المنصة السداسية مشروع أردوغان للتغلغل في القوقاز

أنقرة - أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تدوير مشروع المنصة السداسية التي يرى فيها مراقبون بديلا عن مجموعة مينسك (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا) لإيجاد حلول للأزمات بمنطقة القوقاز في حال نشوب صراعات.
ويقول محللون إن المبادرة تهدف إلى إطلاق يد أنقرة في اتخاذ القرار بالمنطقة من جهة، وتحجيم الدور الروسي أو على الأقل أن تكون ندا قويا على ساحة القوقاز ووجها لوجه مع روسيا من جهة ثانية.
ومنذ إعلان وقف إطلاق النار في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان وتحقيق الأخيرة أهدافها بدعم تركي على كافة الأصعدة، بدأت أنقرة التسويق لنفسها بوصفها راعية لمظلة تشمل دول القوقاز بالإضافة إلى إيران وروسيا.
ونشرت الذراع الإعلامية لحكومة العدالة والتنمية، وكالة أنباء الأناضول، تقريرا تحت عنوان “المنصة السداسية الإقليمية فرصة ثمينة لأرمينيا”، وذلك في إطار حملة إعلامية تهدف إلى الترويج لهذه المنصة.
وبحسب الوكالة وفي إطار الإغراءات لمنصة أردوغان، فإن الانضمام إلى المنصة السداسية في القوقاز، سيتيح الاستفادة من الفرص والميزات الإقليمية، وسيحقق الاستقرار الاقتصادي وتقليص الاعتماد على الغرب.
ونقلت الوكالة عن أردوغان قوله، إن المنصة السداسية المقترحة هي “مبادرة ستوفر فرصا رابحة لكل الأطراف، وإذا انخرطت أرمينيا في هذا المسار وأقدمت على خطوات إيجابية يمكن فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الأرمنية، ما سيتيح ليريفان مكاسب كبيرة”.
وتضم المنصة السداسية التي تسعى تركيا إلى تشكيلها كلّا من (تركيا وأذربيجان وروسيا وإيران وجورجيا، إضافةً إلى أرمينيا في حال قبولها الدعوة)، ما يعني تهميش أي دور للغرب وهي معادلة قد تحظى بدعم روسيا.
وبينما دعت الولايات المتحدة مجموعة مينسك إلى التوسط، وقدمت الصين مساعي لإنهاء الخلاف، ودعت روسيا إلى الهدوء وإنهاء القتال، وعرضت إيران التوسط في المحادثات، كانت تركيا قد وضعت نفسها إلى جانب طرف واحد في النزاع، فليس لأردوغان مصلحة في حل نزاع بطريقة لا تعزز من مكانته في أذربيجان ونفوذه السياسي في منطقة القوقاز ثم ليتوج ذلك بإقامة مشروعه، المنصة السداسية.
ويشير متابعون إلى أنه لو توفر خيار آخر لاستبعدت أنقرة كلا من إيران وروسيا من أية تسوية أو أي تجمعات جيوسياسية لكنها تعلم جيدا أن النفاذ إلى القوقاز يحمل حساسيات خطيرة لدى كلا البلدين ولهذا لجأ أردوغان إلى نوع من المناورة سعى من خلالها إلى احتواء إيران وروسيا.
ولا تصب هذه المبادرة في مصلحة روسيا، لكن موسكو في سياستها المناوئة للغرب ترى في أردوغان حليفا مرحليا قبلته على مضض، وأمرا واقعا لأسباب إثنية ودينية وتاريخية فرضت نفسها ومنحته فرصة أن تكون له عين دائمة على القوقاز وهو ما ستتقبله موسكو إلى حين ما دام لا يضرب مصالحها الكبرى واستراتيجياتها.
وتمددت تركيا في القوقاز بعدما نصرت حليفها الأذري إلهام علييف ودحرت أرمينيا على خلفيات تاريخية وصراع قديم يرتبط بالإبادة الجماعية للأرمن، ما مكنها من وجود دائم واستثمارات متنوعة وأخيرا إقامة مرصد تركي – روسي يبقي عينها على القوقاز.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن مركزا مشتركا بين تركيا وروسيا لمراقبة وقف إطلاق النار في ناغورني قرة باغ قد بدأ العمل فعليا.
وأضاف أكار في بيان أن عسكريين أتراكا سيعملون في المركز لدعم جهود ضمان استمرار وقف إطلاق النار.
واتفقت تركيا وروسيا على إنشاء هذا المركز المشترك لمراقبة وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين أذربيجان وأرمينيا في نوفمبر الماضي.
وحققت أنقرة أهدافا عدة في تدخلها بالقوقاز، إذ باعت أسلحة لأذربيجان محققة أرباحا لصناعة الدفاع. وفي الأثناء، عملت على إثارة فكرة القومية التركية، داعية الأذريين إلى التعرف على قربهم الطبيعي من الأتراك واحتضانهم، وهي دعوة يدعمها التقارب بين اللغتين.