المكوّن التركماني العراقي يعيد ترتيب صفوفه بدعم من تركيا استعدادا للانتخابات العراقية المبكّرة

تركيا تحث التركمان في كركوك على الصمود في المحافظة الغنية بالنفط ومواجهة المطالبات الكردية بضمها إلى إقليمهم باعتبارها من المناطق العراقية المتنازع عليها.
الجمعة 2021/04/09
كركوك مدار أساسي للعبة التركية في العراق

مساعي المكوّن التركماني العراقي للحفاظ على مكاسبه وحقوقه السياسية في نظام المحاصصة القائم في العراق تلتقي مع مصلحة تركية في الحفاظ على قوّة وتماسك المكوّن، أملا في استخدامه جدار صدّ ضدّ أكراد العراق وطموحاتهم في توسيع حدود إقليمهم لتشمل المناطق المتنازع عليها وفي مقدمتها محافظة كركوك التي تخشى أنقرة وقوع ثروتها النفطية الكبيرة بأيدي الأكراد.

بغداد- تشهد الأوساط السياسية التركمانية في العراق حراكا حثيثا استعدادا للانتخابات البرلمانية المبكّرة المقرّرة لشهر أكتوبر القادم، بينما تقول مصادر مطّلعة على ذلك الحراك إنّ جهودا تركية بذلت خلال الفترة الأخيرة بهدف تشجيع القوى والأحزاب التركمانية على توحيد صفوفها بهدف الحفاظ على مستوى تمثيل المكون التركماني في البرلمان العراقي.

وأعلنت أحزاب تركمانية الخميس عن تشكيل تحالف موحد لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة المقرر إجراؤها في أكتوبر القادم. وجاء ذلك في بيان صدر عقب اجتماع ضم الأحزاب التركمانية في مقر الجبهة التركمانية العراقية في مدينة كركوك شمالي العراق.

حسن توران

☚ اختير لرئاسة الجبهة التركمانية وقيادة التحالف الانتخابي المعلن تحت مسمى جبهة تركمان العراق

ويأتي ذلك بينما يتصاعد اهتمام أنقرة بالمكوّن التركماني العراقي الذي تحرص تركيا على إبقائه قويا ومتماسكا في وجه المكوّن الكردي الذي يناصبه الأتراك عداء قوميا مستحكما، وتحرص حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على منعه من تحصيل مكاسب كبيرة على رأسها السيطرة على محافظة كركوك الغنية بالنفط.

وتدعم تركيا بوضوح التركمان في كركوك وتحثّهم على الصمود في المحافظة ومواجهة المطالبات الكردية بضمّها إلى إقليمهم باعتبارها من المناطق العراقية المتنازع عليها.

وعندما بادر أكراد العراق إلى تنظيم استفتاء على استقلال إقليمهم سنة 2017 هدّد زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي باستخدام القوة لدعم المكوّن التركماني العراقي قائلا “إن أكثر من خمسة آلاف من منتسبي الحزب مستعدون للانضمام إلى كفاح التركمان في كركوك والمدن التركمانية الأخرى في العراق”، مضيفا “هؤلاء التركمان ليسوا لوحدهم ولن نتركهم يتعرضون لمجازر عرقية، ولن نتركهم أبدا دون وطن”.

وأفاد البيان الصادر باسم “جميع الأحزاب المشاركة” في الاجتماع من دون الإشارة إليها بشكل تفصيلي بأن الاجتماع “بحث مجمل تطورات المشهد السياسي والأمني واستحقاقات المكوّن التركماني في العراق وكركوك”.

وأكد المجتمعون على “الثوابت الوطنية ومنها الحفاظ على وحدة العراق والدفاع عن عراقية كركوك بهويتها التركمانية، والحفاظ على المنجزات التي تحققت بعد عمليات فرض القانون في كركوك عام 2017 وتعزيز الاستقرار الأمني”، في إشارة إلى قيام القوات العراقية بطرد البيشمركة من المحافظة إثر الاستفتاء المذكور.

وأشار البيان إلى أن الأحزاب التركمانية قررت “المشاركة في الانتخابات النيابية بتحالف انتخابي موحّد في توركمن إيلي (أراضي التركمان) والعراق باسم جبهة تركمان العراق، وتسمية رئيس الجبهة التركمانية حسن توران رئيسا للتحالف”.

ويشغل التركمان 8 مقاعد في البرلمان العراقي من أصل 329 مقعدا بينها 3 مقاعد لـ”الجبهة التركمانية” كبرى أحزاب التركمان في البلاد. وتجمع بين قيادات الجبهة وتركيا علاقات وثيقة تعبّر عنها الاتصالات الكثيفة للقيادي التركماني البارز أرشد الصالحي وتصريحاته المدافعة عن السياسة التركية.

وغير بعيد عن إعادة ترتيب أوراق المكوّن التركماني العراقي استعدادا للانتخابات القادمة، تمّ مؤخّرا تعيين رئيس جديد للجبهة ووقع الاختيار على السياسي المخضرم حسن توران ليخلف الصالحي “الذي سيتفرغ للعمل السياسي والتفاوض باسم المكون التركماني”.

وجاء ذلك في بيان صدر في وقت سابق عقب اجتماع استثنائي للهيئة التنفيذية للجبهة في مقرها الرئيسي. وقال البيان إنّه “جرت خلال الاجتماع مناقشة مجمل التطورات السياسية في العراق والتأكيد على أهمية إجراء تغييرات ضمن قيادة الجبهة التركمانية العراقية وفسح المجال أمام الكوادر الشبابية لتولي مسؤوليات ضمن هرم القيادة”.

وأضاف البيان أنّ “الهيئة التنفيذية قررت بعد سلسلة حوارات مكثفة أن يتفرغ الصالحي للعمل السياسي والتواصل مع القوى السياسية، والتفاوض باسم المكون التركماني لاستحصال استحقاقات التركمان قبل وخلال وما بعد الانتخابات المقبلة في العراق”.

وتابع “بقرار أعضاء الهيئة التنفيذية، يتسلم نائب رئيس الجبهة حسن توران الرئاسة ويخلفه في منصبه هيثم هاشم مختار أوغلو، كما تم تكليف هشام بيرقدار بمنصب النائب الثاني بدلا من حيدر قصاب”.

تركيا تتوجّس من وقوع الثروة النفطية الهائلة بكركوك بأيدي الأكراد
تركيا تتوجّس من وقوع الثروة النفطية الهائلة بكركوك بأيدي الأكراد

وتزعّم الصالحي الجبهة منذ عام 2011. وتشغل الجبهة التي تأسست عام 1995 للدفاع عن حقوق التركمان في العراق 3 مقاعد في البرلمان العراقي ومقعدا واحدا في برلمان إقليم كردستان من أصل 111 مقعدا.

وترى تركيا في تركمان العراق جدار صدّ مثاليا لمواجهة الطموحات الكردية في العراق، حيث يشكّلون كتلة بشرية وازنة. وفي غياب إحصائيات رسمية عراقية عن أعداد أبناء المكوّنات في البلد، يقول تركمان العراق ووسائل إعلام تركية إنّهم يشكّلون ثالث أكبر قومية في العراق بعد العرب والأكراد وأن نسبتهم من السكان المقدّر عددهم بحوالي 39 مليونا تبلغ نحو 7 في المئة. وهم ينتشرون في أرجاء العراق  لكن يتركز وجودهم في مناطق متنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان فضلا عن قضاء تلعفر غربي الموصل.

وكثيرا ما يكشف الخطاب السياسي والإعلامي التركي عن تبني أنقرة لمطالبات المكوّن التركماني بحقوقه والدفع نحو خلق “قضية للتركمان” في العراق، بينما لا تنقطع قيادات تركمانية عراقية، في المقابل، عن الإشادة بالقيادة التركية والتذكير بمساندتها للمكوّن، في عملية لا يتردّد عراقيون في اعتبارها عملية استقواء مبطّنة بتركيا.

أحزاب تركمانية أعلنت عن تشكيل تحالف موحد لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة المقرر إجراؤها في أكتوبر القادم

وعلى سبيل المثال يدافع الصالحي عن العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تشنها تركيا ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل أراضي العراق دون تنسيق مع حكومته ويلقي باللائمة على بلده العراق لسماحه، حسب رأيه، بتهديد أمن تركيا.

ويقول متابعون للشأن العراقي إنّ مطالبات تركمان العراق بحقوق لهم في محافظة كركوك تعطي الورقة التركمانية قيمة استثنائية لدى تركيا، نظرا لثراء تلك المحافظة المصنّفة ضمن المناطق العراقية المتنازع عليها، بالنفط من ناحية، وبالنظر إلى أنّ الطرف الرئيسي في النزاع على تلك المحافظة ليسوا سوى الأكراد الذين يعتبرهم الأتراك أعداء تاريخيين لهم على اختلاف انتماءاتهم السياسية والجغرافية، ما يجعل تركيا تتوجّس من وقوع الثروة النفطية الهائلة بكركوك بأيدي الأكراد لتكون بذلك مقوّما من مقومات دولتهم المنشودة في المنطقة. ولذلك تجتهد تركيا في الزج بتركمان العراق في الصراع على كركوك.

3