عُمان تقلّص تدريجيا عدد العمال الوافدين

اقتصاد عُمان تأثّر خلال العام الماضي جراء تفشي كورونا وانخفاض أسعار النفط ما ترك آثارا عميقة على نتائج أعمال الشركات العاملة في السوق المحلية.
الأربعاء 2021/03/24
آن الأوان لحزم الأمتعة

 مسقط – تتقدّم سلطنة عمان بتدرّج وثبات في عملية إصلاح سوق الشغل باتّجاه التقليص من عدد العمّال الوافدين في القطاعين الخاص والعام وتعويضهم بيد عاملة محلّية، وذلك بهدف توفير مناصب الشغل للمواطنين والتخفيف من عبء التحويلات المالية للعمال الأجانب نحو بلدانهم الأصلية في ظل ما فرضته جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط من ضغوط على اقتصاد السلطنة وماليتها العامّة.

وأعلنت وزارة العمل العمانية، الثلاثاء، أنّ أكثر من 46 ألف عامل وافد غادروا البلاد نهائيا خلال نحو 5 أشهر.

وجاء ذلك في إطار مبادرة أطلقتها الوزارة منتصف أكتوبر الماضي وسمحت بموجبها للعمالة الأجنبية بالمغادرة إلى بلدانها نهائيا مع إعفائها وإعفاء أصحاب العمل من كافة الرسوم والغرامات المقررة في تلك الحالة.

ونقلت وكالة الأنباء العمانية عن وزارة العمل قولها إن الأجانب الذين قدموا طلبات للاستفادة من المبادرة منذ إطلاقها بلغ 65.17 ألفا غادر منهم فعليا 46.35 ألف عامل.

وذكرت الوزارة أن المبادرة ستنتهي في 31 مارس الجاري “ولن يتم النظر في الطلبات التي ترد بعد هذا التاريخ على أن تغادر القوى العاملة الوافدة المستفيدة من فترة السماح قبل 30 يونيو المقبل”.

وتلتزم العمالة الوافدة بدفع رسوم إقامة تجدد بشكل سنوي، ولا يسمح للوافدين بمغادرة البلاد دون الحصول على إذن مكتوب من أرباب العمل، وشهادات براءة ذمة من الجهات الرسمية. وجاءت مبادرة وزارة العمل ضمن الخطوات الهادفة لتخفيف الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا ولتحقيق التوازن فـي سوق العمل حيث تتبنى السلطات نهجا متصاعدا في اتجاه توطين الوظائف.

وتأثر اقتصاد عُمان خلال العام الماضي جراء تفشي كورونا وانخفاض أسعار النفط ما ترك آثارا عميقة على نتائج أعمال الشركات العاملة في السوق المحلية.

وسجل اقتصاد السلطنة انكماشا بنسبة 6.4 في المئة في 2020 تحت ضغوط الجائحة وفق تقديرات لصندوق النقد الدولي صدرت في 12 فبراير الماضي. واتسع عجز الموازنة العمانية ليشكل 17.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في نهاية 2020، مرتفعا من 13 في المئة في نهاية 2019، وفق الصندوق.

46350

عاملا وافدا غادروا سلطنة عمان نهائيا خلال الخمسة أشهر الماضية

وكان أعلن في يناير الماضي عن قرار السلطات العمانية استثناء المقيمين الأجانب من عدة قطاعات ومهن لتصبح حكرا على المواطنين في الدولة الساعية لتنفيذ حزمة كبيرة من الإصلاحات يطول الكثير منها الاقتصاد سعيا لتنشيطه والرفع من إنتاجيته، بما في ذلك خلق المزيد من الوظائف للمواطنين العمانيين المقبلين على سوق العمل بشكل متزايد.

وأعلنت وزارة العمل العمانية آنذاك عن “توطين عدد من المهن في منشآت القطاع الخاص حيث سيتم تطبيقها بعدم تجديد تراخيص مزاولة العمل للعاملين حاليا بعد انتهائها”. وأوضحت أن ممارسة هذه المهن “ستقتصر على العمانيين فقط” على أن تدخل حيز التنفيذ بعد نحو ستة أشهر.

ولم تطرح الشركات الخاصة والمستثمرون أي إشكالات حول تنفيذ القرار الحكومي نظرا لما تمتّعت به تلك الشركات من مزايا وتسهيلات، من جهة، ونظرا أيضا لحرصها على مواصلة العمل في عمان التي تظلّ بيئة مناسبة للاستثمار بما تتميّز به من أمن واستقرار، ومن استمرارية للدولة تجلّت في عملية انتقال السلطة بهدوء بعد وفاة سلطان عمان السابق قابوس بن سعيد مطلع العام الماضي، واستلام السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم من بعده.

ومن بين المهن التي أصبحت حكرا على المواطنين العمانيين دون الوافدين، المهن الإدارية والمالية في شركات التأمين والبيع والمحاسبة والصرافة وترتيب البضائع في المحلات بالمجمعات التجارية الاستهلاكية، ومهن تدقيق الحسابات في وكالات السيارات.

كما تشمل بيع السيارات الجديدة والمستخدمة، ونشاط بيع قطع الغيار للمركبات الجديدة التابعة لوكالات السيارات، وقيادة المركبات الخاصة بنقل المواد الزراعية والوقود والمواد الغذائية.

وكانت عمان التي تواجه العديد من التحديات الاقتصادية قد دعت في شهر أبريل من العام الماضي الشركات العامة إلى استبدال موظفيها الأجانب في المواقع المسؤولة بالمواطنين.

وشدّد وزير العمل العماني محاد بن سعيد باعوين لدى توجيه تلك الدعوة على أهمية تدريب وتأهيل القوى العاملة الوطنية على رأس العمل والاستفادة من الخدمات التي تقدمها الوزارة في هذا الجانب، مؤكّدا عمل السلطات على تذليل الصعوبات وتقديم التسهيلات اللازمة وتبسيط الإجراءات لتعزيز إسهام الشركات الحكومية في توفير وظائف جديدة للعمانيين سواء بشكل مباشر فيها أو في الشركات التي تتعاقد معها من الباطن.

وأقام ملايين الأجانب في دول الخليج منذ عقود، لكن هذه الدول بدأت خلال السنوات الأخيرة بتطبيق سياسات تهدف إلى تعزيز اندماج مواطنيها في سوق العمل، ضمن برامج أطلقت عليها عناوين مشتقّة من أسماء تلك الدول مثل “العَوْمنة” و“السَعْودة” والتكويت”.

ويشكل الوافدون حوالي 40 في المئة من سكان عمان البالغ عددهم 4.5 ملايين نسمة، لكنّ الظروف الاقتصادية والمالية للسلطنة لم تسمح باستقبال المزيد من العمال الأجانب الذين يشكّلون بما يحولونه من أموال نحو بلدانهم الأصلية مصدر استنزاف لرصيد السلطنة من العُملة.

3