أحمد الشافعي فنان مصري يجمع بين قوة الكتلة ورهافة اللون

يستلهم الأكاديمي والفنان المصري أحمد الشافعي القيم الجمالية لفنون مصر القديمة ليشكّل من خلالها مفرداته التشكيلية، محاولا بذلك اكتشاف شخصيته المصرية عبر الغوص في فنون الأجداد من المصريين القدامى، باحثا عن القيم التشكيلية في قوة الكتل ومضيفا إليها مسحة من المعاصرة عبر عجينته اللونية.
القاهرة- قال الأكاديمي والفنان التشكيلي المصري أحمد الشافعي، إن المجتمعات العربية لا تزال تنظر إلى الفنون التشكيلية على أنها نوع من الرفاهية، وإن تلك النظرة لا تزال باقية على الرغم ممّا تتمتّع به الحركة التشكيلية العربية من حضور كبير محليا ودوليا، وازدهار وتجدّد وتفرّد.
وأضاف أن “الفنون التشكيلية العربية تتميّز ببصمتها الخاصة في كل منطقة وكل بلد، مثل بلدان الخليج العربي، وبلدان شمال أفريقيا ومن بينها مصر، في ظل تطوّر فكري وتقني يبشر بمستقبل باهر لتلك الفنون”.
وحول حاضر ومستقبل الحركة التشكيلية العربية، أوضح الشافعي، وهو من مؤسسي جمعية الفنانين التشكيليين والمصوّرين في مصر، أنه من المعوقات التي تواجه مسيرة الفنان التشكيلي العربي عدم الاهتمام بدور الفنون التشكيلية في بناء الشخصية العربية وبناء مجتمع صحّي.
وأضاف أن الفنان العربي يواصل، بالرغم من تلك الظروف، مسيرته في التواصل مع الحركة التشكيلية العالمية عبر المشاركة في ما يقام من معارض وفعاليات فنية دولية، ويحقّق المزيد من التقارب مع تلك الحركة عبر تبادل الخبرات والرؤى والإطلاع على ثقافات ومدارس فنية متعددة، وأكّد أن العالم العربي فيه الكثير من الوجوه التشكيلية العالمية التي لم يُسلط الضوء عليها.

المرأة لها حضور قوي للغاية في لوحات أحمد الشافعي
وبالنسبة إلى رؤيته لمكانة المرأة في المشهد التشكيلي العربي، قال الشافعي إن المرأة العربية لها دور قوي ومؤثر في المشهد التشكيلي مع تمكّنها من مفرداتها التشكيلية المرتبطة بموروثها في مجتمعها، ومع التزامها بالمحافظة على عادات مجتمعها وتقاليده، واستعراض قضاياها بشكل فني وجمالي احترافي وبتمكن واقتدار، مشدّدا على أن الفن لا يعرف الجنس وأن الإبداع التشكيلي هو نتاج لشعور إنساني بحت، متأثرا بثقافة وتقاليد وموروثات وعادات مجتمعه، منطلقا نحو آفاق أبعد من الحرية اللامحدودة.
وحول موضوعات أعماله الفنية، قال الشافعي إنها تدور حول تجربته كفنان مصري تشغله قضية البحث عن الجذور، حيث اتجه إلى الجنوب في رحلة للبحث عن الأجداد والغوص في التاريخ المصري القديم بصعيد مصر.
وأضاف أنه في بحثه عن الجذور تناول في بداياته الفن المصري القديم بشكل جمالي، ثم بعد ذلك حاول تلخيص أشكال ذلك الفن والخروج بقيم جمالية تحمل خصوصيته، وذلك عبر استخدام تقنيات تصويرية جديدة ومبتكرة تساعده في توصيل رسالته بشكل واضح، وهو يرى أنه مازال مستمرا في رحلة البحث عن الجذور وعن التاريخ، وعن كل ما لم يكتشف بعد من قيم جمالية في فنون مصر القديمة.
وقال إن المرأة هي من الموضوعات المهمّة التي يتناولها في أعماله الفنية، ولها حضور قوي للغاية في لوحاته، وأنه ركّز في مرحلة من مراحله الفنية على رسم الشكل الأنثوي الواقعي في العصور المصرية القديمة، حيث تناول القيم الجمالية والتشكيلية للأنثى، وشكل الملكات وخادماتهنّ، والراقصات والوصيفات، والأميرات في الفن المصري القديم، واهتم بشكل أكبر في الكثير من أعماله بالخط الخارجي للجسد الأنثوي المميّز لدى المرأة في التعبير عن الأنوثة والخصوبة والأمومة أيضا.
وقال الشافعي، الذي أقام 11 معرضا فنيا خاصا، وشارك في العشرات من الورش والملتقيات والمعارض الفنية المشتركة داخل مصر وخارجها، إن تجربته الفنية مفعمة بالتجريب، والمحاولات الجادة للبحث عن الجديد في مجال التقنيات التصويرية والتصميم والتكوين، و”الموتيفات” التي تقترب أكثر من التعبير عن تجربته الذاتية.
وأضاف الفنان والأكاديمي المصري الذي يعمل مدرّسا للتصوير والتشريح الفني في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنصورة، أنه في بداياته الفنية كان ينتمي إلى المدرسة التأثيرية، ثم بعد ذلك أصبح أكثر انتماء لمدرستين هما التجريدية والتجريبية، والمدرسة التعبيرية في بعض الأحيان.
مسيرة الفنان العربي تواجه معوقات حقيقية أهمها عدم الاهتمام بدور الفنون التشكيلية في بناء مجتمع صحي
وفي ما يتعلق بأدواته الفنية وكيفية بنائه للوحاته، قال إنه لا يستخدم الأدوات التقليدية في بناء عمله الفني وأن أساس بناء لوحاته هو بناء الحالة التشكيلية عن طريق وضع بعض المواد والأصباغ الكيميائية بشكل انفعالي وتفاعلي، بهدف إنتاج حالة تثير حفيظته البصرية وتشجّع دافعه الفني والانفعالي لكي يستكمل في بناء العمل باستخدام الأدوات والتقنيات التقليدية وغير التقليدية.
وبالنسبة إلى كيفية ممارسته لعمله الفني، قال الشافعي إنه حين يرسم يعيش حالة من الانفعال يخرج خلالها طاقة كبيرة، يشعر عبرها وكأنه يخرج جزءا من روحه على سطح اللوحة، باستخدام وجداني للألوان والخامات دون تدخل للعقل ودون حسابات مسبقة، ثم يبدأ عمله الفني في النمو والنضج، وسط حالة مزاجية فيها الكثير من المتعة والنشوة، حيث يرى اللوحة وكأنها كائن وليد يضيف إلى تاريخه عملا جديدا يحقّق المزيد من الثراء لذاكرته البصرية.