ريو دي جانيرو تفقد كرنفالها لأول مرة منذ قرن

ريو دي جانيرو (البرازيل) - عادة تبدأ مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية كرنفالها الشهير في الفترة الممتدة بين 12 و17 فبراير من كل عام، لكن بدلا من الفرق الموسيقية والراقصين يستضيف ملعب “سامبادروم” الذي تقام فيه عروض مدارس السامبا هذا العام حملة التلقيح ضد فايروس كورونا.
فقد أجبرت الجائحة سلطات ريو دي جانيرو على إلغاء الكرنفال لأول مرة منذ 109 سنوات، تاركة المدينة الشاطئية متشوقة جدا لأكبر احتفال تنظمه كل عام.
وقالت نيلسيمار نوغييرا مؤسسة متحف السامبا (سامبا ميوزيوم) في ريو دي جانيرو “بالنسبة إلى كل من يحب رقص السامبا وعزف موسيقاها، بالنسبة إلى جميع السكان الأفرو – برازيليين، هذا وقت صعب جدا”.
وأضافت من المتحف -حيث أحيت مجموعة صغيرة من الموسيقيين ذكرى ضحايا كورونا في البرازيل البالغ عددهم 237 ألف شخص، في ثاني أعلى حصيلة للوفيات في العالم بعد الولايات المتحدة- “بدلا من الاحتفال نحن نبكي موتانا”.
مدرّجات ملعب "سامبادروم" الذي عادة تتواجه فيه أفضل مدارس السامبا خلال الكرنفال فقدت هذا العام جمهورها
ومن المقاطع الموسيقية التي عزفت “السامبا تعاني.. لكنها لا تموت” لمؤلفها نيلسون سارجينتو البالغ من العمر 96 عاما، والذي قدم على كرسي متحرّك لحضور الاحتفال بعد تلقيه لقاحا ضد فايروس كورونا.
وعلى مقربة من المتحف يقع ملعب “سامبادروم”، وهو المكان الذي تتواجه فيه أفضل مدارس السامبا في ريو دي جانيرو خلال الكرنفال، إلاّ أن مدرّجاته كانت خالية وصامتة هذا العام رغم أن الجادة التي تمتد في الوسط تعجّ بالنشاط. فقد حوّل مسؤولو المدينة الشارع إلى مركز للتلقيح. ومن بين أول من تم تطعيمهم مؤلف موسيقى السامبا الشهير موناركو البالغ من العمر 87 عاما.
وقال موناركو “يجب أن يأتي كل المسنين لتلقي اللقاح”، مضيفا “أفتقد أصدقائي في مدرسة بورتيلا سامبا الذين توفوا بسبب كوفيد – 19. أفتقد الملحن ألدير بلانك ومغني السامبا وعازف الآلات أوربيراني”.
وأقيمت في ليلة الافتتاح طقوس الكرنفال السنوية في “سامبادروم” بمشهد اختلطت فيه المشاعر، فبدلا من تسليم مفتاح المدينة إلى “ملك” الكرنفال المعروف باسم ريي مومو -وهو التقليد المتبع في افتتاح كرنفال ريو- أعطى رئيس البلدية إدواردو باييس المفتاح بشكل رمزي لزوج من العاملين الصحيين. وتناقض لباسهما الطبي وقناعهما الجراحيان بشكل صارخ مع تاج الملك مومو المرصّع وحيوية الكرنفال. وقال باييس “لن ننظم الكرنفال هذا العام، لأننا نريد إنقاذ الأرواح”.
ووعد باييس بأوقات مقبلة تكون أفضل، حيث يمضي برنامج التحصين الشامل قدما وتتباطأ معدلات الإصابة. وقال للضيوف خلال الحفل “في عام 2022 سيكون لدينا أفضل كرنفال في تاريخ العالم. سيكون لدينا كرنفال لا يُنسى لنعوّض به هذا العام، والذي لا نحتفل به بسعادة”.
وتقوم السلطات البرازيلية بقمع حفلات الشوارع التي تجذب عادة ملايين المحتفلين طوال موسم الكرنفال وتسمى “بلوكوس”. ونشرت ريو دي جانيرو -موطن أكبر هذه الحفلات في العالم- أكثر من ألف شرطي لمنع الناس من الاحتفال هذا الأسبوع. وتشمل عقوبات انتهاك الحظر السجن لمدة تصل إلى عام، لكن هذا الأمر لم يحل دون إقامة العديد من الحفلات السرية.
وفرضت العاصمة برازيليا غرامة قدرها 20 ألف ريال برازيلي (3700 دولار) على المشاركة في الحفلات، فيما أطلقت ساو باولو -أكبر مدينة في البرازيل- برنامجا يضم 380 حدثا افتراضيا، مثل التجمعات عبر الإنترنت وورش عمل خاصة بالسامبا ومؤتمرات عبر الفيديو للذين يشعرون بأعراض الانسحاب المتعلقة بالكرنفال.
وبدلا من ذلك أعادت قناة “تي في غلوبو” -أكبر محطة تلفزيونية في البرازيل تكرّس عادة تغطية شاملة للكرنفال- تقديم 28 عرضا من أهم العروض ليلتَيْ الأحد والاثنين، وهما الليلتان اللتان تقدّم خلالهما مدارس السامبا عروضها الجماهيرية. وعادة يجذب الكرنفال ملايين السياح من كل أنحاء البرازيل والعالم إلى ريو دي جانيرو.
ودرّ الكرنفال في العام الماضي ما يقدر بحوالي 750 مليون دولار على المدينة، لكن المشهد بدا مغايرا تماما هذه السنة، إذ تأثرت سلبا كل جوانب النشاط الاقتصادي المتصلة بالكرنفال. فقد ترك إلغاء الكرنفال المئات من موظفي مدارس السامبا عاطلين عن العمل، من بينهم مصمّمو الأزياء ومصمّمو الرقصات والراقصون والفنيون وغيرهم ممّن يحضرون عادة العروض المذهلة.
أما الفنادق التي تكون عادة ممتلئة في هذا الوقت من كل عام فتبلغ نسبة الإشغال فيها 50 في المئة فقط.