الجزائر تحاول إحياء دورها في مالي

الجزائر - نزلت الجزائر بكل ثقلها الدبلوماسي من أجل استعادة دورها في الملف المالي ومنع قوى إقليمية مؤثرة على غرار فرنسا ومنظمة الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) من الاستئثار بهذا الملف.
وبعد انعقاد اجتماع لجنة متابعة اتفاق السلام بين الفصائل المالية والحكومة بمنطقة كيدال خلال الأسابيع الماضية، بحث رئيسا مالي والجزائر تطورات الأزمة وخطوات تنفيذ الاتفاق المذكور.
وتركزت محادثات الرئيس المالي باه نداو مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، على هامش الزيارة التي يقوم بها إلى الجزائر، على تطورات الأزمة السياسية والأمنية في باماكو ومدى تنفيذ اتفاق السلام المبرم بين الحكومة المحلية والفصائل المناوئة، خاصة بعد اللقاء المنعقد في منطقة كيدال مطلع شهر فبراير الماضي.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها للرئيس المالي الجديد بعد الزيارة التي قادت الرئيس المنقلب عليه من طرف الجيش أبوبكر كايتا في 2015، حيث التقى باه نداو بالعديد من المسؤولين السامين في الجزائر إلى جانب تبون.
وحسب برقية لوكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، فإن هذه “الزيارة ستسمح باستعراض العلاقات الثنائية وسبل تطويرها وترقيتها خدمة للمصالح المشتركة للبلدين، وستكون فرصة للجانبين للوقوف على مدى تطبيق اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر”.
وتدفع الجزائر التي قادت جهودا دبلوماسية في 2015 أفضت إلى توصل فرقاء مالي (حكومة باماكو وفصائل الأزواد) إلى اتفاق سلام على أراضيها، نحو تنفيذ بنود ذلك الاتفاق من أجل استعادة دورها الذي يعد على المحك في ظل حضور قوى مؤثرة في الملف المالي على غرار فرنسا.
ولم يتردد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم في وقت سابق من القول بأن جهود بلاده في مالي تأتي في ظل “المناورات” التي تستهدف خلط الأوراق، في تلميح إلى الدور المتنامي للفرنسيين في المنطقة، ولدور منظمة غرب أفريقيا “الأيكوس” بعد انقلاب الجيش على الرئيس السابق أبوبكر كايتا.
وأشرفت الخارجية الجزائرية في فبراير الماضي، على أشغال الدورة الـ49 للجنة متابعة تنفيذ اتفاق الجزائر المنعقد في منطقة كيدال بشمال البلاد، مما اعتبر تحولا في المسار، على اعتبار أن المنطقة تعتبر القلعة الرئيسية للفصائل الأزوادية.
مالي المجاورة للجزائر لا تزال رهينة اضطرابات سياسية وأمنية متراكمة منذ نحو 10 سنوات جعلتها جبهة مفتوحة على كل الأجندات
وأعلنت حينها عن التوصل إلى افتكاك تعهدات دولية لإعادة إعمار شمال مالي وأن فرنسا تعهدت بتقديم مساهمة بـ2 مليون يورو لصالح مشاريع تنمية لمناطق شمال مالي، فيما وعدت بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) بتمويل إنجاز سد مائي بمليون دولار.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية في الجزائر بأن “رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون استقبل بالجزائر العاصمة رئيس الدولة المالي باه نداو، الذي يقوم بزيارة عمل وصداقة إلى الجزائر، وجرى اللقاء بمقر رئاسة الجمهورية، بحضور كل من مدير الديوان برئاسة الجمهورية نور الدين بغداد دايج وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية كمال بلجود، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق سعيد شنقريحة”.
وأضافت “كان الرئيس المالي قد شرع السبت في زيارة عمل وصداقة إلى الجزائر، حيث تسمح هذه الزيارة باستعراض العلاقات الثنائية الأخوية التي تجمع الجزائر ومالي وسبل تطويرها وترقيتها خدمة للمصالح المشتركة”.
ولا زالت مالي المجاورة للجزائر وتجمعهما حدودا برية تفوق الـ700 كلم، رهينة اضطرابات سياسية وأمنية متراكمة منذ نحو 10 سنوات، جعلتها جبهة مفتوحة على كل الأجندات الفاعلة، وحولتها بؤرة توتر مقلقة للأمن الجزائري وخاصرة رخوة في جبهته الجنوبية، ولذلك توليها أهمية قصوى في استراتيجيتها الديبلوماسية والأمنية على اعتبار أنها جزء مهم في عمقها الاستراتيجي.
وتسعى الجزائر إلى تجسيد مسار السلام، لقناعة لديها بأن “استقرار مالي هو دعم لأمنها الاستراتيجي والقومي، وأن الاتفاق المذكور هو الحل الأمثل لإنهاء الخلاف بين الفرقاء الماليين”.
ودعت خلال الدورة السابقة للجنة المتابعة إلى “وضع خارطة طريق جديدة لتنفيذ الاتفاق، تماشيا مع أهداف المرحلة الانتقالية وجدولها الزمني، وعبرت عن دعمها الثابت للمرحلة الانتقالية في باماكو”.
ومن جهته أعلن رئيس وزراء مالي مختار وان عن أربعة محاور كبرى ذات أولوية للحكومة الانتقالية وهي تنشيط عملية نزع السلاح وتسريع إعادة الاندماج وتسريع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية ودعم إجراءات التنمية وإعادة بعث النشاطات الخاصة بالمصالحة الوطنية في البلاد.
وحمل لقاء كيدال الواقعة تحت سيطرة فصيل أزوادي مسلح، رسالة سياسية لأطراف الصراع ولمحيط الأزمة المالية، على جدارة اتفاق السلام الموقع في العام 2015، على حل أزمة البلاد، خاصة وأنه لأول مرة منذ سنوات يرفع علم الدولة الرسمي في المنطقة المتاخمة للحدود الجزائرية.
وأكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم حينها بأن “احتضان مدينة كيدال في شمال مالي لأول مرة، لأشغال الدورة الـ 42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، حدث غير مسبوق، ومؤشر هام من شأنه إعطاء دفعة قوية لهذا المسار الذي ترعاه بلاده”.
وذكر “ترأست اليوم الدورة الـ42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر والتي تحتضنها لأول مرة مدينة كيدال شمال البلاد، وهو حدث غير مسبوق ومؤشر هام من شأنه إعطاء دفعة قوية لمسار السلم والمصالحة الذي ترعاه الجزائر بالتعاون مع المجموعة الدولية الممثلة في اللجنة”.