عباس يتهيأ لأيّ مفاجآت انتخابية تهدد بقاءه في السلطة

تعديلات قضائية تثير شكوك القوى الفلسطينية.
الاثنين 2021/01/25
يتطلع لتغيير وضع متصدع

يحاول الرئيس محمود عباس تلافي أي مفاجآت قد تطرأ خلال الاستحقاقات الانتخابية المقررة بعد أشهر قليلة والتي يمكن أن تهدد بفقدانه القيادة، لاسيما مع وجود رغبة من شق في فتح يرنو إلى تغيير حقيقي في المشهد الفلسطيني.

رام الله - تنشغل الأوساط الفلسطينية هذه الأيام بتتبع خطوات الرئيس محمود عباس (85 عاما)، وعما إذا كان فعلا سيغامر بترشيح نفسه للاستحقاق الرئاسي المقرر في يوليو المقبل، لاسيما مع إبداء شخصيات فتحاوية نيتها للترشح هي الأخرى، على غرار القيادي مروان البرغوثي المعتقل في السجون الإسرائيلية.

وأقدم عباس مؤخرا على إجراء تعديلات على السلطة القضائية، أثارت مخاوف العديد من القوى من سعي الرئيس لفرض سيطرته على القضاء، في خطوة استباقية لمرحلة ما بعد الانتخابات.

وكان مسؤولون مقربون من عباس تعمدوا في الفترة الأخيرة الحديث عن ترشح الأخير لمنصب الرئاسة فيما بدا الغرض جس نبض الشارع الفلسطيني بشأن ذلك، بيد أن الأصداء القادمة تصب في سياق التحفظ على هذه الخطوة.

ويطالب الفلسطينيون بأن تكون الانتخابات المقرر إجراؤها على ثلاث مراحل البوابة الحقيقية لتغيير جذري للقيادة الحالية، لكن مآلات الأمور تشي بعكس ذلك.

ويقول مدير مركز تقدم للسياسات في لندن محمد المشارقة لـ”العرب” إن النظام الفلسطيني قد انتهى تركيبه، بتوزيع مقاعد التشريعي الـ132، بواقع 60 نائبا لحركة فتح و60 نائبا لحماس و12 مقعدا توزعها فتح على فصائل منظمة التحرير، على أن يتولى جبريل الرجوب قيادة المجلس، فيما الرئاسة ستكون دون تنافس لعباس.

محمد المشارقة: توافق مسبق على تسليم جثة منظمة التحرير الهامدة لحماس
محمد المشارقة: توافق مسبق على تسليم جثة منظمة التحرير الهامدة لحماس

ويضيف المشارقة أنه سيتم تمكين حماس من قيادة المجلس الوطني لمنظمة التحرير برئاسة رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل، بعد زيادة تمثيلها في المجلس مع الـ60 مقعدا في التشريعي إلى 175، بمعنى آخر، أن هناك توافقا مسبقا على تسليم جثة منظمة التحرير الهامدة لحركة حماس تتولى بمعرفتها وعلاقاتها إعادة احيائها.

وأصدر عباس في وقت سابق من هذا الشهر مرسوما بإجراء أول انتخابات تشريعية ورئاسية، وانتخابات للمجلس الوطني في عموم الأراضي الفلسطينية منذ 15 عاما، بعد التوافق بهذا الشأن بين حركتي فتح وحماس.

وحدد المرسوم الرئاسي 22 مايو و31 يوليو موعدا للانتخابات البرلمانية والرئاسية على التوالي، بينما تُجرى انتخابات الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية في نهاية أغسطس.

ويرى مراقبون أن الطبخة التي يجري الإعداد لها، تجد معارضات من العديد من الأطراف ومن الشارع الفلسطيني باعتبارها محاولة لتكريس شرعيات فقدت التأييد الشعبي.

ويقول المراقبون إن رهانات عباس السياسية تبقى مهددة من قبل قوى فتحاوية ترنو إلى تغيير حقيقي، ويشيرون إلى أن إمكانية قيام جبهة مضادة واردة، وقد تقلب كل المعايير، وهو ما يحاول عباس تجنبه ويسعى لإقناع الدول العربية المحورية بصوابية السير في التفاهمات مع حماس.

عماد عمر: مروان البرغوثي قد يكون الأقرب لمنافسة الرئيس محمود عباس
عماد عمر: مروان البرغوثي قد يكون الأقرب لمنافسة الرئيس محمود عباس

وأكد عضو تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح، عماد عمر، أن التوافق على مرشحين مستقلين من داخل فتح لخوض الانتخابات المقبلة لم يجر حسمه حتى الآن، لكن هناك أحاديث تتواتر حول ترشح المناضل الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، وقد يكون الأقرب لمنافسة الرئيس محمود عباس.

وأضاف لـ”العرب”، أن تيار الإصلاح سيحسم موقفه النهائي بشأن ترشيح أي من قياداته على منصب الرئاسة عقب الانتهاء من الانتخابات التشريعية أولا، وأن هناك توافقا على الانتظار لما ستؤول إليه نتيجة هذه الانتخابات، فثمة فترة كافية بين مواعيد الاقتراع قد تحدث فيها المزيد من التحولات على الأرض.

وأوضح أن الحديث الدائر بين الفصائل يرتبط بكيفية إجراء الانتخابات وفقا للتعديلات التي أدخلها الرئيس أبومازن على السلطة القضائية، وتعد بمثابة ألغام على طريق مشاورات القاهرة التي من المقرر أن تنطلق مطلع فبراير المقبل، لأن التركيز ينصب على إمكانية اصطحاب قانونيين إلى المباحثات لتفسير تلك التعديلات كي لا تعود الفصائل إلى دائرة الصراع في ما بينها مجددا.

ويقول المراقبون إن على السلطة الفلسطينية تقديم تفسيرات واضحة وصريحة عن كل المراسيم التي أصدرها الرئيس أبومازن، المتعلقة بقانون الانتخابات، وقانون القضاء في الجزء المتعلق  بمرجعية محكمة الانتخابات وآليات تشكيلها، وسلطة المحكمة الدستورية على المجلس التشريعي، لما تشكله من خطورة كبيرة على النظام السياسي الفلسطيني الذي يصبح بمجمله بيد الرئيس.

وهناك جوانب كثيرة غير واضحة، مثل البرنامج الذي ستتم بموجبه تلك الانتخابات، وهل على أساس اتفاق أوسلو أم الوفاق الوطني، والحكومة التي سوف تشرف على الانتخابات، والمحكمة التي تفصل فيها، والجهة أو الجهات الأمنية التي تقوم بتأمين الانتخابات، وتفسير من تثبت عليهم أحكام، وهل ذلك يدخل ضمن قضاء قطاع غزة أم الضفة الغربية، وهل الأحكام السياسية تندرج ضمن تلك الأحكام؟

وشكك الخبير المصري في الشؤون الفلسطينية، سمير غطاس، في إمكانية إجراء الانتخابات من الأساس، وأن حركة حماس لن توافق بسهولة على اختبار شعبيتها مجددا، وتوجد العشرات من الألاعيب التي قد تكون حاضرة خلال الأيام المقبلة للتملص منها، مع أن هذه المرة هي الأكثر جدية، غير أن الصعوبات التي تواجه إجراء الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى تراجع السلطة الفلسطينية عن عقدها.

وأوضح لـ”العرب”، أن حماس لم توافق على إجراء أي اقتراعات في قطاع غزة منذ أن سيطرت عليه بعد انتخابات 2006، إذ منعت إجراء انتخابات المحليات والنقابات، لأنها لا تؤمن أساسا بالديمقراطية، في حين أنها تُمسك القطاع بيد من حديد، ولا تثق في كونها قادرة على الوصول إلى السلطة مجددا.

وأشار إلى أن حماس قد تدفع بأحد مرشحيها في مواجهة أبومازن، حال أُجريت الانتخابات فعلا، لكن من غير المتوقع أن ينافس أبومازن قيادات من فتح، وسوف يكون هناك عدد من المستقلين ينافسونه، لكن تبقى إمكانية فوزهم محدودة للغاية.

2