مرحبا عام البقرة

غدا الجمعة يحتفل الصينيون ببداية عام البقرة ضمن تقويمهم الفلكي، كل مؤشراتهم الموروثة من تجارب آلاف السنين تبشر بأن يكون العام الجديد أفضل بكثير من سابقه؛ فهناك حيث يبدأ الربيع مع بداية العام الجديد وتزهر أشجار اللوز لتنشر بياض الثلج على السهول والمرتفعات يخرج الصينيون إلى الحقول ويدخلون في حوار مع الطبيعة الأم ويستعيدون عاداتهم وتقاليدهم العريقة.
يقول مثل صيني “البقرة ليست مريحة في الشتاء، ولكن لا تقلق بشأن الحرث في الربيع”. وفي الثقافة الصينية ترمز البقرة إلى اليُمن والشجاعة والولاء والاجتهاد والانفتاح والكسب الوفير وإلى الطقس الجميل والحظ السعيد، حتى أنها توصف بقلب العالم.
ومع صبر كبير ورغبة في إحراز تقدم يمكن للثور تحقيق أهدافه من خلال الجهد المستمر. لا يتأثر كثيرا بالآخرين أو بالبيئة المحيطة، يصرّ على فعل الأشياء وفقا لمثله وقدراته.
ووفق الفلك الصيني سيكون العام 2021 ذو اللون الأبيض مناسبة للمكافأة على العمل، وسيكون الحظ السعيد لمن يجتهد أكثر، وسيشعر الإنسان حيثما كان بمسؤوليته، هذا يبدو أمرا إيجابيا، فعلى الأقل هناك محاولات جادة لتجاوز كوارث العام الماضي مع اقتراب الربيع.
في الصين القديمة كانت الأبقار تقدّم كقرابين في الجنة، وتُستخدم عظامها في التكهن، وأكتافها مخصصة للحفر عليها بالكتابة والرموز، ولحمها يؤكل، وجلدها يستفاد منه في أغراض شتى، ويقال إنه مع اضمحلال الأوضاع في بلاط مملكة تشو قرر لاو تسي مؤسس العقيدة الطاوية مغادرة العاصمة لويانغ، وعندما وصل إلى ممر هانقو كان قد أتم كتابه “داو ده جينغ” (الأخلاق) ومن هناك خرج على ظهر بقرة خضراء ولم يعلم أحد وجهته، وقال البعض إنه عاش ستين عاما في حين ذهب آخرون إلى أنه عاش مئتي عام.
البقرة مقدسة في حضارات عدة، فالهندوس مثلا يضعونها في صدارة الاحترام ويعتبرونها رمزا للوفرة بسبب إنتاجها الحليب، ولذلك يمتنعون عن أكل لحمها، ولا يسمح إلا للمنبوذين بتناوله، شريطة أن تكون البقرة ميتة، ويقول عنها الزعيم غاندي “هي أم الملايين من الهنود، وحمايتها تعني حماية كل المخلوقات، إن الأم البقرة أفضل من الأم التي ولدتنا من عدة طرق”، وفي “ساماويدا” الكتاب المقدس عند اليهود “أيتها البقرة المقدسة، لك التمجيد والدعاء، في كل مظهر تظهرين به، أنثى تدرين اللبن في الفجر وعند الغسق، أو عجلا صغيرا، أو ثورا كبيرا، فلنعد لك مكانا واسعا نظيفا يليق بك، وماء نقيا تشربينه، لعلك تنعمين هنا بالسعادة”.
قبائل المنداري في جنوب السودان تعتبر الاستحمام وغسل الرأس ببول الأبقار من الطقوس المهمة، والتي تساعد على تطهير الجسد من الأمراض، وقبيلة “المسيرية” السودانية تقيس ثراء ووجاهة الشخص بعدد الأبقار التي يملكها، والتي يعتبر بيعها من النقائص نظرا للقداسة التي تحيط بها، وقبائل “الماساي” الأفريقية لا تذبح البقرة وإنما تسحب منها دما تخلطه مع الحليب ليشربه الراغبون في الصحة والقوة.
عند المصريين كانت البقرة رمزا للإلهة “حتحور” إلهة السماء والحب والجمال والسعادة والموسيقى والخصوبة، وفي الديانات الإبراهيمية تعتبر ذبيحة مقدسة، وينتظر المتدينون اليهود ظهور “دوماه” البقرة الصغيرة الحمراء التي لم تستخدم في حمل أو حرث أو عمل لتأذن لهم بدخول الهيكل وليحرقوها من بعد بغاية التطهر برمادها، وعند المسلمين تعتبر “البقرة” أطول سور القرآن وتضم آية الكرسي التي توصف بأنها أعظم آيات القرآن.
غدا يبدأ عام البقرة، ويقال عام الثور: كل عام وأنتم بخير.