إدمان الأبناء للتسوق يرهق الآباء نفسيا ويستنزف قدراتهم المالية

الإلحاح يعد سلوكا مزعجا وأداة الضغط الأولى التي يتقن الأطفال استخدامها، خاصة في السنوات الأولى من أعمارهم.
الأربعاء 2021/01/27
الإلحاح يزداد في مراكز التسوق

تونس – لا تخلو مراكز التسوق من وجود طفل غاضب ويبكي لإجبار والديه على تلبية رغباته وشراء كل ما يريده، وهو سلوك يرهق الآباء والأمهات ويستنزف قدراتهم المادية.

وأكد أخصائيو التربية وعلم النفس أنه دون تعليم وتوجيه مالي مناسب من طرف أولياء الأمور، ينزلق الأطفال إلى طريق إدمان التسوق، موضحين أنه عندما يكون الشخص مدمنا على التسوق، فإنه يجد صعوبة في التوقف عن الإنفاق.

وأشاروا إلى أن الآباء والأمهات يعملون لساعات طويلة، فيسعون إلى تعويض الأبناء عن الوقت الذي يقضونه بعيدا عن المنزل عن طريق تلبية جميع رغباتهم وزيادة المشتريات التي تخصهم، مما يضع الأطفال في وضع يسمح لهم بالشراء وغالبا ما يرون الإنفاق أمرا طبيعيا.

وأكدوا أن إدمان التسوق لا يختلف كثيرا عن إدمان الكحول أو إدمان المخدرات، من حيث أنه يمكن أن يتسبب في إطلاق مواد كيميائية جيدة مثل هرمون السيروتونين الذي يؤثر على العواطف. وكلما اندفع الطفل نحو التسوق، شعر بشعور أفضل، وبمرور الوقت، قد يذهب إلى التسوق مرارا وتكرارا كوسيلة ليكون سعيدا، محذرين من أن هذا الأمر قد يساعد الطفل على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل فإنه يهيئه لسوء التخطيط والإدارة الماليين.

وكشفت دراسة تونسية سابقة أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك، أن قوّة تأثير الإشهار على الأطفال تكمن في تحوّلهم أكثر فأكثر إلى مستهلكين حقيقيين. وللحصول على ما يريدون يضغطون  على أمّهاتهم وآبائهم إلى أن يخضعوا وينصاعوا لرغباتهم في شراء ما يريدونه حتى وإن تجاوز ذلك قدراتهم المادية.

وأكد أخصائيو التربية أن الإلحاح يعد سلوكا مزعجا وأداة الضغط الأولى التي يتقن استخدامها الأطفال، خاصة في السنوات الأولى من أعمارهم تجاه آبائهم وأمهاتهم؛ لإجبارهم على تلبية رغباتهم، وهذه إحدى خصائص النمو في المراحل الأولى.

وقالوا إن إلحاح الأطفال على الآباء والأمهات لتلبية رغباتهم يزداد في المساحات العامة ومراكز التسوق، وتتمثل أشكال الإلحاح في العدوانية والغضب والصراخ والارتماء على الأرض أو إيذاء الطفل لنفسه إذا لم يتم تنفيذ رغباته. وتدفع قدرة الأطفال على الإلحاح الآباء إلى أن يلجأوا لاتباع أسلوب التعنيف أوالاستسلام وكلاهما خاطئ.

دراسة تونسية: قوّة تأثير الإشهار على الأطفال تكمن في تحوّلهم أكثر فأكثر إلى مستهلكين حقيقيين
دراسة تونسية: قوّة تأثير الإشهار على الأطفال تكمن في تحوّلهم أكثر فأكثر إلى مستهلكين حقيقيين

وأوضحوا أن الإلحاح ليس دائما سلبيا فقد تكون له جوانب إيجابية، فهو ربما يعكس مهارات القيادة والقدرة على التعبير عن النفس، لهذا على الأبوين توظيف هذه الطاقات والصفات لدى طفلهما بشكل إيجابي بدلا من كسر إرادته.

ولفت المختصون إلى أن إدمان الأبناء على التسوق يضع الآباء والأمهات في حالة دائمة من التوتر ويجعلهم تحت ضغط عصبي، مما يضطرهم إلى تلبية رغباتهم التي يعلمون أنها لن تنتهي، حيث أنهم سرعان ما يبدأون في التفكير في طلب جديد، ويبدأون وصلة جديدة من الإلحاح والبكاء، وهكذا تستمر الطلبات بلا نهاية.

وكشفت دراسة سابقة أن أكثر من 90 في المئة من المشتريات العائلية من الحلويات والمرطبات تتم تحت تأثير ضغط الأطفال والمراهقين من الفئة العمرية بين 4 و18 سنة، وبنسبة 80 في المئة من المشتريات من المواد المدرسية، و70 في المئة من الألعاب والألعاب الإلكترونية.

كما بينت أنه منذ سن السابعة يضع الأطفال مباشرة المنتجات التي يختارونها في حاوية التسوق عندما يرافقون أولياءهم للمساحات التجارية، أي دون طلب إذن الشراء.

وبين المختصون أن الأطفال يتعلمون السلوك الاستهلاكي من خلال سلسلة من المواقف ومعاملة الآخرين لهم والأماكن التي يحدث فيها هذا السلوك، وتقدم هذه الأمور الفرصة للطفل لكي يتعلم السلوك الاستهلاكي. وأوضحوا أن الأسرة تؤثر على القدرات المعرفية العامة، تلك التي تؤثر على نمو مهارات الطفل الاستهلاكية.

كما أشاروا إلى أنه يمكن للأسرة أن تساعد على عملية تدريب قدرات الطفل المعرفية في المواقف الاستهلاكية، ويمكنها أيضا أن تؤثر بشكل مباشر على سلوك أطفالها الاستهلاكي أو تعليمهم مهارات استهلاكية، مثل تشجيعهم على اختيار هدايا الأعياد ومناقشة ميزانية الأسرة أمامهم واصطحابهم إلى السوق. ولفت الخبراء إلى أن نمط السلوك الاستهلاكي لدى الطفل يتأصل لديه منذ الصغر، ولذا فهو يتأثر بالكثير من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

وأوصى المختصون الآباء بضرورة الحفاظ على هدوئهم قدر الإمكان إذا ما انتابت طفلهم الصغير نوبة غضب مفاجئة أثناء وجودهم في أحد الأماكن العامة.

21