الحوثيون يكثفون حملتهم على مأرب لتسريع حسم المعركة

عدن - أكدت مصادر مطلعة في محافظة مأرب لـ”العرب” احتدام المواجهات العسكرية بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والميليشيات الحوثية، بعد شن الحوثيين هجوما وصف بالأعنف على جبهتي المشجح والكسارة بهدف تحقيق اختراق سريع باتجاه وسط مدينة مأرب مركز المحافظة.
وقالت المصادر إن القوات الحكومية مسنودة برجال القبائل تصدت للهجوم وأوقعت خسائر كبيرة في صفوف الحوثيين الذين يعتمدون تكتيكا ممنهجا لإنهاك القوات المدافعة واستنزافها، عبر إرسال موجات متتالية من المقاتلين إلى مناطق المواجهات.
وأعلن الجيش اليمني، الأحد، مقتل مدير دائرة القضاء العسكري اللواء عبدالله الحاضري، في المواجهات التي شهدتها الجبهات الغربية لمأرب.
ويؤكد مقتل الحاضري وعدد من كبار ضباط الجيش اليمني في الآونة الأخيرة ضراوة المعارك التي تشهدها محافظة مأرب ولجوء الجيش اليمني إلى دفع قيادات أمنية وعسكرية ذات طابع إداري للمشاركة في صد الزحف الحوثي العنيف الذي يستهدف إسقاط المحافظة الإستراتيجية قبيل أي مشاورات سياسية.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي إن الجيش والمقاومة كبدا الحوثيين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في مختلف جبهات القتال.
وأضاف مجلي في إيجاز صحافي نشرته وكالة الأنباء الرسمية أنّه تم بإسناد من طيران التحالف كسر تسللات وهجمات الحوثيين في جبهات صرواح والكسارة وهيلان والمشجح والمخدرة والجدعان في محافظة مأرب.
وأشار إلى أن “مقاتلات التحالف العربي شاركت بفاعلية في تدمير تعزيزات الميليشيا وآلياتها ودباباتها وعتادها القتالي في مختلف الجبهات”، لافتا إلى أن الدفاعات الجوية للجيش الوطني دمرت طائرتين مسيرتين متفجرتين وكذلك أسقطت طائرة استطلاعية للميليشيات الحوثية.

عبدالوهاب بحيبح: خبراء إيرانيون يخططون للحوثيين حرب مأرب
وعلى الرغم من الخطر المتزايد الذي تشكله الهجمات الحوثية، إلا أن معظم تلك الهجمات لا تحقق أهدافها بقدر ما تتسبب في إنهاك خطوط الدفاع عن مدينة مأرب في سياسة طويلة الأمد ولكنها باهظة التكلفة.
وفي تصريح لـ”العرب” حول آخر التطورات العسكرية في مأرب والتكتيك الذي تتبعه الميليشيات الحوثية في هجماتها على مأرب أشار الباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح إلى أنه نتيجة لفشل الهجمات الحوثية المستمرة على جبهة الكسارة طوال الثلاثة أشهر الماضية، ونتيجة لحجم الخسائر التي تعرض لها الحوثيون في هذه الجبهة اضطرت الميليشيا الحوثية المدعومة بالخبراء الإيرانيين إلى تغيير طريقة التحرك والتكتيك وفق خطط جديدة تهدف إلى تحقيق تقدم تتجاوز فيه معضلة الكسارة التي كبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، حيث بدأت الميليشيا خلال الأيام الماضية في تكثيف الهجوم على جبهة المشجح، وذلك بهدف إحداث اختراق نوعي يسهّل معركتها في جبهة الكسارة.
وأكد بحيبح أن من يخططون لميليشيا الحوثي حربها في مأرب هم خبراء ومستشارون عسكريون إيرانيون ولبنانيون على مستوى عال من الخبرة والحرفية، مضيفا “مأرب أبطلت كل الهجمات ولا تزال رغم الإعداد والدعم الإيراني الكبير”.
واعتبر بحيبح، وهو من أبناء محافظة مأرب، أنه بالرغم من صمود المدافعين عن مأرب “إلا أن المعركة تحتاج إلى تغيير في الإستراتيجية بالنظر إلى أن الميليشيا الإيرانية لا تهتم بعدد القتلى في صفوفها ولديها من المرتزقة الآلاف وما يقصم ظهرها هو انتزاع الأرض منها”.
وألقى الحوثيون في الفترة الأخيرة بثقلهم العسكري لتحقيق انتصار في محافظة مأرب متجاهلين كل الدعوات الأممية والدولية لوقف هجومهم على المحافظة الذي يهدد ملايين النازحين ويعقد مسار التسوية السياسية في البلاد.
وكشف المبعوث الأميركي في اليمن تيم ليندركينغ في إحاطته أمام الكونغرس عن إظهار الحوثيين تصميما مطلقا والتزاما للسيطرة على مأرب.
ويعتقد مراقبون أن تصعيد الهجوم الحوثي على مأرب مرتبط إلى حد كبير بالحراك السياسي الدولي لإغلاق ملف الحرب في اليمن ودفع الأطراف نحو تسوية سياسية يسعى الحوثيون لاستباقها بتعزيز مكاسبهم على الأرض بهدف إفراغ أي اتفاق سياسي من استحقاقاته، من خلال فرض أمر واقع على الأرض.
ويصف مراقبون تراجع الزخم الأممي والأميركي والأوروبي إزاء الملف اليمني بأنه نتيجة ترقب تلك الأطراف لنتائج معركة مأرب، بعد استنفادها كل أوراق الضغط على التحالف العربي والحكومة اليمنية التي وافقت على رؤية المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لوقف إطلاق النار الشامل، وعجزها عن انتزاع أي تنازلات من الطرف الحوثي الذي يبدي حالة من التعنت السياسي.
واستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأحد، المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يقوم بزيارة للعاصمة المصرية القاهرة.
وقال أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير شكري “أكد على موقف مصر الراسخ من دعم كافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية يُلبي طموحات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية، وينهي أزمته الإنسانية الممتدة، وذلك وفقا لمرجعيات التسوية الرئيسية المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216”.