أزمة قناة السويس تشل تجارة التجزئة العالمية

شلت أزمة توقف الملاحة في قناة السويس تجارة التجزئة العالمية في أوروبا وأميركا بالتزامن مع مخاوف من طول أمد الأزمة في وقت تشهد فيه أسعار النفط قفزة مدفوعة بالمخاوف من تواصل الضغوط على إمدادات الخام والمنتجات المكررة.
لندن – لا يقتصر جنوح سفينة حاويات عملاقة في قناة السويس بمصر على عرقلة حركة الملاحة في القناة فحسب بل قد يتجاوز الأمر مداه ليضع المزيد من العراقيل والصعاب أمام تجار التجزئة الأوروبيين والأميركيين في ما يتعلق بتوفير المنتجات خلال جائحة فايروس كورونا.
وتعد أزمة السفينة التي بدأت يوم الثلاثاء وقد تستمر لأسابيع أحدث أزمة تتعرض لها عمليات التوريد العالمية التي شهدت تحولا كبيرا عندما دفعت عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كورونا المستهلكين الذين لزموا منازلهم إلى تحديث كل ما يتعلق بالأثاث والأجهزة في تلك المنازل.
وقالت شركتا إيكيا، أكبر مجموعة لبيع الأثاث في العالم، وديكسونز كارفون للأجهزة الكهربائية ومقرها لندن لرويترز إنهما ضمن شركات التجزئة التي لها سلع على متن السفينة الجانحة.
وأكدت شركة بلوكر لبيع الأجهزة المنزلية ومقرها أمستردام أنها تواجه تأخيرا في وصول السلع الخاصة بها، لكنها لم تذكر أي تفاصيل. وأضافت الشركة التي تشرف على جهود الإنقاذ أن الأمر قد يستغرق أسابيع لإعادة تعويم السفينة إيفر جيفن التي جنحت في القناة أثناء عاصفة رملية.
وأدت زيادة الواردات نحو أوروبا والولايات المتحدة بسبب الجائحة إلى توقف الحاويات الفارغة في المناطق الخاطئة تماما ورفعت تكلفة الشحن وتسببت في اختناقات في الموانئ البحرية مما يؤثر على قطاع النقل ويهدد بتفاقم المشكلة.
وقال دوجلاس كينت النائب التنفيذي لجمعية إدارة سلسلة التوريد (إيه.أس.سي.أم) “السفن والحاويات والسلع كلها في الأماكن الخطأ”.
وتقدر صحيفة “لويدز ليست” المتخصصة في شؤون الشحن البحري أن ما يقرب من 9.6 مليار دولار من البضائع المعبأة في حاويات تمر عبر قناة السويس يوميا. وقال خبراء إن الآلاف من الحاويات الفارغة عادت إلى المصانع الآسيوية عبر القناة.
ولدى شركة إيكيا للأثاث حوالي 110 حاويات على السفينة الجانحة في قناة السويس وتتحرى عدد صناديق المنتجات الموجودة على السفن الأخرى التي تنتظر دخول القناة.
وقال هانس مارد المتحدث باسم العلامة التجارية لإيكيا وإنتر إيكيا المانحة حق الامتياز “اعتمادا على كيفية استمرار هذا العمل (إعادة تعويم السفينة) والوقت الذي يستغرقه إنهاء العملية فقد يؤدي ذلك إلى فرض قيود على سلسلة التوريد الخاصة بنا”.
وقال ريتشارد روش رئيس اللجنة الفرعية في الجمعية الوطنية للجمارك وشركات وكلاء الشحن الأميركية “هذا حدث مدمر في سوق مشحونة بالفعل حيث تسبب ارتفاع الطلب في عمليات تأخير مما حال دون وصول السلع المستوردة إلى أرفف المتاجر في الوقت المناسب”.
وتتفاقم المشكلات المتعلقة بشحن الحاويات في أوروبا حيث تعاني موانئ رئيسية مثل أنتويرب في بلجيكا وفيليكستو في بريطانيا من التكدس. لكن الولايات المتحدة مفتوحة على الشرق وسواحل الخليج ويقول خبراء إن نحو 45 في المئة من حجم البضائع في ميناء نيويورك ونيوجيرزي بالولايات المتحدة يمر عبر قناة السويس.
ولم يصدر أي تعليق على الفور من شركة وول مارت التي تستخدم الموانئ البحرية في الجنوب الشرقي وأجزاء أخرى من البلاد أو من منافستها على الإنترنت أمازون.
وتصدرت شركات أميركية مثل نايك وبيلوتون عناوين الأخبار في المطالبة بملايين الدولارات من التكلفة المتعلقة بتأخير الشحن وتعطيل وصول المنتج. ومن المتوقع أن تؤدي مدفوعات، ضمن حزمة إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار أقرها الرئيس جو بايدن لتحفيز الاقتصاد والمساعدة على مواجهة تداعيات كورونا، إلى تعزيز طلب المستهلكين وتكثيف الضغوط.
وفي غضون أيام يمكن أن يبدأ التسابق على إعادة توجيه البضائع مما يجعل تجار التجزئة في حالة تنافس مع صناعات أخرى للحصول على أماكن شحن بأسعار باهظة.

وقال أوليفر تشابمان الشريك البريطاني للمشتريات في سلسلة التوريد “أو.سي.آي” إن “134 حاوية من معدات أدوات الحماية الشخصية التي تشمل قفازات وكمامات من المقرر إرسالها في نهاية المطاف إلى منظمات مثل خدمة الصحة الوطنية في إنجلترا ونورثويل هيلث في نيويورك موجودة على متن تسع سفن عالقة خلف إيفر جيفن”.
وذكر أن “خدمة السكك الحديدية البديلة من آسيا إلى أوروبا مزدحمة بالفعل والشحن الجوي باهظ التكلفة”. وتقوم مجموعته فعلا بإعادة توجيه بعض الشحنات الأميركية إلى ميناء لوس أنجلس الذي يرزح تحت وطأة فيض من السلع.
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 4 في المئة بفعل مخاوف من أن تعويم ناقلة حاويات عملاقة جانحة تعوق حركة الملاحة في قناة السويس قد يستغرق أسابيع، مما قد يفرض ضغوطا على إمدادات الخام والمنتجات المكررة.
ويشكل ذلك انتعاشا من نزول حاد في الجلسة السابقة على خلفية مخاوف من تأثر الطلب نتيجة إجراءات إغلاق جديدة مرتبطة بفايروس كورونا في أوروبا.
وشهدت سوق النفط تقلبا هذا الأسبوع، إذ يوازن المستثمرون بين التأثير المحتمل للتكدس في قناة السويس الذي بدأ يوم الثلاثاء وأثر إجراءات الإغلاق الجديدة المرتبطة بفايروس كورونا.
وقالت باولا رودريجز ماسيو نائب رئيس أسواق النفط في ريستاد إنرجي “السوق اليوم في صعود من جديد مع تغير موقف المتعاملين لاعتبارهم أن أثر الإغلاق في قناة السويس على تدفقات النفط وتوصيل الإمدادات أكبر مما كانوا يتوقعون سابقا”.
ويسبب توقف قناة السويس اضطرابا نجم عنه ارتفاع تكاليف الشحن لناقلات المنتجات البترولية إلى المثلين تقريبا أواخر الأسبوع الماضي وتحويل عدة سفن مسارها بعيدا عن المجرى المائي.