تونس تخفف قيود الإغلاق لتحفيز القطاع السياحي

دفع ركود القطاع السياحي أحد أهم شرايين حياة الاقتصاد التونسي الحكومة إلى تخفيف إجراءات الحجر الصحي للزائرين، وحظر التجول الليلي والسفر بين المدن، في مسعى لتحفيز الزوار والسياح في وقت يبحث فيه البلد عن منافذ لزيادة الإيرادات.
تونس - قالت الحكومة التونسية الجمعة إنها تأمل في إنقاذ موسم السياحة الصيفي ذي الأهمية الكبيرة للاقتصاد، إذ أعلنت تخفيف قيود مرتبطة بكوفيد – 19 منها إجراءات الحجر الصحي للزائرين وحظر التجول الليلي والسفر بين المدن.
وقالت وزارة الصحة في وقت سابق، إنها ستخفف حظر التجول الليلي بدءا من الاثنين ليكون من الساعة العاشرة مساء، وستلغي الحجر الصحي الإجباري للزوار الذين يحملون تحليلا سلبيا.
وستنهي الحظر المفروض على التنقل بين المدن وستغلق المقاهي والمطاعم بدءا من الثامنة مساء، وذلك في الوقت الذي تهدد فيه صعوبات اقتصادية كبيرة بموسم اقتصادي صعب آخر.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل انكماش الاقتصاد التونسي العام الماضي بنحو 8.8 في المئة، وهو أكبر انكماش في تاريخ البلاد بسبب آثار الأزمة على قطاعات حيوية مثل السياحة والطيران والتصدير.
وقال وزير السياحة الحبيب عمار للصحافيين “بهذه الإجراءات الجديدة أصبحت الرؤية أكثر وضوحا لوكالات الأسفار بخصوص الوجهة التونسية.. أعتقد أن الموسم يمكن أن يبدأ في مايو ويونيو لأن الحجوزات ستبدأ من الآن”.
وأضاف أنه مع انطلاق حملة تطعيم كبيرة متوقعة الأسبوع المقبل “سنتمكن من معالجة الوضع وإنقاذ الموسم السياحي”.
وتراجعت إيرادات السياحة التونسية 65 في المئة في 2020 مقارنة مع 2019، لتصل إلى حوالي 746 مليون دولار في ضربة قوية للقطاع وللاقتصاد المحلي.
وأدت القيود المفروضة على السفر وانتشار فايروس كورونا المستجد حول العالم إلى إغلاق معظم الفنادق في تونس وفقد عشرات الآلاف في قطاع السياحة وظائفهم، مما دفع الحكومة للإعلان عن تسهيلات في قروض لأصحاب الفنادق.
وأغلقت غالبية الفنادق والمنتجعات السياحية في البلاد أبوابها وتم تخصيص عدد قليل منها للحجر الصحي، في منطقة سيدي بوسعيد التي تمثل إحدى أهم وجهات الوافدين الأجانب إجمالا.
ومؤخرا نفذ العشرات من أصحاب المقاهي والمطاعم في تونس الأربعاء وقفة احتجاجية وسط العاصمة، احتجاجا على استمرار حظر التجول الليلي وإغلاق محالهم، فيما تخرج مسيرة بالآلاف في خرق للإجراءات الصحية.
وتظاهر المحتجون في “شارع الحبيب بورقيبة”، وذلك بدعوة من “الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية” (نقابة أرباب العمل).
ورفع المحتجون شعارات تعبر عن تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية من قبيل “أنقذوا تجار وعمال شارع الحبيب بورقيبة”، و”شارع الحبيب بورقيبة للاسترزاق لا لقطع الأرزاق”، و”شارع الحبيب بورقيبة للاحتفالات لا للاحتجاجات” و”ارفعوا الحواجز عن الشارع”.
وطالب العاملون بالمطاعم والمقاهي برفع الحواجز التي أغلقت كل منافذ الشارع الذي يعد متنفس العاصمة ومصدر رزقهم، إلى جانب التأكيد على ضرورة تمكينهم من العمل، خاصة نهاية الأسبوع وبالتحديد السبت الذي يعتبر يوم عطلة للمواطنين وفرصتهم لتحصيل مداخيل مالية محترمة في ظل تداعيات جائحة كوفيد – 19.
واشتكى عدد من العمال المحتجين من حرمانهم من استقبال الزبائن بنسبة كبيرة بسبب قرار رفع الكراسي في توقيت محدد، مما حرمهم من الحصول على إكرامية الخدمات التي تساعدهم نوعا ما في تلبية حاجياتهم اليومية في ظل رواتبهم الزهيدة.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، يشغل قطاع المقاهي والمطاعم أكثر من 20 ألف تونسي، يعمل جزء كبير منهم من دون تغطية اجتماعية.
وكشفت دراسة أصدرها معهد الإحصاء الحكومي أن 35 في المئة من مجموع 1.5 مليون تونسي يعملون في القطاع الموازي، ويشتغلون في القطاع الخدماتي بما في ذلك المقاهي والمطاعم والسياحة.
ويشتكي عمال المقاهي والمطاعم في تونس من الدفع بهم نحو البطالة من دون أي نوع من التغطية الاجتماعية أو التعويض، بعد فرض الحكومة قرارات حظر التجوّل الليلي وتقييد العمال في قطاعات السياحة.

وسبق أن نفذ عمال المقاهي والمطاعم في 16 أكتوبر الماضي تحركات احتجاجية في محافظات تونسية مختلفة ضد القرارات الحكومية، مطالبين بحمايتهم من تداعيات الغلق وحظر التجوّل الليلي في نحو سبع محافظات، من بينها إقليم تونس الكبرى، الذي يقطنه نحو 4 ملايين شخص ويمثل منطقة التركّز الكبرى للمقاهي وصالونات الشاي والمطاعم السياحية.
وتمثل تونس إحدى أهم الوجهات السياحية في شمال أفريقيا بسبب موقعها المتوسطي. وتمتد سواحلها على 1300 كلم. ومن مواقعها الشهيرة إلى جانب الحمامات وسوسة، جزيرة جربة المعروفة بجمال شواطئها. كما يقصد السياح الأوروبيون تونس لاكتشاف صحرائها والاستمتاع بشمسها ومواقعها الأثرية.
وشهدت السياحة في تونس منذ مطلع العقد الحالي ثلاث أزمات حولتها من قطاع داعم لاقتصاد الدولة إلى هش يستدعي دعما متواصلا.
وكان القطاع السياحي قد تلقى ضربات موجعة خلال العام 2015، بفعل سلسلة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت سياحا بمحافظة سوسة الساحلية وأخرى بمتحف باردو بالعاصمة، حيث شهدت تلك الفترة ركودا دفع الحكومة إلى إطلاق خطة للترويج للسياحة وطمأنة الزائرين بخصوص الوضع الأمني.
وتُساهم السياحة بين 8 و14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد التونسي، ومصدرا رئيسا للنقد الأجنبي إلى جانب الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج.
ويجمع خبراء أن جائحة كورونا تمثل توقعا متشائما آخر لتونس التي يعمل ما نسبته أكثر من 10 في المئة من سكانها في قطاع السياحة، وذلك وفقا لبيانات مكتب السياحة، كما أن تونس لا تزال تناضل من أجل التغلب على مشكلاتها الاقتصادية على الرغم من الإصلاحات الديمقراطية التي حققتها.