أحزاب مغربية تنقل معركة القاسم الانتخابي إلى المحكمة الدستورية

الرباط - نقلت أحزاب مغربية معركة القاسم الانتخابي المثيرة للجدل إلى المحكمة الدستورية، حيث من المرتقب أن تحسم المحكمة خلال أيام في مدى دستورية قانون القاسم الانتخابي لانتخاب أعضاء مجلس النواب على أساس المسجلين، والذي أيدته غالبية الأحزاب فيما رفضه بشدة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وأكد رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب مصطفى إبراهيمي في تصريحات صحافية، أن “احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين”، يخالف “المقتضيات الدستورية، التي تنص على أن التصويت هو الذي يعبر عن إرادة الأمة، وأن الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم”.
كما اعتبر المتحدث ذاته أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، وفق الصيغة التي تقدمت بها كتل الأغلبية والمعارضة، باستثناء فريق العدالة والتنمية، “سيحول العملية الانتخابية إلى توزيع للمقاعد بين الأحزاب المشاركة بالتساوي، ومن دون منافسة للمشهد السياسي، والمؤسساتي”.
وفيما يراهن العدالة والتنمية على المحكمة الدستورية لإسقاط تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، تؤكد أحزاب المعارضة أن تعديل طريقة حساب القاسم الانتخابي “ينطلق من غايات ترُوم توسيع دائرة المشاركة السياسية، وتحسيس الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية بأهمية مشاركتهم”، وأن “طريقة حساب القاسم الانتخابي في الانتخابات السابقة على أساس المصوتين، أدى عمليا، إلى إبعاد توجهات سياسية من التمثيل النيابي، وأضعف البعض منها”.
وأشار الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي في حديثه لـ”العرب”، إلى أن “مذكرة الملاحظات التي رفعها العدالة والتنمية، للمحكمة الدستورية بشأن القاسم المشترك، فارغة شكلا ومضمونا وتحاول جلب تعاطف القاضي الدستوري بدفوعات لا ترقى إلى المستوى المطلوب من حزب يقود الحكومة منذ عقد وهو خال من خبراء في المادة الدستورية”.
واعتبر الشرقاوي أن الإجراءات الانتخابية هي اختصاص محفوظ للمشرع ما لم يتم تنظيمها بمقتضيات دستورية صريحة، فهي إجراء تشريعي لا دخل للقاضي الدستوري في تقديره، إلا من زاوية مدى مسه بالمبادئ والثوابت والمقاصد الدستورية.
وينص الفصل 85 من الدستور المغربي على أنه “لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور”.
وفي وقت عارض فيه العدالة والتنمية القانون أيدته أحزاب من خارج الائتلاف الحكومي مثل الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتقدم والاشتراكية، إلى جانب أحزاب أخرى من داخل الأغلبية الحكومية، مثل التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي.
ووجهت مجموعة من الأحزاب المعارضة مذكرة مشتركة إلى المحكمة الدستورية للدفاع عن دستورية التعديلات التي أدخلها البرلمان على القوانين الانتخابية، ضمنها اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس على أساس المصوتين.
واعتبرت المذكرة التي تقدم بها كل من “الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية” أن القاسم الانتخابي الجديد لا يتعارض مع أي من الاختيارات الدستورية الكبرى، ولا يعارض أي مبدأ من المبادئ التي تحكم بناء المؤسسات التمثيلية وحسن سيرها، مشيرة إلى أن الدستور لا يتضمن أي قاعدة مؤسسة أو مُتصلة بموضوع النظام الانتخابي، بحيث إنه لم يُحدد نمطا معينا للاقتراع يُرجى اتباعه، أو قواعد للعدالة الانتخابية تؤخذ بعين الاعتبار.
ودافع الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض نزار بركة في تصريحات صحافية، بأن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية “سيضمن تحقيق أغلبية متقاربة ولن يؤثر على ترتيب الأحزاب بالمقارنة مع القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المعبر عنها”.
من جهته أكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعدالدين العثماني، على أن التعديلات التي جاءت ضد المنطق الديمقراطي لها تفسير واحد وهو أنها تستهدف حظوظ حزبه العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.
وشدد العثماني على أن حزبه سيواصل بجميع الوسائل الدستورية والقانونية والسياسية التصدي لتعديل القاسم الانتخابي كما سيواصل التعبئة من أجل ذلك.
وعكس ما ذهب إليه قادة العدالة والتنمية، اعتبر خبراء قانون أن القاسم الانتخابي في صيغته الجديدة سيؤدي إلى بناء تحالفات حزبية قوية وأغلبية مريحة.
وتساءل أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط عباس الوردي خلال مداخله في ندوة تطرقت لموضوع المنظومة الانتخابية في المغرب، قائلا “كيف يمكن لأحزاب سياسية أن تؤطر المواطنين بينما هي تعيش أزمات داخلية”، مضيفا أن “نمط الاقتراع الجديد لا يقصي أي حزب”.
وأكد المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، أن “القاسم الانتخابي يبقى مجرد جزئية تقنية صغيرة في منظومة قوانين متعددة تعكس التطور الديمقراطي الذي يتميز به المغرب داخل المنطقة، كمحصلة لعقود من النضال الديمقراطي ومن الإبداع الفكري والسياسي والقانوني”.
وأوضح الشرقاوي أن “المذكرة التي تقدمت بها أحزاب المعارضة للمحكمة الدستورية، للدفاع عن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، جاءت لتعبر بلغة قانونية محترفة سنتهي النقاش القانوني والتقني، وستكشف عن مدى قدرة الأحزاب على إغراء المواطن للذهاب إلى صناديق الاقتراع”.
وفي الـ6 من مارس الجاري، أقر مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) مشروع القانون التنظيمي للمجلس، نص على تعديل طريقة حساب “القاسم الانتخابي” الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية وبالمجالس البلدية بعد الاقتراع.
وصادق مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) عليه في الـ12 من الشهر ذاته، وبعد نشر القانون في الجريدة الرسمية يدخل حيز التنفيذ، وهو ما لم يتم حتى اليوم. ووفق التعديل الجديد، ستتم قسمة مجموع الناخبين المسجلين على عدد المقاعد بدل قسمة عدد الأصوات الصحيحة.