات الأولى لتشييد أكبر مشاريع إنتاج الهيدروجين الصديق للبيئة من خلال إبرام صفقة تتجاوز خمسة مليارات دولار، وذلك تمهيدا لتصديره إلى الأسواق العالمية.
وأبرمت شركة نيوم، التي تأسست في يونيو 2019، صفقة مع إير بروداكتس وأكواباور بقيمة 5 مليارات دولار.
ويهدف هذا المشروع، الذي يعد من بين الأكبر في العالم، إلى توفير حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي ولمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال حلول عملية لتخفيض الانبعاثات الكربونية.
ويعد مشروع الهيدروجين المتجدد، الأكبر من نوعه في العالم وتكمن أهميته في اتساقه مع جهود نيوم لتحقيق الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود الأخضر عالميًّا.
وسيكون المشروع نقطة محورية في رحلة نيوم لتصبح الوجهة الأهم دوليا في تقديم الحلول المستدامة بطريقة تجذب المستثمرين وأفضل العقول من كل العالم لتسريع التطور البشري.
ويقع المشروع في أقصى شمال غرب السعودية، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية الأردنية، ويمتد على 460 كلم على ساحل البحر الأحمر، حيث سيوفر العديد من فرص الاستثمار.
ويندرج ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحويل البلد الخليجي إلى نموذجٍ عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة المضافة في الصناعات والتكنولوجيا.
ومن شأن المشروع فتح الباب أمام الكثير من الفرص الواعدة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وسيعزز قدرة البلاد على العمل مع دول العالم لتُحقق أهدافها في إنتاج الطاقة النظيفة.