السلطة الجديدة في الجزائر تمر إلى خطوة ثانية لتثبيت أركانها

تسريع الخطى لتنظيم انتخابات مبكرة لا تحظى بالإجماع.
الاثنين 2021/02/15
الجزائريون سيعودون قريبا إلى مراكز الاقتراع

سرّعت السلطة الجديدة في الجزائر بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون من وتيرةَ تحركاتها من أجل تنفيذ أجنداتها وتعهداتها التي كان قد أطلقها خلال حملته الانتخابية، حيث من المقرر أن يحل تبون البرلمان في الأيام المقبلة تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة وذلك بعد أن تم تمرير الدستور الجديد.

الجزائر - تتجه السلطة الجزائرية إلى تجسيد خطوة جديدة في مسار تثبيت أركانها وتطويق أزمة الشرعية التي تلاحقها منذ تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، فبعد تمرير الدستور الجديد الذي رسم معالم المرحلة الجديدة للبلاد يجري تسريع الخطى من أجل تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة.

وتصاعدت مؤشرات الذهاب إلى تنظيم انتخابات مبكرة قبل نهاية السداسي الجاري بعد شروع الرئيس عبدالمجيد تبون فور عودته من رحلته العلاجية الثانية بألمانيا في مشاورات سياسية مع عدد من قادة الأحزاب السياسية، كان آخرهم رئيس أكبر الأحزاب الإخوانية (حمس) عبدالرزاق مقري الذي التقى أمس الأحد الرئيس تبون في قصر المرادية.

وكان قادة أحزاب سياسية -على غرار جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد، وعبدالقادر بن قرينة رئيس حركة البناء الإخوانية، وبلعيد عبدالعزيز رئيس حركة المستقبل- قد أكدوا لوسائل إعلام محلية عزم الرئيس حل البرلمان خلال الأيام القليلة القادمة والإعلان عن موعد تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

ويبدو أن المسألة دخلت مرحلة اللارجوع رغم الغموض الذي يلف المشهد الاجتماعي والسياسي في البلاد، ولاسيما أن الأمر تزامن مع حملة تعبئة قوية على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل العودة الى الاحتجاجات السياسية بداية من الثلاثاء القادم بمناسبة الذكرى الثانية لحراك 22 فبراير 2019.

ووسط مواقف متضاربة بين الأحزاب السياسية الناشطة حول جدوى الانتخابات المذكورة في حل الأزمة التي تتخبط فيها البلاد خلال السنوات الأخيرة تعول السلطة على الاستحقاق المذكور من أجل المرور إلى مرحلة جديدة في مسار تثبيت أركانها وتحصيل شرعية المؤسسات المستجدة بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

جيلالي سفيان: الانتخابات التشريعية خيار آمن لتستعيد المؤسسات شرعيتها
جيلالي سفيان: الانتخابات التشريعية خيار آمن لتستعيد المؤسسات شرعيتها

وفيما رحبت القوى السياسية الموالية للسلطة أو الدائرة في فلكها بالانتخابات المبكرة بدعوى طي صفحة المرحلة السابقة وإفراز مؤسسات جديدة تتمتع بالشرعية الشعبية؛ حيث ذكر رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان في تصريح له للصحافيين عقب خروجه من مكتب رئيس الجمهورية أن “النضال السياسي لن يكون بالمسيرات فقط، وإنما يمكن أن يكون بالمشاركة في المؤسسات، وأن الانتخابات التشريعية المبكرة هي الخيار الآمن لاستعادة شرعية المؤسسات”، ألمحت أحزاب معارضة أخرى -على غرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، وحزب العمال- إلى مقاطعة الاستحقاق لاعتقادها أن “الانتخابات المبكرة لن تحل الأزمة السياسية المعقدة، لاسيما في ظل استمرار التهديدات الرسمية للحريات السياسية والإعلامية وتجاهل مطالب الحراك الشعبي والإمعان في سياسة القمع والغلق للمشهد السياسي والإعلامي”.

وكان البرلمان الحالي بغرفتيه المنبثق عن انتخابات عام 2017 قد زكى مختلف المشاريع القانونية والبرامج التي أطلقتها السلطة، بما فيها قانونا الاستثمار والمحروقات اللذين تمت تزكيتهما حتى قبل انتخاب تبون رئيسا للبلاد إلى جانب قانوني الموازنة للعامين الأخيرين، رغم الغضب الشعبي الذي أثارته التشريعات المذكورة.

ورغم اتهامه بالفساد والرشوة والمحسوبية -لاسيما بعد صدور إفادات وصفت بـ”الخطيرة” من طرف النائب البرلماني عن حزب جبهة التحرير الوطني المسجون بهاء الدين طليبة بشأن “عملية بيع وشراء المقاعد النيابية في لوائح الترشيح ووصول سعرها إلى نصف مليون دولار”- ظلت السلطة الجديدة تعتمد على البرلمان في تمرير أجندتها.

وأثار خبراء دستوريون فرقا بين المبادرة بحل البرلمان والإعلان عن موعد الانتخابات من جهة وبين الإعلان عن الموعد والإبقاء على البرلمان في حالة نشاط إلى غاية إفراز البرلمان الجديد من جهة أخرى؛ على اعتبار أن الحل مغامرة تنطوي على مخاطرة دستورية في حال توازيها مع أي شغور قسري في مؤسسة الرئاسة، لكنها تبقى رسالة غزل لفعاليات الحراك الشعبي وخطوة للتهدئة، أما استمراره إلى غاية الموعد المذكور فيضمن سلاسة في مؤسسات الدولة، ولو أنه يعيق النواب الذين يريدون التجديد لأنفسهم في الانتخابات الجديدة.

ولا يزال الجدل قائما في الجزائر حول قانون الانتخابات الجديد الذي سيكون منصة إفراز المؤسسات المنتخبة الجديدة بسبب المخاوف التي عبرت عنها أحزاب عديدة خاصة المستجدة منها، في ما يتعلق ببقاء عتبة الأربعة في المئة حيز التنفيذ والمناصفة بين الرجال والنساء في لوائح الترشيح ومنح 30 في المئة من اللائحة للشباب الأقل من 35 عاما.

وكان تحالف ظرفي للأحزاب المعنية قد رفع عريضة للرئيس عبدالمجيد تبون من أجل التدخل لمراجعة المسألة والأخذ بعين الاعتبار وضعية التشكيلات الحزبية التي لم يسبق لها أن شاركت في أي من الاستحقاقات الانتخابية السابقة.

4