السعودية تضع خطة استثمارية ضخمة لتطوير القطاع الخاص

أطلقت السعودية خطة استثمارية ضخمة لتعزيز إسهامات القطاع الخاص في دفع التنمية في إطار حزمة إصلاحات لتنويع مصادر الاقتصاد وفك الارتهان للنفط، فيما يكون دور أرامكو في البرنامج تجاريا لا حكوميا وذلك لتبديد مخاوف المستثمرين بشأن احتمال مشاركة أرامكو في تنفيذ مشاريع خارج إطار الطاقة.
الرياض - أعلنت السعودية عن خطة استثمارية ضخمة بقيمة 12 تريليون ريال (حوالي 3.2 تريليون دولار) لتعزيز قطاعها الخاص بحلول العام 2030، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها المملكة لتنويع اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على النفط.
وأتى الإعلان عن هذه الخطة من قبل وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في وقت تواجه فيه البلاد معدّلات بطالة عالية ومصاعب اقتصادية شديدة بسبب جائحة كوفيد – 19 وانخفاض أسعار الذهب الأسود.
وقال الأمير محمد بن سلمان خلال تدشينه برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص “شريك” إنّ “مجموع الاستثمارات التي سيتمّ ضخّها في الاقتصاد المحلي سيبلغ 12 تريليون ريال حتى عام 2030”.
وأوضح أنّ هذا المبلغ الضخم يشتمل على ثلاثة تريليونات ريال (حوالي 800 مليار دولار) سيقوم بضخّها صندوق الاستثمارات العامة حتى عام 2030، بالإضافة إلى أربعة تريليونات ريال سيتمّ ضخّها تحت مظلّة الإستراتيجية الوطنية للاستثمار، وسيعلن عن تفاصيلها قريباً”.
ولفت وليّ العهد السعودي إلى أنّ هذه المبالغ “لا تشمل الإنفاق الحكومي المقدّر بحوالي 10 تريليونات ريال خلال السنوات العشر المقبلة، والإنفاق الاستهلاكي الخاص المتوقّع أن يصل إلى 5 تريليونات ريال حتى 2030، ليصبح مجموع ما سوف يُنفق في المملكة العربية السعودية 27 تريليون ريال، أي 7 تريليونات دولار، خلال السنوات العشر المقبلة”.
ويرمي برنامج “شريك” وفقاً للأمير محمد بن سلمان إلى تطوير الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتسريع تحقيق الأهداف الإستراتيجية المتمثّلة في زيادة مرونة الاقتصاد ودعم الازدهار والنمو المستدام.
وأضاف أنّ “الاستثمارات التي سيقوم القطاع الخاص بضخّها مدعوماً ببرنامج شريك ستوفّر مئات الآلاف من الوظائف الجديدة، كما ستزيد مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلّي الإجمالي، وصولاً إلى تحقيق الهدف المرسوم له ضمن مستهدفات رؤية المملكة التي تسعى لرفع مساهمة هذا القطاع إلى 65 في المئة بحلول 2030”.
وكان الأمير محمد بن سلمان أعلن في يناير أنّ صندوق الاستثمارات العامّة سيستثمر 40 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد السعودي على مدى خمس سنوات.
وبلغ معدّل البطالة في المملكة في الربع الثالث من العام الماضي نحو 14.9 في المئة، بانخفاض طفيف عن مستواه القياسي البالغ 15.4 في المئة والذي سجّله في الربع الثاني، بحسب البيانات الرسمية.
3.2
تريليون دولار قيمة الخطة الاستثمارية لتعزيز القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد
وفي 2020 دفعت تداعيات جائحة كوفيد – 19 وتراجع أسعار النفط بالحكومة السعودية إلى أخذ إجراءات قاسية للحدّ من العجز في ميزانية المملكة، من بينها رفع قيمة الضريبة على القيمة المضافة ثلاث مرات لتصل إلى 15 في المئة وإلغاء قسم من الحوافز المالية التي كان يستفيد منها موظّفو القطاع العام.
وتجهد السعودية، أكبر اقتصاد في العالم العربي، لجذب الاستثمارات الأجنبية التي تُعتبر حجر الزاوية في الخطة التنموية التي وضعها الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة بحلول العام 2030.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية أمين الناصر إن الشركة ستحدد معايير عمل صارمة للمشروعات التي تدعمها في إطار مبادرة الشراكة مع القطاع الخاص حيث لن تكون مدفوعة من الدولة.
وأضاف الناصر “يمكنك اعتبار ‘شريك’ عامل حفز في جعل السعودية وجهة استثمارية أكثر جذبا لكل من المستثمرين المحليين والأجانب”.
ولم تتطرق الحكومة إلى تفاصيل عن كيفية عمل البرنامج، لكن الناصر قال إن الشركات الخاصة ستسعى إلى محفزات من الحكومة، سواء على صعيد البنية التحتية أو الدعم المالي والتنظيمي، وستحدد أرامكو ما إذا كانت ستدعم مشروعا باعتبارها شريكا.
وقال “هذا برنامج طوعي. يعود للقطاع الخاص أمر إحضار هذه المشروعات وطلب حوافز”.
ووعد المساهمين في أرامكو ومنهم أقلية صغيرة من مساهمي القطاع الخاص منذ بدء تداول أسهم الشركة في البورصة في ديسمبر 2019، بأنها ستتوخى الحصافة في تخصيص رأس المال ومعايير التكلفة.
لكن الناصر أكد أنه من السابق لأوانه القول كيف سيؤثر البرنامج الجديد على توزيعات وخطط الاستثمار لدى أرامكو.
وقال وليّ العهد السعودي إن الحكومة طلبت من كبرى الشركات المشارِكة في البرنامج تقليص توزيعات أرباحها لزيادة الإنفاق الرأسمالي، مؤكدا أن توزيعات الأرباح لمن يملكون أسهما في أرامكو ستظل كما هي.
وأثار البرنامج الجديد بعض المخاوف لدى المستثمرين من أن أرامكو قد تبدأ في بناء ملاعب رياضية أو تدشين مشروعات بنية تحتية أخرى لا علاقة لها بنشاطها في قطاع الطاقة، بما يماثل أنشطتها في السنوات الأولى من الطفرة النفطية السعودية.
لكن الناصر قال إن الحكومة التي لا تزال تمتلك 98 في المئة من الشركة منذ طرحها العام الأولي لا تدفع أرامكو للمشاركة في مشروعات بعينها.
ويعد البرنامج الجديد جزءا من جهود تهدف إلى حشد استثمارات القطاع الخاص في أكبر مُصدر للنفط في العالم لمساعدة المملكة في تنويع موارد الاقتصاد بعيدا عن مبيعات الخام التي ما زالت تدر أكثر من نصف إيرادات الدولة.