تركيا أمام مهلة أوروبية أخيرة لتغيير سلوكها

بروكسل – أمهل القادة الأوروبيون تركيا شهرين من أجل تغيير سلوكها العدائي والبرهنة على حسن نواياها من أجل بدء صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، في خطوة قال محللون إنها فرصة أخيرة قبل فرض بروكسل لعقوبات أشد قسوة على أنقرة، خلال اجتماعهم مارس المقبل.
وعرض الأوروبيون الذين عانوا من تقلبات في مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شروطهم الخميس على موفده مولود تشاوش أوغلو، لتطبيع العلاقات مع تركيا وأبلغوه رفضهم غض الطرف عن سلوك أنقرة “العدائي”.
ولحظ الأوروبيون “عزم” الرئيس التركي على تهدئة العلاقات التي أصبحت مضطربة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم حذرون من “إعلان النوايا” هذا ويريدون “أفعالا ملموسة”.
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبرون “نأمل أن تتحول أقوال الرئيس التركي سريعا إلى أفعال ملموسة ودائمة تثبت إرادته الحسنة الفعلية حيال الاتحاد الأوروبي”.
لكنه حذر من “أن أحدا لن يغض الطرف، فالاتحاد الأوروبي لا يزال عازما على الدفاع عن مصالحه ومصالح الدول الأعضاء فيه، فضلا عن المحافظة على الاستقرار الإقليمي”.
وتابع “نأمل انفراجا دائما في علاقتنا مع تركيا، بحيث يصبح لا لزوم لتوسيع العقوبات في مارس، لكن من الضروري التحقق من أننا جاهزون في حال لم يكن للاتحاد الأوروبي أي خيار آخر”.
ونقاط التوتر كثيرة بين بروكسل وأنقرة، لاسيما النزاع مع اليونان وقبرص وضلوع تركيا في النزاعات في سوريا وناغورني قرة باغ، والخلاف مع باريس، وانتهاكات حظر الأمم المتحدة على الأسلحة في ليبيا، والتحركات العسكرية العدائية في شرق المتوسط.
ومد القادة الأوروبيون اليد للرئيس أردوغان في يوليو 2020، لكنه رفضها. وقرر قادة الدول الأوروبية في ديسمبر فرض عقوبات على أنقرة لاستمرارها في عمليات التنقيب عن الغاز الأحادية الجانب في المنطقة القبرصية الاقتصادية الخالصة.
وسيدرج الأوروبيون أسماء جديدة على قائمة باشروها في نوفمبر 2019 وتضم اسم مسؤولين اثنين في شركة النفط التركية منعا من الحصول على تأشيرات دخول وجمدت أصولهما في الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أسيلبورن “العمل على هذه القائمة جار وهو معقد، ومن المبكر الحديث عن نتائجه أو الموعد المحدد لإنجازه”، إلا أن دبلوماسيا أوروبيا قال إنه قد يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أسماء عدة خلال اجتماع وزراء الخارجية في 25 يناير.
وأمام أنقرة مهلة شهرين لإقناع الاتحاد الأوروبي بحسن نواياها. وسيعرض جوزيب بوريل تقريرا حول العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وسيقترح خيارات على القادة الأوروبيين خلال قمة تعقد في مارس.
ولا يثق الأوروبيون بالرئيس التركي الذي كانت له مواقف متقلبة في الأشهر الأخيرة. وقال بوريل “يبقى الكثير لفتح حوار صريح مع تركيا”.
ومع خسارة الرئيس التركي لدعم الولايات المتحدة ووصول جو بايدن إلى سدة الرئاسة، تغيرت الظروف بالنسبة إلى أردوغان الذي يعاني أيضا “مشاكل اقتصادية هائلة” لا تسمح له بقطع الروابط مع أوروبا أكبر شريك تجاري.
وأوضح مسؤول أوروبي “الوضع ينهار وهو بصدد خسارة الطبقة الوسطى”، فيما قال دبلوماسي رفيع المستوى ساخرا “يحاول الأتراك نيل الرضا، لكن الأوروبيين ينتظرون لمعرفة إن كان هذا السلوك صادقا ومستداما”.
وتعول ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي، على التهدئة. وتوجه وزير خارجيتها هايكو ماس الاثنين إلى أنقرة للإشادة بـ“المؤشرات الإيجابية” الصادرة عن الرئيس التركي و”الإحاطة” بمبادراته.
وقالت ناتالي توتشي مديرة معهد الشؤون الدولية “مع بعض الدول، الصفعة لها فعلها، لكن ليس مع تركيا”.
وتسعى أنقرة إلى التعجيل بتصحيح المسار مع خصومها الأوروبيين وتلطيف الأجواء، في ظل حديث عن رغبة أوروبية في التنسيق مع الولايات المتحدة لمواجهة الأجندات التركية.
ويقول الكاتب برهان الدين دوران إنه خلال الأشهر المقبلة ستقرر الحكومات الغربية البنية الجديدة لـ”التحالف الغربي” وطبيعة تحالفها مع تركيا، حيث سيرتكز هذا القرار أساسا على الواقعية الجيوسياسية عند مواجهة أردوغان.