حملة ضغط على السعودية لإطلاق سراح متشدّدين إسلاميين

محاولة للتسوية في الحقوق بين نشطاء مدنيين ومدانين في قضايا خطرة.
الخميس 2021/02/18
من يدافع عن الهذلول دون العودة منافق في نظر الإسلاميين

الرياض – يجد إسلاميون متضرّرون من مسار الإصلاح والانفتاح الذي بدأ قبل سنوات قليلة في المملكة العربية السعودية، في صعود إدارة ديمقراطية أميركية أقلّ وفاقا مع الرياض مقارنة بسابقتها الجمهورية، فرصة للتحريض ضدّ السلطات السعودية والضغط لإطلاق أيدي رجال دين متشدّدين في المجتمع والقبول بعودتهم إلى المشهد العام واستعادة سطوتهم عليه، وصولا إلى إطلاق سراح بعض رموزهم المسجونين على ذمّة قضايا تتعلق بالإرهاب مثل سلمان العودة.

وبدأت حملة الضغط بالفعل من داخل الساحة الأميركية من خلال عقد مؤتمر افتراضي بهدف نصرة من سمّاهم بعض منظمي المؤتمر والمشاركين فيه “علماء الدين المؤيدين للديمقراطية”.

جيمس دورسي: فكر العودة لا يمثل انشقاقا كاملا عن المدرسة المحافظة والمتطرفة
جيمس دورسي: فكر العودة لا يمثل انشقاقا كاملا عن المدرسة المحافظة والمتطرفة

وقال الكويتي خالد أبوالفضل أستاذ القانون الإسلامي بجامعة كاليفورنيا – لوس أنجلس خلال المؤتمر إنّ “العالم يصنع الحالة التي يدينها بعد ذلك. لكننا في نفس الوقت لا ندين اضطهاد الديمقراطيين المسلمين عندما يقع، كما أننا لا نبذل قصارى جهدنا لحماية هؤلاء الديمقراطيين المسلمين”، مضيفا “أرى أن هناك نفاقا متأصلا عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي”.

ونظم المؤتمرَ المركز العربي للقانون والبحوث ومقره واشنطن لمناقشة وضع سلمان العودة المسجون منذ عام 2017 بتهم تتعلق بالإرهاب.

وعُقد المؤتمر بعد أيام من إطلاق سراح الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول في خطوة اعتبرها مراقبون هادفة إلى التخفيف من حدّة الانتقادات الموجهة للمملكة استباقا لضغوط محتملة من إدارة بايدن التي تعهدت بجعل حقوق الإنسان ركيزة أساسية في سياستها الخارجية.

وركّز مشاركون في المؤتمر على فكرة المساواة في الدفاع عن حقوق الإنسان في السعودية من قبل شخصيات ومنظّمات غربية، بين نشطاء مدنيين مثل لجين الهذلول وإسلاميين مدانين في قضايا خطرة مثل سلمان العودة.

ويوصف العودة ذو الصلات القوية بجماعة الإخوان المسلمين من قبل مناصريه بأنّه “من دعاة الإصلاح الإسلامي” بعد أن حرص على إظهار حدوث تطوّر في فكره نحو الاعتدال عبر تخلّيه عن فكرة “الجهاد ضدّ المحتلّ الأجنبي”.

ويقول الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي في مقال له بعنوان “الإسلاميون يريدون وضع إطار للتعامل الأميركي مع الدعاة المحتجزين” “إنّه في أعقاب الربيع العربي عام 2011 الذي أطاح بقادة تونس ومصر وليبيا واليمن، أصبح العودة من دعاة الثورة السلمية لتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي”.

ويشير دورسي إلى أنّ أبرز الانتقادات الموجّهة للعودة أنّ “تفكيره يمثل اندماجا للمبادئ الغربية مع خلفيته السلفية وليس انشقاقا كاملا عن مدرسة الفكر المحافظة المتطرفة”. كما يشير منتقدوه إلى تردّده “بين الصمت والمصالحة في قضايا الجنس والأقليات مثل الشيعة”.

ويعمل المدافعون عن سلمان العودة وغيره من الإسلاميين الممنوعين من النشاط في السعودية بسبب تشدّدهم على الترويج لفكرة أنّ هؤلاء إصلاحيون مهمّون وعلى الغرب دعمهم والدفاع عنهم في سياق دفاعه عن حقوق الإنسان في المملكة.

ويورد دورسي في مقاله تأكيد أبوالفضل على أهمية من سمّاهم “المفكرين مثل العودة” وضرورة إشراكهم في الدعم الغربي لحقوق الإنسان في السعودية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.

مشاركون في المؤتمر يركزون على فكرة المساواة في الدفاع عن حقوق الإنسان في السعودية من قبل شخصيات ومنظّمات غربية، بين نشطاء مدنيين مثل لجين الهذلول وإسلاميين مدانين في قضايا خطرة مثل سلمان العودة

وقال أبوالفضل “هناك هجوم منظم بشكل جيد ضد جميع أشكال التفكير اللاهوتي في الإسلام الذي يدعم التوفيق بين علم الدين الإسلامي والأخلاق والحكم الديمقراطي والمساءلة في الحكم والسلطة المحدودة في الحكم وسيادة القانون في الحكم ونظام الحقوق”، مضيفا “الديمقراطية الوحيدة التي يمكنها البقاء في العالم الإسلامي هي ديمقراطية تتصالح مع القيم الإسلامية وفكرة الديمقراطية التي تتعارض مع القيم الإسلامية ليس لها مستقبل في العالم الإسلامي”.

ولهذا السبب يضيف الأستاذ الكويتي في القانون الإسلامي “يجب أن تنتهي قصة اضطهاد سلمان العودة. إنها وصمة عار في ضمير عالم حقوق الإنسان. سيبقى عالم الدعوة للديمقراطية في حالة دائمة من النفاق طالما بقي أشخاص مثل سلمان العودة في السجن يواجهون مستقبلا مظلما”.

ويشير دورسي في مقاله إلى أنّ كلام أبوالفضل يتضمّن اتهاما للحكومات والنشطاء الغربيين بالإساءة “لأنفسهم عندما لا يركزون بشكل متساو على إخراج نشطاء المجتمع المدني العلمانيين والمعارضين الدينيين من السجن”.

ولا يبدو أنّ أبوالفضل يستند في حملته لنصرة العودة على نشاطه الفكري فحسب، بل يعمل كذلك على توظيف صلاته بمنظمات حقوق الإنسان التي لطالما استخدمت كرأس حربة في حملات الضغط على السعودية، حيث يعمل عضوا في المجلس الاستشاري لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

3