فوضى المنابر الدينية تفرض على اتحاد الإذاعات الإسلامية تطوير إستراتيجية موحدة

يفرض التطور التقني والمنافسة الإعلامية من المنابر الدينية المتعددة والمتناقضة في أهدافها وخطابها على اتحاد الإذاعات الإسلامية جهودا مضاعفة في العمل على تنسيق الرسائل والخطاب الإعلامي من خلال عرض المحتوى المؤثر بأحدث تقنيات البث التي تشهدها صناعة الإعلام للتأثير على المجتمعات الإسلامية.
جدة (السعودية)- يواجه اتحاد الإذاعات الإسلامية جملة من التحديات مع اشتداد المنافسة الإعلامية وتعدد المنصات الرقمية؛ فهو ملزم بوضع خطة محددة لاستقطاب الجمهور المعني، لاسيما بوجود منابر إعلامية دينية خاصة لا تخضع لضوابط مهنية.
وأشار وزير الإعلام السعودي المكلف ماجد بن عبدالله القصبي خلال ترؤسه الأربعاء أعمال اجتماعي المجلس التنفيذي والجمعية العامة لاتحاد الإذاعات الإسلامية، إلى وجود تحديات كبيرة في ظل التحولات والمتغيرات التي يشهدها العالم حاليا، ما يتطلب العمل الجماعي وتنسيق الرسائل والخطاب الإعلامي لمواكبة التحولات والمتغيرات التي تشهدها صناعة الإعلام وآثارها على المجتمعات الإسلامية.
وتواجه مؤسسات الإذاعة والتلفزيون عالميا تحديات مهنيَّة في عدد من المجالات مثل صناعة المحتوى بما يتناسب مع التدفق الهائل والسريع للأخبار وتسارع الأحداث، وتعدد الاحتياجات المعرفية للمتلقين، والتنافس العالمي القوي في مجال صناعة الترفيه.
تضاف إليها التحديات في مجال تعزيز الحضور في منصات الإعلام الجديد، من خلال تنويع أساليب النشر، والبث عند الطلب عبر الإنترنت وتوظيف الوسائط الرقمية كالفيديو والإنفوغرافيك وغيرهما من الوسائط التي تتيح جمع النص والصوت والصورة في إطار واحد، وتضمنُ جذب المتلقين ولفت انتباههم من خلال عرض المحتوى المؤثر عبر أحدث تقنيات البث.

ماجد بن عبدالله القصبي: التحديات تتطلب تنسيق جهود الدول الإسلامية إعلاميا
وقال القصبي “إن هذه التحديات تتطلب العمل على تطوير إستراتيجية موحدة بناء على دراسة أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال واقتراح مبادرات كفيلة بالتعامل معها بكفاءة وفاعلية عالية، وتنسيق جهود الدول الإسلامية إعلاميا بما يضمن بناء صورة ذهنية سليمة عنها دوليا “، داعيا اتحاد الإذاعات الإسلامية إلى التعامل مع تلك التحديات.
ويعمل الاتحاد على تحقيق أهداف رئيسية تتمثل في إنتاج وتبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية مع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك نشر قيم الإسلام وتعاليمه واللغة العربية، ومواجهة الحملات المغرضة التي تشنها بعض الأجهزة الإعلامية والاستجابة لمتطلبات الواقع الراهن الذي يعيشه العالم أجمع بما فيه العالم الإسلامي.
ويتكون الاتحاد من هيئات البث في البلدان الأعضاء في الاتحاد، ويقع المقر الدائم للاتحاد في مدينة جدة السعودية ويهدف إلى نشر الدعوة الإسلامية، وإبراز أهمية التراث، والعمل على نشر اللغة العربية لغير الناطقين بها، وإنتاج وتبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية مع الدول الأعضاء، وتصحيح الصورة الخاطئة التي يحملها الغرب عن الإسلام.
ولا تلتقي أهداف ومنهج اتحاد الإذاعات الإسلامية مع أهداف اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الذي يتخذ من العاصمة الإيرانية طهران مقرا له، إذ يشكل الأخير غطاء سياسيا للأجندة الإيرانية ويعتبر إحدى الجهات المسؤولة عن حملة التضليل الإعلامي، حيث يدعم ويشرف على الجزء الأكبر من القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى التي يديرها وكلاء إيران في الخارج.
وفي الوقت الذي يسعى فيه اتحاد الإذاعات الإسلامية إلى نشر الاعتدال والوسطية ويتخذ ذلك هدفا رئيسيا، فإن اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية التابع لطهران يقدم الدعم لمجموعة كبيرة من وسائل الإعلام التابعة للميليشيات المسلحة في العراق ولبنان واليمن، والتي تحفل بخطاب الطائفية والتحريض وإثارة الفتنة بين مكونات هذه الدول التي تشهد صراعات.
وقام الاتحاد التابع لطهران بمكافأة وسائل الإعلام الناشطة في تكريس الانقسام والطائفية مثل قناتي “المسيرة” و”الساحات” التابعتين للحوثيين في اليمن، وقد حصلتا على أربع جوائز في مهرجان اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية خلال الأعوام الماضية، لدور القناتين المعادي للتحالف العربي.
ويفرض هذا الواقع على اتحاد الإذاعات الإسلامية في السعودية القيام بجهود مضاعفة من أجل التصدي لخطاب الفتنة والتحريض والطائفية، وتكثيف حضور منصاته الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب والحد من تأثير الخطاب المتطرف والمتشدد المنتشر عبر الشبكات الاجتماعية بكثافة.
وتلجأ وسائل الإعلام المدعومة من إيران إلى زيادة أنشطتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما على تطبيق تيليغرام. فقد أنشأت منتديات يمكن من خلالها للمستخدمين وخصوصا الشباب مناقشة الأيديولوجيات الإسلامية والمشاعر المعادية للولايات المتحدة، مع مشاركة الإعلانات وتنظيم الأنشطة المتعلقة بالميليشيات. وأنشأت بعض المجموعات قنوات إخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي تشارك في حملات تضليل ضد حكومات الدول العربية.
يعمل الاتحاد على إنتاج وتبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية مع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك نشر قيم الإسلام وتعاليمه واللغة العربية
يُذكر أنَّ اتحاد الإذاعات الإسلامية قد أنشئ في جدة بموافقة من المؤتمر السادس لوزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1975، تعبيرًا عن التمسك والإيمان بالعمل الجماعي في إطار أهداف منظمة التعاون الإسلامي.
وعلى هامش الاجتماع الذي عقد الأربعاء تمّ إجراء انتخابات لتولّي منصب رئيس اتحاد إذاعات الدول الإسلامية الجديد. وبإجماع آراء 57 دولة عربية وإسلامية تمّ اختيار الإعلامي عمرو الليثي مرشح مصر رئيسًا لاتحاد إذاعات الدول الإسلامية لدورة جديدة. وكانت آخر مرة تولى فيها مرشح من مصر منصب رئيس اتحاد إذاعات الدول الإسلامية في عام 1979، وكان يرأسه الإعلامي الراحل أحمد فراج.