حكومة الكويت تجنح إلى التهدئة مع البرلمان

الكويت - تراجعت الحكومة الكويتية بعد تهديدها باتخاذ إجراءات قانونية بحق نواب في البرلمان بسبب خرقهم القواعد الصحية المتّخذة ضمن إجراءات الحدّ من انتشار فايروس كورونا وذلك بمشاركتهم في تجمّعات ضمّت أعدادا من الحضور مخالفة لما هو مسموح به في نطاق تلك الإجراءات.
وجاء ذلك لتجنب أزمة سياسية بين الحكومة والبرلمان، وبعد تدخّل من أمير البلاد الشيخ نوّاف الأحمد الجابر الصباح.
وأعلن رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح أن القيادة السياسية للبلاد أصدرت توجيهاتها بسحب البلاغات التي قدمتها وزارة الداخلية مؤخرا ضد بعض التجمعات التي عقدها النواب بحضور مواطنين خلال جائحة كورونا.
ودعا رئيس الوزراء، الذي شكل حكومة جديدة هذا الشهر بعد أن استقالت حكومته السابقة في يناير الماضي في أول مواجهة لها مع البرلمان المنتخب، في بيان إلى “تعاون الجميع في مواجهة فايروس كورونا والالتزام بتوجيهات السلطات الصحية”.
ولم يذكر البيان عدد النواب المحالين للنيابة العامّة من قبل وزارة الداخلية لكن وسائل إعلام محلّية قالت إنّ 38 نائبا أحيلوا على خلفية تجمعات أعقبت انتخابات مجلس الأمّة بالمخالفة للاشتراطات الصحية.
وقبل ذلك كان قد أحيل على التحقيق عدد من النواب شاركوا في ندوة نظمها بدر الداهوم قبل إسقاط عضويته في البرلمان من قبل المحكمة الدستورية بناء على طعن أقامه مقدّموه على صدور حكم قضائي سابق ضدّه في قضية إساءة للذات الأميرية.
سحب البلاغات التي قدمتها وزارة الداخلية ضد النواب جاء بتوجيه من القيادة السياسية بغرض التهدئة بين السلطتين
وأعلن رئيس البرلمان مرزوق الغانم في وقت سابق أنه تم إبلاغه بشكل غير رسمي بإحالته إلى النيابة العامة بسبب بعض التجمعات والاحتفالات التي تمت في ديوانه معترفا بأن هذه التجمعات “خالفت الإجراءات الصحية”.
وشكلت خطوة إحالة النواب للنيابة العامة أحدث حلقة في المواجهة المستمرة بين الحكومة والبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي.
وكان أمير الكويت الذي يمنحه الدستور الكلمة العليا في شؤون البلاد قد أصدر مرسوما بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمّة لمدة شهر اعتبارا من 18 فبراير الماضي. واعتبر محللون في حينها أن هذه الفترة كافية ليتمكن رئيس الوزراء خلالها من تشكيل حكومته دون ضغوط نيابية كما تمنحه فرصة للتوصل إلى حلول لأهم القضايا العالقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وتوجه رئيس الوزراء إلى أمير البلاد ونائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد “بالشكر والتقدير على التوجيه بسحب البلاغات” التي قدمتها وزارة الداخلية. وأكد تقديره “للإخوة أعضاء مجلس الأمّة”.
ويتمتّع برلمان الكويت بسلطات واسعة حيث يمكن للنواب عرقلة التشريعات واستجواب رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.
وفي الكثير من الأحيان تؤدي المواجهة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى أزمات سياسية تنتج عنها تغييرات حكومية أو إقالة الحكومة وحل البرلمان، الأمر الذي أعاق جهود الإصلاح الاقتصادي على مدى عقود.
وتسعى الحكومة جاهدة في الوقت الحالي إلى التغلب على أسوأ أزمة سيولة تواجهها الكويت الغنية بالنفط وعضو منظمة أوبك، من خلال إقرار قانون يسمح لها بالاستدانة من الأسواق العالمية وهو الأمر الذي يعارضه مجلس الأمة.
واستقالت الحكومة السابقة في يناير الماضي بعد أقل من شهر على تشكيلها بعد أن تقدم ثلاثة نواب معارضين باستجواب لرئيس الحكومة يتهمونه فيه بعدم التعاون مع البرلمان وينتقدون اختياره للوزراء وتصويت الحكومة مع رئيس البرلمان مرزوق الغانم في معركة انتخابات رئاسة المجلس.
وقدم النائبان بدر الداهوم ومحمد المطير في الثامن من مارس الجاري استجوابا جديدا لرئيس الوزراء بعد أقل من أسبوع على إعلان حكومته الجديدة. ورغم أن النائب الداهوم قد تمّ شطب عضويته في البرلمان الأحد الماضي من قبل المحكمة الدستورية إلّا أن نوابا آخرين أبدوا استعدادهم لتبني الاستجواب.