السلطة الجزائرية تدعم المستقلين لصناعة توازنات سياسية جديدة

رغم أجواء الغموض التي تخيّم على الانتخابات الجزائرية تجتهد السلطة من أجل هندسة مشهد سياسي جديد ينهي هيمنة الأحزاب التقليدية ويكسر حاجز العزوف.
الأربعاء 2021/03/31
القانون يمهد الطريق لظهور هوية برلمانية جديدة

الجزائر- تسعى السلطة الجزائرية إلى ضخ دماء جديدة في المشهد الذي ستفرزه الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الـ12 من يونيو، عبر دعم ضمني للوائح المستقلة المنضوية تحت لواء المجتمع المدني، وقطع الطريق على إمكانية تكرار الواجهة التقليدية التي تشكل منها البرلمان طيلة العقود الأخيرة، عبر سن بنود في قانون الانتخابات الجديد يمهد الطريق لظهور هوية برلمانية جديدة، لإضفاء نوع من الشرعية على خطاب التغيير الذي تروج له السلطة الجديدة.

دخل العديد من الفاعلين والناشطين في ما يعرف بالمجتمع المدني، في سباق مع الزمن من أجل استيفاء شروط اللائحة الانتخابية تحسبا للاستحقاق القادم، خاصة في ظل التسهيلات التي رصدتها السلطة لفئة الشباب من أجل دخول المعترك السياسي، حيث تتكفل الحكومة ببعض أعباء الدعاية للوائح الشبابية كالملصقات الإشهارية ومجانية صالات التجمعات، فضلا عن التكفل النسبي بتمويل الحملة.

وتسود حركية لافتة في الشارع الجزائري تحسبا للاستحقاق الانتخابي المقبل، تجسدت في رغبة الكثير من الشبان في استثمار الفرصة وتجريب حظهم في اللعبة السياسية والبرلمانية، وذلك رغم أجواء الغموض التي تخيّم على المشهد العام بسبب بوادر المقاطعة والعزوف، واستمرار الاحتجاجات السياسية الرافضة لأي انتخابات في ظل السلطة القائمة.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، قد استقبل خلال الأيام الماضية منسق تكتل المسار الجديد منذر بودن، كواحد من المنظومة الشبابية التي يراهن عليها لدخول المعترك السياسي وكسر حاجز العزوف والمقاطعة اللذين باتا يؤرقان السلطة، خاصة بعد تجربتي الانتخابات الرئاسية والاستفتاء الشعبي على الدستور.

السلطة الجزائرية رصدت تسهيلات للشباب لدخول المعترك السياسي على غرار التكفل ببعض أعباء الدعاية للوائح الشبابية

وأكد بودن في اتصال مع “العرب”، بأن “وفد تكتل المسار الجديد لمس لدى رئيس الجمهورية، إرادة قوية من أجل تشجيع ودعم الشباب على دخول السباق الانتخابي والمشاركة الفعالة في صناعة المشهد السياسي المنتظر”.

وأضاف “لأول مرة تبدي السلطة نية قوية لبناء شراكة سياسية مع فعاليات المجتمع المدني، والكرة الآن في ملعب الجمعيات والمنظمات والهيئات لتنظيم نفسها، والتقدم لخوض السباق، والأصداء الأولية تشير إلى إقدام شبابي غير مسبوق في الاستحقاقات الانتخابية”.

غير أن توجه السلطة في هذا المنحى أثار مخاوف وانتقادات أحزاب سياسية ومناوئين لها، على غرار حركة “حمس” (حركة المجتمع والسلم) الإخوانية التي حذرت من سيناريو تكرار تجربة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، لما أسسته السلطة في 1996، وحاز على الأغلبية في انتخابات 1997، فوصف بـ”المولود الذي ولد بشواربه”.

وفي المقابل ذهب رافضون للانتخابات التشريعية، في مسيرة الطلبة والمواطنين المنتظمة الثلاثاء، إلى أن “ما تقوم به السلطة في هذا الشأن هو رشوة سياسية لإغراء الشباب، وتكرار تجارب سابقة نفذتها من أجل شراء السلم الاجتماعي وتمرير استحقاقاتها السياسية، لأنها تعتقد بتلك المحفزات ستكسر حاجز العزوف ومقاطعة الاستحقاق”.

ومع توقعات بحضور قوي للوائح الشبابية المستقلة في البرلمان القادم، بشكل يمثل وعاء نيابيا داعما للرئيس تبون، الذي ابتعد عن الأذرع الحزبية التقليدية، فإن الأنظار تتوجه إلى استشراف معالم المجلس المذكور، في ظل التوازنات المستجدة.

وتجتهد السلطة بشتى الوسائل من أجل هندسة مشهد سياسي جديد، ينهي هيمنة الأحزاب التقليدية، وفتح المجال أمام الوافدين الشباب، وكسر حاجز العزوف، ولذلك ذكرت السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات مجددا بشروط الترشح وبالبند رقم 200 في قانون الانتخابات الجديد.

وهذا البند قطع الطريق على ممارسة المهمة البرلمانية لأكثر من عهدتين متتابعتين أو منفصلتين، ليجد بذلك الكثير من النواب البرلمانيين خارج المشهد، لاسيما وأن بعضهم قضى ثلاث وأربع عهدات، خاصة للمحسوبين على التيار الإخواني، على غرار لخضر بن خلاف.

كما شدد على حظر أي علاقة بين المترشح للانتخابات وبين ما أسماه بـ”الأوساط المالية المشبوهة”، وذلك في إطار خطاب “التصدي  بحزم لاستعمال المال في شراء الذمم”، وذكر بيان السلطة المستقلة بأن “المترشح يجب ألا يكون معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الخيار الحر للناخبين”.

4