لقاح كورونا في الصومال: مهمة صعبة بين تشكيك وتمرد

إعلان وزارة الصحة الصومالية عن توفير اللقاح لا يلقى أي صدى لدى الصومالين رغم تزايد الإصابات اليومية.
الخميس 2021/02/18
كورونا هاجس حكومي لا يهم المواطنين

مقديشو - في وقت يعاني فيه العالم شللا شبه تام في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بسبب تداعيات جائحة كورونا، يمارس معظم الصوماليين حياتهم بشكل طبيعي دون مراعاة أدنى تدابير الوقاية وكأن الفايروس لا يعنيهم.

يبدو أن مكافحة كورونا في الصومال صارت هاجسا حكوميا لا يتعدى إلى يوميات المواطن الذي يبدو متجاهلا لجهود وزارة الصحة لتوفير لقاح مضاد للفايروس، وسط شكوك طبية حول فعالية نوع اللقاح الذي أعلنت عنه وزارة الصحة مؤخرا.

ولا يلقى إعلان الوزارة عن توفير اللقاح أي صدى لدى الشارع الصومالي، رغم مخاوف من بدء موجة ثانية للفايروس جراء تزايد عدد الإصابات اليومية.

وقالت الوزارة في 3 فبراير الجاري إنها ستوفر مليونا و224 ألف جرعة من لقاح “أكسفورد – أسترازينيكا” البريطاني، وسيتم توفيرها على مراحل لحين إيصاله إلى جميع الأقاليم الصومالية.

وحتى الثلاثاء سجل الصومال إجمالا 5 آلاف و373 إصابة بالفايروس، منها 163 وفاة و3 آلاف و750 حالة تعاف.

وتلاشت مظاهر التدابير الصحية للوقاية من الوباء في الميادين والأسواق والأماكن العامة وحتى المؤسسات الحكومية.

وهو أمر بات مزعجا لوزارة الصحة والطواقم الطبية التي تبذل جهودا حثيثة للحد من انتشار الفايروس.

وقال التاجر أحمد عمر إن هوس الفايروس انتهى بالنسبة إليه ولا داعي للخوف مجددا، أما اللقاح فلا حديث عنه فالأمور طبيعية وليس عنده مبرر ليأخذ اللقاح.

السلطات الصومالية تواجه تحديات أخرى، أبرزها إيصال اللقاح إلى بعض المناطق والأقاليم الخاضعة لسيطرة حركة الشباب الإسلامية المتطرفة

أما الطالبة أيان يوسف فارح فقالت “أؤمن بإجراءات الوقاية من الفايروس وأكتفي بها في هذه المرحلة، لكن إذا زادت خطورته فأحاول أن آخذه (اللقاح) عند الضرورة”.

وتعمل الحكومة الصومالية، من خلال وزارة الصحة، على إيصال اللقاح إلى جميع أنحاء البلاد مع وصول الشحنة الأولى منه أواخر فبراير الجاري.

وبحسب الوزارة، فإن استراتيجيتها ستضمن إيصال الجرعات إلى الفئات المستهدفة وفي مقدمتها الموظفين في الخطوط الأمامية والعاملين في القطاع الصحي وكبار السن فوق 50 عاما، إضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة.

وشددت الوزارة على أن منظومتها الصحية قادرة على تنظيم عملية التلقيح وإيصال اللقاح إلى مستحقيه، مستندة إلى خبرتها الطويلة السابقة في الحملات الوطنية الناجحة كحملة التلقيح ضد شلل الأطفال.

ومن المتوقع توفير لقاحات لما يزيد عن 3 ملايين شخص، أي 20 في المئة من سكان الصومال البالغ عددهم أكثر من 12 مليون نسمة، فيما تبحث الحكومة عن تمويل لتلقيح بقية السكان.

وتسللت إلى نفوس أطباء وصيادلة في الصومال مخاوف وشكوك بشأن فعالية اللقاحات، لاسيما بعد إعلان الوزارة عن تدبير لقاح أكسفورد – أسترازينيكا الذي أثبتت دراسات أن فعاليته تبلغ 70 في المئة فقط.

وقال محمد أحمد، عضو سابق بقسم مكافحة الفايروس في مستشفى مرتين الحكومي، إن لقاح أكسفورد – أسترازينيكا هو الأقل تكلفة وفعالية من لقاحي فايزر – بيونتيك وموديرنا.

واعتبر أن هذا اللقاح قد يؤدي إلى نتائج عكسية، نظرا لعيوبه خلال التجارب السريرية في بعض المناطق.

فيما قال الصيدلاني محيي الدين عمر إن اعتماد هذه الفصيلة دون خيارات لفصائل أخرى قد يؤدي إلى عزوف المواطنين عن تلقي اللقاح المتوفر حاليا، بحجة فعاليته التي لا تزيد عن 70 في المئة.

وأضاف عمر للأناضول أن من حق المواطن الحصول على لقاح أكثر أمانا حتى لا يعرض نفسه للخطر.

Thumbnail

وبشأن تنظيم عملية التلقيح، قال مدير اللجنة الوطنية لمكافحة الفايروس، الدكتور محمد محمود علي إن المرحلة الأولى تستهدف العاملين في المجال الصحي ثم الفئات الأكثر عرضة للفايروس إلى أن تشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين.

وشدد علي على أن مسألة التوزيع ستكون عادلة في جميع فئات المجتمع، دون إجبار أحد على أخذ اللقاح، حيث سيصل للراغبين فقط.

وحول قلة فاعلية لقاح أكسفورد – أسترازينيكا مقارنة باللقاحات الأخرى المتوفرة عالميا، قال علي إن هذا اللقاح جيد ومجرب ويناسب بلدنا نظرا لدرجات التخزين التي يتطلبها وسهولة نقله إلى أماكن أخرى.

ويمكن تخزين هذا اللقاح داخل ثلاجة عادية في درجات حرارة تتراوح بين 2 و8 مئوية، بينما يتطلب تخزين موديرنا في 20 درجة تحت الصفر مقابل 70 درجة تحت الصفر للقاح فايزر – بيونتيك.

وكغيره من البلدان الفقيرة، يستفيد الصومال من “كوكافس”، وهي آلية أطلقتها منظمة الصحة العالمية، ومعنية بتوزيع عادل للقاحات ضد كورونا، وخصوصا على الدول الفقيرة.

وقالت وزيرة الصحة الصومالية فوزية ابيكر إن الوزارة سجلت ارتفاعا ملحوظا في الإصابات منذ يناير الماضي، داعية المواطنين إلى توخي الحذر واتباع تدابير الوقاية من الفايروس.

وبجانب الشكوك في فعالية اللقاح المنتظر، تواجه السلطات الصومالية تحديات أخرى، أبرزها إيصال اللقاح إلى بعض المناطق والأقاليم الخاضعة لسيطرة حركة الشباب الإسلامية المتطرفة.

ومنذ سنوات يخوض الصومال حربا ضد الشباب، وهي حركة مسلحة تأسست مطلع 2004 وتتبع تنظيم القاعدة فكريا وتبنت هجمات إرهابية عديدة أودت بحياة المئات من عناصر عسكرية وأمنية ومدنيين.‎

5