تأطير صداقات الطفولة دون التدخل فيها يمنح الصغار الشعور بالرضا

من الضروري أن يفهم الآباء أن صداقات الأطفال ثمينة ورائعة ومفيدة لهم شريطة عدم التدخل فيها كثيرا، خاصة عندما يكبر الأطفال.
الجمعة 2021/04/09
أصدقاء الطفولة لا يمكننا نسيانهم

باريس – يؤكد خبراء علم النفس أن صداقات الطفولة تلعب دورا أساسيا في نمو الأطفال، حيث يساعدون بعضهم على العيش السعيد والشعور بالرضا وعدم الملل ومشاركة الأسرار.

وتقول ماري روز مورو المختصة في طب نفس الأطفال والمراهقين “منذ الحضانة نرى الأطفال ينبضون بالحياة عندما يقترب منهم الآخرون. ويعتاد الأطفال في وقت مبكر جدًا على وجود الآخرين ويسعون إلى صحبتهم”. وعندما يتعلمون اللغة فإنهم يحفظون الأسماء الأولى لأصدقائهم بسرعة كبيرة.

وتشير إلى أنه وإلى حدود 3 سنوات هناك الكثير من التركيز على العلاقة مع البالغين. لكن العلاقة مع الأقران بناءة ومطمئنة، حتى لو كانت هناك بالفعل صراعات ومنافسات.

وبين سن 3 و6 سنوات يستمتع الأطفال باللعب مع شخص مختلف عنهم. فهم لا يبحثون بعد عن شخص يشبههم، فالآخر هو شريك في الألعاب ويهدئهم ويواسيهم.

وتوضح الكاتبة الفرنسية فلورنس بانيو أن دخول رياض الأطفال يشير إلى اكتشاف متعة التفاعل وتنمية التعاطف.

وبالنسبة إلى ماري روز مورو، من الضروري أن يفهم الآباء أن “صداقات الأطفال ثمينة ورائعة ومفيدة لهم”، شريطة عدم تدخل الوالدين فيها كثيرا، خاصة عندما يكبر الأطفال.

الكاتبة الفرنسية فلورنس بانيو:

دخول رياض الأطفال يشير إلى اكتشاف متعة التفاعل وتنمية التعاطف

وتقول روز مورو “على البالغين تأطير هذه العلاقات من خلال دعوة الأصدقاء إلى المنزل والتأكد من أن الأمر لا يتعلق بالعلاقات السامة التي تضايق الأطفال”.

وبين 6 و11 سنة في المرحلة الكامنة “يحبذ الأطفال البحث عمّن يشبهونهم”. وبخصوص تكوين هذه الصداقات، يلاحظ عالم الاجتماع كيفين ديتر الذي أمضى عامًا في مدرسة ابتدائية في باريس أن “العمر ذاته والجنس نفسه هما الشرطان الأساسيان الضروريان لتكوين الروابط العاطفية الطفولية”.

ويبين خليل أبوزناد المختص في علم النفس أنه لا يمكن نسيان أصدقاء الطفولة مهما طال الأمد ودارت الأيام، فإذا جلس المرء مع نفسه وحاول أن يتذكر أسماء أصدقاء الدراسة على سبيل المثال، فإنه وبلا شك سيستطيع أن يحصر أسماء أصدقاء الطفولة والمرحلة الأولى من التعليم بسهولة وبأضعاف مضاعفة، مقارنة بأسماء أصدقائه في الجامعة أو التعليم العالي، والسبب هو أن الذهن يكون في مراحل الطفولة صافيا ونقيا والذاكرة قادرة على الاستيعاب، والتركيز لا تمحوه السنوات.

ويضيف أن الذاكرة تبدأ بعد ذلك في الاستيعاب بدرجة أقل لكثرة ما يتم تسجيله فيها من أحداث، والشيء المثير حقا أن صداقات الطفولة تصبح أقوى الصداقات إذا استمرت دون انقطاع، وحتى إذا انقطعت الأخبار عن أصدقاء الطفولة فإنه بمجرد مكالمة واحدة يمكن استعادة الذكريات الجميلة التي كانت في الماضي.

وتظهر دراسة علمية أن 60 في المئة من الفتيات و70 في المئة من الأولاد لديهم أصدقاء من نفس جنسهم وذلك لسببين رئيسيين، أولهما الألعاب والأذواق والأنشطة المختلفة.

وتبين بانيو أن المعيار الرئيسي الثاني هو تاريخ الميلاد. حيث أظهرت الدراسة أن 29 في المئة من الأطفال لديهم أصدقاء مع أولاد آخرين في صف أكبر منهم. ويشجع المختصون في التعليم على جمع الطلاب بناء على العمر وحسب صفهم، بما في ذلك خلال الأنشطة غير المنهجية.

وتتدخل الفئة الاجتماعية في اختيار الأصدقاء، حيث يميل الأطفال من الطبقات العليا إلى ممارسة الألعاب على أساس اللغة والخيال، بينما يعتمد الأطفال من الطبقات الأخرى على الألعاب الرياضية وتقليد ألعاب القتال. ويؤثر الآباء على هذه الاختيارات من خلال وصف بعض الأطفال بأنهم أذكياء أو وسيمون أو مرحون، وآخرون بأنهم مثيرون للشفقة أو مشاكسون، ويوجه الآباء علاقات الصداقة بشكل كبير.

وفي بعض الأحيان لا يكون للأطفال أصدقاء. وهو موقف مؤلم وفقًا لماري روز مورو. ويمكن أن يكون لهذا الأمر عدة تفسيرات مثل اضطرابات النمو على غرار اضطرابات طيف التوحد، وإمكانات فكرية عالية، ما يعني أن الطفل لديه اهتمامات مختلفة تمامًا عن اهتمامات رفاقه، أو حتى الاكتئاب. وتضيف هذه المختصة “لا يمكنك إجبار الأطفال على أن يكونوا أصدقاء. لكن المعلمين أكثر حساسية تجاه هذه المسألة”.

و تؤكد ماري روز مورو أن “بناء علاقات جديدة في الوقت الحالي أمر معقد للغاية. ويميل البالغون إلى التقليل من شأن صداقات الأطفال”.

21